الأحزاب تقايض لضمان مكاسب سياسية.. الحكومة تطلق آخر رصاصات (الوفاق) بجرعة قاتـــلة!!

> تقرير/ بليغ الحطابي:

> دشنت الحكومة أكبر عملية إصلاح اقتصادية منذ البد بتنفيذ عملية الإصلاحات المالية والإدارية التي انتهجتها اليمن منذ العام 1995 م.
وفيما كان الشارع متوقعا ارتفاعا جزئيا لمواد (البنزين والديزل والغاز) التي شهدت البلاد شحة فيها وعجزا حكوميا على توفير مخصصات تغطية السوق والاستهلاك المحلي توارت الأحزاب والقوى السياسية عن الفعل الجماهيري والانتفاضة الشعبية ضد ما سمي بالقرار الحكومي، برفع تلك المواد بنسبة تتراوح بين 60 % للبنزين و 100 % للديزل.. وهو ما اعتبره سياسيون مقايضة حزبية مفضوحة لجأت إليه الأحزاب لضمان مزيد من المكاسب السياسية في التسوية القادمة التي تبدأ - حسب الصحفي والمحلل السياسي الأخ يحيى علي نوري - بعد تدشين المصالحة الوطنية، بيد أنه أكد أن من حسنات القرار أنه أغلق حنفيات الفساد وقلص نفوذ الفاسدين والنافذين الذين استغلوا البلاد لعشرات السنين وأنهكوا اقتصاده.
** لصوص الأحلام **
وفيما يرى آخرون أن مثل هذه المواقف تبدو على بعض الأحزاب والقوى عادية لا سيما بعد أن ركبت موجة التغيير وسرقت آمال وتطلعات شباب الساحات، وتاجرت بدماء الشباب والأبرياء .. وأضافوا أنها اليوم تعرض ما روجته من مبادئ وقيم عند أول هزيمة لها وأول مشهد للسقوط بعد انتزاع سلطتهم القبلية والعسكرية من عمران.
وبعد افتضاح مخططاتها تجاه التسوية السياسية والانقضاض على ما تبقى من أجزاء السلطة، بعد أن تم خصخصة كل المناصب والتعيينات في أجهزة الدولة المختلفة دون الاعتبار لأية شراكة أو ما قامت على أساسه ثورة الشباب برعونة وهمجية.
ولم يجد أكاديميون واقتصاديون مبررا لحالة الانزواء للحكومة أو لأي من وزرائها في الإعلان عن القرار، وهو ما اعتبره اقتصاديون فضيحة كبرى وامتداد لحالة اللا ثقة التي ورثتها بين المواطن وأجهزة الدولة.
وفي الوقت الذي وجه الرئيس هادي بإجراءات تقشفية منها خفض الإنفاق العام تداول عدد من الأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة لرئيس الوزراء محمد سالم باسندوه عبارة عن توجيه بصرف عيدية لكل وزير من وزرائها (جعالة العيد) خمسة ملايين ريال لكل واحد.
** مفاجأة عيدية **
ولم تنته كوابيس شهر رمضان والتزاماته الكثيرة في ظل استمرار موجة الارتفاع السعرية اللامبررة وعدم وجود رقابة حكومية على ذلك ومحاولات لإنصاف المواطن وإحقاق الحق، فوجئ الشارع اليمني بما وصفه خبراء اقتصاديون بضربة قاتلة قصمت ظهر المواطن الذي تعتصفه عدة أزمات منذ العام 2011 م، وهو قرار رفع أسعار المشتقات بشكل نهائي، الأمر الذي خلف موجة من الاستياء الشعبي، إذ شهدت عدد من المحافظات مظاهرات احتجاجية ساخطة على القرار وخطوات الحكومة للسير بالوطن والمواطن إلى حافة الانهيار، حسب اقتصاديون.. كما شهدت الاحتجاجات صدامات وأعمال عنف أدت إلى سقوط قتلى وجرحى بالعشرات منذ انطلاقها نحو ثلاثة أشهر، حين أعلنت الحكومة في البرلمان عزمها على اللجوء لهذه الخطوة لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار الذي يعاني جملة من الاختلالات، وحسب تقارير دولية من أهم تلك الاختلالات هو فساد حكومة الوفاق التي لم تستطع تفعيل أو اتخاذ أي إجراء لتحسين الاقتصاد ووارداته مقابل الإهدار اللا محدود لواردات اليمن الضئيلة، والتي من أهمها النفط الذي لا يزيد عن 380 ألف برميل يوميا لا تغطي احتياجات السوق المحلية، ولذلك يستورد اليمن النفط لتغطية السوق.
** دعم شبكة الفاسدين **
وفيما تدفع الدولة مبلغ 22 مليار دولار سنويا لدعم المشتقات النفطية، في حين لا يستفيد الشعب منها شيئا. يتفق اقتصاديون بما جاء في تقارير لمراكز أبحاث غربية أن شبكة من الفاسدين النافذين هم المستفيدون من تلك الدعومات، وتنمي ثرواتهم وشركاتهم العابرة للحدود والنشطة أيضا في عملية التهريب الذي يعد أحد التحديات للاقتصاد اليمني، وتحديا بالغا - وفق مراقبين - لما بعد قرار رفع الدعم وأسعار المشتقات.
وأكدت السفيرة البريطانية في اليمن جين ماريوت في تصريح لها في مايو الماضي أن قرار رفع الدعم الذي يعد حاجة لإنقاذ البلاد يستهدف بشكل أكثر أشخاصا بارزين في المنظومة السياسية والقبلية، وهؤلاء - حسب قولها - سيخسرون الكثير من المصالح والأعمال والمال.
** منظومة متكاملة **
أكاديميون ومراقبون اقتصاديون اعتبروا في تصريحاتهم لـ«الأيام» أن القرار مثل قنبلة من العيار الثقيل التي أفسدت على المواطن فرحة عيد الفطر المبارك.. غير أن التخفيف من آثار هذا القرار يأتي عبر مجموعة إجراءات وتدابير يفترض على الدولة اتخاذها وبالذات فيما يتعلق بما أعلنه رئيس الجمهورية قبل عيد الفطر المبارك بضبط الإنفاق العام، وعلى السفريات للوزراء والمسؤولين الحكوميين، وتجميد التوظيف الجديد ومنع شراء السيارات للوزراء ومراجعة جدوى الشركات المملوكة للدولة.
وفيما لم تكن الحكومة ملزمة باتخاذ أو السير باتجاه رفع أسعار المشتقات النفطية أو التضييق على المواطن الفقير الذي يعيش أوضاعا مأساوية، حسب منظمة الأمم المتحدة.. حيث وصل عدد الفقراء إلى أكثر من نصف عدد السكان، حسب التقرير الذي تتفق معه عدد من المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية.
حيث قال مدير مكتب البنك الدولي في اليمن وائل زقوت “إن الحكومة اليمنية غير ملزمة باللجوء إلى رفع جزء من الدعم على مشتقات الوقود إذا أحسنت استغلال الموارد المتاحة وفعلت الإجراءات المتوافرة، وخاصة فيما أعلنه الرئيس هادي على صعيد تحسين أداء بعض المرافق الاقتصادية”.
وإضاف زقوت: “إن لدى الحكومة فرصة لتغيير اتجاه البلاد رغم التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية".
وقال زقوت، بحسب ما ورده في موقع البنك الدولي:"أن الحكومة تستطيع زيادة الإيرادات ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺃﻧﺎﺑﻴﺐ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻮﻋﺎﺀ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲ " ﺩﻭﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﺔ ". ﻭﺃﺿﺎﻑ : " ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﺧﻔﺾ ﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺸﻮﻑ ﺍﻟﺮﻭﺍﺗﺐ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺝ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ، ﻭﺗﺮﺷﻴﺪ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، ﻭﺧﻔﺾ ﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻭﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻬﺎﺩﻑ ﻟﻠﺪﻳﺰﻝ ﻭﺍﻟﺒﻨﺰﻳﻦ . ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ، ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ".
واكد زقوت ان هذه البدائل ناجحة وبامكانها تغطية العجز في الموازنة العامة للدولة.
** غضب الشارع **
قد لجأ الرئيس هادي الى الاعلان عن هذه الاجراءات على النحو الذي يمتص غضب الشارع الذي عمته الفوضى واعمال العنف والتقطع وقطع الطرقات والاعتداء على ناقلات النفط واحراق بعضها في الطرقات العامة.. لكن الحكومة تجاهلت ذلك ولجأت الى اسهل الطرق وهو رفع الدعن عن المشتقات الذي سيجنبها الوقوع في مزالق اتفاقات تم ابرامها مع عدد من الشركات والوكالات العالمية التابعة لعدد من النافذين وبالذات في مجال الطاقة الكهربائية التي تستهلك اكثر من 40%من واردات الديزل..وسبق للرئيس هادي اصدر عدة توجيهات في اجتماع استثنائي بالحكومة يونيو الماضي فور اندلاع الاحتجاجات باستكمال نظام البصمة لماتبقى من وحدات الجيش والامن وتنقية كشف الراتب من المزدوجين وظيفيا واصلاح بعض الاوعية الايرادية.
** قرض صندوق النقد **
وتأتي هذا التوجه كمحاولة اجرتها حكومة -وصمت بالفشل والعار- للحصول على560مليون دولار من صندوق النقد الدولي الذي اشترط اجراء اصلاحات مثل تحسين وتفعيل الاوعية الايرادية الضريبية والجمركية وغيرها مت موارد الخدمات وضبط وحماية انابيب النفط الذي يكلف الدولة خسائر باهظة وحسب تقرير البنك المركزي انه صرف نحو3,3مليار دولار في عمليات التفجير لانابيب النفط خلال الاربعة الاشهر الماضية..
لكن الحكومة فشلت في الحصول على ثقة المانحين الذين تعهدوا بدفع 7,6مليار دولار لدعم عملية التنمية في اليمن وانقاذ الاقتصاد من الانهيار.
ويعد حماية انابيب النفط من التفجيرات اكبر تحد للحكومة المستقبلية التي ستتشكل في ضوء المصالحة الوطنية.. وكان مصدر بوزارة النفط اكد ل(الايام) في وقت سابق ان خسائر البلاد جراء تسرب النفط ومنع التصدير نتيجة تفجير الانبوب بمنطقة صرواح قبل نحو(11)يوما من قبل عناصر مسلحة بالمنطقة..-سبق للايام النشر عنه -ان الخسائر بلغت نحو110مليون دولار خلال تلك الفترة..واعتبر المصدر ذلك كارثة اقتصادية واجتماعية ومالية كبرى.
** تردد المانحون **
ووفق الاخ عبدالله جميل فان تكرار الفشل والاخفاقات لحكومة الوفاق السياسي جعل المانحون مترددون في دعم اليمن وتولدت لديهم حالة من عدم الثقة نتيجة التعامل اللاجدي من الخكومة وقطاعاتها التنموية حينما كان يطلب منها خطط وبرامح تنفيذية.
** جريمة الوفاق **
معتبرا ان جريمة او جرائم هذه الحكومة التي ارتكبتها منذ تشكيلها نوفمبر2011 تتحملها الاحزاب والسياسيين الذين كانوا سببا في الحاق الفشل والعار بهذه الحكومة والتي اساءت لمعنى الوفاق جملة وتفصيلا.
** اتفاق سياسي **
وتداعت المواقف الشعبية والمدنية تجاه هذا القرار الذي اعتبر بالكارثي..فيما انزوت مواقف الاحزاب السياسية التي تحاول كل مرة استغلال اي فعل وطني كما حدث في موجة الغضب التي شهدتها في شهر يونيو الماضي في موقف اعتبره المراقب السياسي احمد بن احمد الفقية موقفا متخاذلا يسعى لكسب او للحفاظ على ماء وجهها سياسيا بينما تغامر بشعبيتها بعد ان نالها خلال الفترات الماضية ومن مجمل الاحداث التي شهدها الوطن هزائم كبيرة وخسارات باهظة فلذلك تلجأ الى المحافظة على علاقتها مع رئاسة الدولة حتى لاتستثنى في تقاسمات ووفاق المستقبل سواء على صعيد حكومة الوفاقية الجديدة التي ستشكل في اطار عملية المصالحة الوطنية.
** المشهد القادم **
ولذلك يبقى المشهد القادم مرهون بمدى جدية المساعي نحو الاستجابة القصوى لدعوة رئيس الجمهورية بالمصالحة الوطنية ومنظومة الاصلاحات الجديدة والقرارات الرئاسية والتي حملت مشهدا وطنيا جديدا ينبغي على الجميع الانصهار فيه وعدم الشذوذ عنه فمن شاذ شذ في النار ..اي ان من يعارض هذه المصالحة وماستتخللها من عمليات مترجمة لمخرجات الحوار الوطني التي وافقت عليها جميع القوى .فسيكون مصيرة العزل التام.
تقرير/ بليغ الحطابي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى