نتيجة للفقر وسوء التغذية .. اليمن .. أقل معدل للرضاعة الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

> تقرير / بشرى العامري

> يحتفل العالم في شهر أغسطس من كل عام بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية في أكثر من 170 بلدًا منذ العام 1992 م، بغرض تشجيع الرضاعة الطبيعية وتحسين صحة الرُضع في جميع أنحاء العالم، وذلك لاعتبارها أفضل وسيلة لإمداد حديثي الولادة بالعناصر الغذائية التي يحتاجونها، وعاملا أساسيا وصحيا هاما في إنقاذ حياة الملايين من الأطفال دون سن الخامسة.
ويمكن أن تؤدي الرضاعة الطبيعية إلى خفض عدد الوفيات التي تنجم عن الالتهابات التنفسية الحادة وعن الإسهال وهما سببان رئيسيان لوفيات الأطفال وكذلك تلك التي تنجم عن الأمراض المعدية الأخرى، وتسهم الرضاعة الطبيعية في صحة الأمهات، وتخلق رابطة بين الأم والطفل، وإطعام الرضيع إطعاماً صحيحاً يمكن أن ينقذ الأرواح، ويكفل النمو والنماء على النحو الأمثل، ويسهم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
تشير الأرقام والإحصاءات “أن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تقلل وفيات الأطفال بنسبة تصل إلى نحو 13 %، وتعمل التغذية التكميلية على خفض وفيات الأطفال بنحو 6 %، وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن نحو 50 - 60 % من وفيات الأطفال دون الخامسة ناتجة عن سوء التغذية”.
كما تعمل الرضاعة الطبيعية على “وقاية النساء من أمراض عدة مثل النزيف بعد الولادة وسرطان الثدي، وسرطان المبيض، وسرطان الرحم، وتعمل الرضاعة كذلك على مباعدة فترات الحمل وتعزيز عودة جسم الأم إلى وضع ما قبل الحمل”.
وفي تقرير اليونسيف الأخير حول تحليل وضع الأطفال في اليمن عام 2014 أكدت اليونسيف انخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية المبكرة، وبحسب التقرير فإن “اليمن تمتلك أدنى المعدلات في ممارسات تغذية الرضع على مستوى المنطقة حيث تبلغ نسبة بدء الرضاعة الطبيعية في وقت مبكر 30 % فقط، وتبلغ نسبة الرضاعة الطبيعية الخالصة في الستة الأشهر الأولى 10 - 12 % في اليمن وهي أقل نسبة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
ويعتبر انخفاض مستوى الرضاعة الطبيعية في البلد السبب الرئيس في ارتفاع نسبة سوء التغذية بين الأطفال لاسيما من هم دون الخامسة، بالإضافة إلى بعض الأسباب الثانوية الأخرى، لذا فان 43 % من الأطفال تحت سن الخامسة في اليمن يعانون من نقص الوزن ويعاني 19 % منهم من نقص الوزن الشديد وهي أعلى نسبة في العالم.
وبسبب عدد من العوامل من أهمها سوء التغذية، وعدم الرضاعة الطبيعية وسوء نوعية المياه، فقد بلغ التقزم لدى الأطفال معدلات تثير القلق حيث وصلت إلى 58 % في العام 2010 بحسب التقدير العالمي ويبدو أن تلك المعدلات تزداد سوءاً مما يؤدي إلى عواقب بعيدة المدى على الأطفال.
وذكرت اليونسيف في تقريرها السابق: “أن تغذية الرضع والأطفال صغار السن تتأثر بمعايير تغذية الأمهات بدءاً بالمراحل الأولى للتكوين وتعتبر هامة جدا بعد ولادة الطفل مباشرة، وتعتبر ممارسة الرضاعة الطبيعية غير المناسبة سببا رئيسيا في سوء التغذية بين الأطفال الصغار بصفة خاصة، وبشكل عام يعتبر حليب الأم أفضل وأهم مصدر للأطفال للحصول على الغذاء وبشكل خاص (الرضعات الأولى) الذي يعتبر أساسيا لبدء الجهاز المناعي للطفل بشكل جيد، وعلاوة على ذلك تعتبر الرضاعة الطبيعية واحدة من أكثر الطرق فعالية في تغذية الأطفال لضمان صحة الطفل وبقائه على قيد الحياة”.
** الرضاعة الطبيعية غير السليمة خطر أكبر **
تسبب الرضاعة الطبيعية (دون المثلى) آثارا في الوفيات على مستوى العالم، وذلك بشكل مماثل للآثار على معدلات التقزم، كما أن أكثر من ثلاثة أرباع العبء المنسوب للرضاعة الطبيعية (دون المثلى) يكون بسبب عدم الاقتصار على الرضاعة الطبيعية في أول ستة أشهر من عمر الطفل وهي الأشهر التي يمكن أن يؤدي تقديم الماء أو الشاي للطفل إلى خطر الوفاة، فيجب الاقتصار في هذه المرحلة على مواصلة الرضاعة الطبيعية الخالصة خلال هذه الفترة مع المساعدة بالتغذية التكميلية بعد ذلك حتى سن الثانية من عمر الطفل.
وقد بين مسح نفذته منظمة (اليونسيف) مع برنامج الغذاء العالمي أن جميع الأطفال في اليمن تقريبا الذين تتراوح أعمارهم بين (0 - 6 أشهر) ممن يحصلون على الرضاعة الطبيعية تقوم نصف الأمهات بتقديم التغذية لهم ببعض السوائل الأخرى حتى قبل بدء الرضاعة الطبيعية، وتتضمن السوائل والأطعمة الشائعة التي تقدم للأطفال تحت سن ستة أشهر، المياه، والمياه المحلاة، والمياه المملوحة، وحليب الحيوانات الطازج والحليب المجفف والشاي وعصائر الفواكه، والحليب المصنع والسمن، والزبدة، واللبن، والأغذية التي تتناولها العائلة والعصيدة فضلاً عن عادة استخدام العسل، مما يعطي نظرة قوية في العوامل الرئيسية لمعاناة الأطفال من سوء التغذية أو المرض في اليمن.
كما أن مرض (الكواشيركور) يحدث لدى نقص البروتينات في غذاء الطفل حيث يحدث تورم مائي في الوجه والقدمين والذي قد يوحي للأم أن طفلها في صحة جيدة رغم مرضه، ومع زيادة نقص البروتينات يحدث تورم مائي في الوجه والأقدام مع تحدث تغيرات بالجلد، حيث يصبح داكن اللون وتظهر به شقوق وتسلخات خاصة في منطقة الأرجل، وكذلك حدوث تغيرات بالشعر مما يجعله خفيفاً ويتساقط بسهولة، وكذا ظهور تغيرات عقلية، تظهر الطفل متبلد الإحساس مع فقد الاهتمام وقلة النشاط وفقدان الشهية للطعام، مع بهوت في لون بشرة الطفل والتهابات في الفم، وتضخم بالكبد.
فيما أوضحت النتائج الأولية للمسح الوطني الصحي الديمغرافي الذي أجرته وزارة الصحة مع الجهاز المركزي للإحصاء في العام 2013 م “أن الرضاعة الطبيعية الخالصة بلغت 10 % من الأطفال دون سن 6 أشهر، ويعطى 26 ٪ من الأطفال الرضع دون سن 6 أشهر الماء العادي فقط، في حين يتم إعطاء 3 % السوائل غير الحليب و العصير، و يتم إعطاء 30 % أنواع الحليب الأخرى.
وعلاوة على ذلك يتم إعطاء 24 % من الرضع دون سن 6 أشهر الأغذية التكميلية حسب العمر 6 - 9 أشهر، وتعطى 65 % من الرضع الأغذية التكميلية، ويتم تغذية 44 % من الرضع دون سن 6 أشهر باستخدام زجاجة مع الثدي.
** الجدول أدناه يبين حالة التغذية للأطفال حسب العمر **
ويشير الوضع للرضاعة الطبيعية لفترة (24 ساعة) (أمس والليلة الماضية) أن الأطفال الذين يتم تصنيفهم بالرضاعة الطبيعية والمستهلكة الماء العادي فقط، لا المكملات السائلة أو الصلبة، وبالتالي الأطفال الذين يتلقون الرضاعة الطبيعية والسوائل غير الحليب والذين لا يحصلون على الحليب الآخر، والذين لا يتلقون تصنيف الأغذية التكميلية في فئة غير الحليب السائل على الرغم من أنها قد تحصل على الماء العادي، والأطفال الذين يحصلون على أغذية تكميلية في تلك الفئة طالما أنهم يرضعون الرضاعة الطبيعية كذلك. وتشمل السوائل غير الحليب: عصير، مشروبات العصير والحساء أو غيرها من السوائل.
** إهمال مجتمعي وحكومي **
ولعل من أهم الأسباب وراء عدم انتشار الرضاعة الطبيعية بالشكل الذي يجب أن تكون عليه يتمثل في غياب الدعم الأسري والاجتماعي والحكومي أيضا، بالإضافة إلى كثافة الإعلانات وحملات التسويق التي تقوم بها شركات الحليب الصناعي، وغياب المرافق العامة للرضاعة الطبيعية، فضلاً عن عدم قيام الأطباء ووسائل الإعلام بالدور المطلوب منهم في التشجيع على الرضاعة الطبيعية.
في الوقت الذي تصرف فيه ملايين الدولارات سنوياً على بدائل الحليب الطبيعي، ففي اليمن حيث يولد حوالي 800.000 طفل سنوياً، يتم صرف حوالي 1.056.000.000 ريال (5.280.000 دولار) سنوياً على الزجاجات التي تستخدم في الرضاعة الصناعية و 1.126.400.000 ريال (5.632.000 دولار) على مسحوق الحليب الصناعي، لذا فقد حثت كثير من المنظمات الدولية والمهتمة بالصحة والطفولة في اليمن على ضرورة تضافر الجهود وحشدها من أجل إطلاق حملة قوية لتشجيع الرضاعة الطبيعية الصحيحة في المجتمع، من أجل وضع أمثل للأطفال وإنقاذهم من براثن الأمراض الفتاكة والموت بسبب إهمال الرضاعة الطبيعية أو بعض الممارسات الخاطئة في تغذية الأطفال.
تقرير / بشرى العامري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى