«الأيام»..تنفرد بنشر تقرير فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار (12):قوى سياسية أزعجها تبني الحراك السلمي مبدأ التصالح والتسامح وهناك نهب كبير جدا لثروات الجنوب المستقبلية موارد الأجيال القادمة

> «الأيام»/ قسم التحليل:

> نشرت «الأيام» في الحلقات الماضية تقرير جذور القضية الجنوبية المقدم من فريق القضية الجنوبية إلى مؤتمر الحوار الوطني، وتنشر الآن تقرير الرؤية المقدمة من الحراك السلمي الجنوبي لـ(محتوى القضية الجنوبية) إلى فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني بصنعاء في 25 مايو 2013 م.
** نهب ثروات الجنوب المستقبلية (موارد الأجيال القادمة) **
إن القطاعات الاستكشافية الواعدة بالإنتاج النفطي بلغت 36 قطاعا في 2009 م، كان منها 34 قطاعا هي من القطاعات الجنوبية، وقطاعان فقط في المحافظات الشمالية أي أن الثروة النفطية القادمة إن شاء الله سوف تستخرج من الجنوب.
الكارثة الكبرى: هناك نفس المشكلة في القطاعات الاستكشافية، التي عانت منها القطاعات الإنتاجية، حيث توجد نسب في حصة المشاركة للشركات الحاصلة على حق الاستكشاف مع المتنفذين والمشايخ في الشمال وهم من سيطروا على الثروة النفطية، بصورة وكلاء لهذه الشركات الإنتاجية من الباطن. ويتضح كذلك من أجمالي القطاعات المفتوحة البالغة 51 قطاعا، أن نصيب الشمال هو 7 قطاعات فقط، بينما 44 قطاعا هو حصة الجنوب من هذه القطاعات.
خلاصة القول إن هناك نهبا كبيرا جدا لثروات الجنوب المستقبلية فلم يكتفوا بالثروات التي نهبت سابقا وتنهب الآن بل يريدون أن ينهبوا علينا مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة.
ما تحصل عليه الجنوب من موارده: الجدول المقابل للنفقات العامة للدولةحسب التقسيم الإداري للفترة 1994 م - 2012 م بعد هذا كله من نهب ثروات الجنوب في الماضي والحاضر والمستقبل، بماذا تتم مكافأته، بنفقات في الموازنة العامة هزيلة جدا، يتم إنفاقها في أشياء مكتبية وغيره، وهذا الانفاق الهزيل كذلك يتم نهبه وسرقته.. بل تم تخفيض النفقات العامة على الجنوب خلال الفترة 1994 م - 2012 م، حيث بلغت النفقات قي عام 1994 م 10.96 % من إجمالي الإنفاق، وأصبحت في عام 2012 م 5.05 % من إجمالي الإنفاق، أي تم تخفيض الإنفاق بمقدار 5.91 %، بشكل واضح تم تخفيض الإنفاق على الجنوب بأكثر من النصف.
مأساة كبرى ما تم العبث به ونهب ثرواته وهو إنفاق هزيل في الأصل. هناك مفسدون من الشمال لم يهتموا أبدا بأن هناك دولة وأن هناك شعبا في الجنوب، بل تعاملوا معه على انه مصدر للنهب والفيد. وهنالك دراسة موجزة للاضرار البيئية وامراض السرطان التي تفتك بمواطني محافظة شبوة في ملحق خاص.
** الحراك الحامل السياسي للقضية الجنوبية **
وفقا للمادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يعد الحق في التجمع السلمي من حقوق الإنسان السياسية، يقع على عاتق الدولة التي لم تلتزم بهذين الحقين الصكين الدوليين التمكين من ممارسة هذا الحق، واليمن يلتزم بالإعلان العالمي بموجب المادة (6) من الدستور ويلتزم بالعهد بالتصديق عليه. يترتب عليه ممارسة الحق في التجمع السلمي، ممارسة طائفة من الحقوق المدنية والسياسية، الحق في الرأي والتعبير من خلال الخطب والشعارات، الحق في حرية الفكر، من خلال الأفكار التي تطرح في الاجتماع، والحق في حرية الانتقال - الحرية الجسدية من خلال الانتقال للوصول إلى مكان التجمع ومرور المظاهرات والمسيرات، وهي حقوق يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المواد (13،18،19) والعهد الدولي في المواد (12،18،19) ويكفلها الدستور اليمني في المادتين (42،57) ويترتب على تعطيل أو انتهاك الحق في حرية التجمع السلمي تعطيل وانتهاك هذه الحقوق مجتمعة.
وهذا ما كان من قبل الحكومة اليمنية، فقد لجأ المتضررون من آثار حرب 1994 م للمطالبة بإزالتها من مختلف سلطات الدولة بما فيها السلطة التشريعية، إلا أن تلك المطالبات قوبلت باللا مبالاة والتجاهل،حيث استمر مسلسل الاستيلاء على الأراضي وازدادت معاناة المبعدين والمتقاعدين، الأمر الذي جعلهم يعبرون عن استيائهم من تجاهل السلطة لقضاياهم بالوسائل المشروعة التي كفلها لهم الدستور والقانون كتنظيم الاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات السلمية كون تلك الوسائل تمثل الطريقة الوحيدة التي تبقت لهم لإيصال قضيتهم إلى الرأي العام المحلي والعالمي للوقوف إلى جانبهم.
وكانت نقطة البداية لتلك الفعاليات محافظة حضرموت التي شهدت أول مسيرة سلمية بتاريخ 27 / 4/ 1998 م طالب المنظمون لها بإنهاء آثار الحرب، إلا أن تلك المسيرة تم قمعها بالقوة المسلحة والرصاص الحي، الأمر الذي أدى إلى سقوط قتيلين هما: فرج بن همام، وأحمد عمر بارجاش، وعدد من الجرحى واعتقال عدد من المشاركين في المسيرة، ثم تلتها مسيرة سلمية أخرى شهدتها مديرية مودية محافظة أبين تم قمعها بالقوة.
وبتاريخ 27 / 4/ 2000 م شهدت محافظة حضرموت مسيرة احتجاجية في غيل باوزير إحياء لذكرى قمع المسيرة السلمية في 27 / 4/ 1998 م. وقد كان لتلك الفعاليات وما ووجهت به من قمع اثر مهم في توسيع دائرة الحراك السلمي والاهتمام بقضاياه سواء من قبل الأحزاب السياسية المعارضة أو منظمات المجتمع المدني أو الصحف التي تناولتها وغطت أحداثها، وهو ما جعل السلطة تعيد النظر في تعاطيها مع تلك القضايا وقياداتها عن طريق التوجيهات المستمرة بحلها وتشكيل لجان حكومية لها والالتقاء بقياداتها والوعد بإنهاء تلك القضايا وحلها.
وبقدر ما مثلت تصرفات السلطة تلك اعترافا بحقيقة القضية الجنوبية إلا إنها أكدت أن السلطة غير راغبة في التعاطي مع هذه القضية بجدية فقد كانت تلك التوجيهات والحلول جزئية وليس بمقدورها إزالة نتائج آثار الحرب، لأن إزالة تلك الآثار والنتائج يحتاج إلى تدابير سياسية وحقوقية تحقق الوفاق والتصالح الوطني وجبر الضرر الذي لحق بالجماعات والآلاف.
ومنذ عام 2007 م الذي بدأ فيه الحراك السلمي يأخذ منحى آخر توسعت دائرة المطالبة بإنهاء آثار الحرب وحل القضايا العالقة، فقد صار المحتجون اكثر انتظاما حيث ظهرت تكوينات مطلبية جديدة، فبالإضافة إلى جمعية المتقاعدين برزت جمعيات أخرى منها جمعية العاطلين عن العمل وجمعية شهداء ومناضلي الثورة وغيرها، وفي هذه الفترة شهد الحراك المدني السلمي تطورا استراتيجيا من خلال نجاح الجمعيات في تشكيل أطر تنسيقية تتولى تنظيم الفعاليات الاحتجاجية وإدارتها والإشراف عليها ومن هذه التشكيلات مجلس تنسيق الفعاليات المدنية والسياسية والذي جاء بعد سلسلة من اللقاءات والحوارات ولقد أظهرت نتائج هذا التحول في معظم الفعاليات المقامة لاحقا والتي تميزت عن سابقاتها في المقدرة على دفع الناس من مختلف المحافظات للالتفاف حول قضية الجنوب والتعبير عنها، فقد كانت هذه الفعاليات ذات دلالات ورسائل هدفها وحدة أبناء الجنوب حيث ازدادت حدة المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والمهرجانات الاحتجاجية والتضامنية لتشمل أغلب محافظات ومديريات الجنوب، ففي هذا العام دعا قادة الحراك السلمي إلى تنظيم اعتصام احتجاجي في مدينة عدن واختاروا له تاريخ 7/ 7/ 2007 م موعدا للقيام به ولا شك في أن اختيار هذا اليوم بالذات ليكون يوما للاحتجاج والاعتصام له دلالة سياسية باعتبار انه اليوم الذي تحتفل فيه السلطة بانتصارها في الحرب.
وقد واجهت السلطات هذه البادرة بمزيد من التشدد والقمع، حيث تم وضع نقاط عسكرية مكثفة في كافة مداخل مدينة عدن والطرق المؤدية إليها وانتشار عدد كبير منهم في مدينة عدن لمنع وصول المشاركين إلى مكان الاعتصام. ثم توالت الاحتجاجات والمهرجانات والمسيرات التي اختارت من المناسبات الوطنية الجنوبية موعدا لها كالعيد الرابع والأربعين لثورة 14 أكتوبر، وذكرى يوم الاستقلال 30 نوفمبر والتصالح والتسامح في 13 يناير والذي انطلق من جمعية ردفان الخيرية في محافظة عدن في 2006 م.
على الرغم من أن السلطة قد اعترفت أكثر من مرة وبأكثر من وسيلة بما لحق بالجنوب وأهله من ظلم وضيم إلا أنها لم تول الأصوات المنبعثة من الجنوب أي اهتمام بغرض الوصول إلى الحل حفاظا على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، فكل ما سعت إليه هو إخراس أصوات المحتجين من خلال المساومات الفردية لبعض البارزين من قيادات الحراك أو التسويات الجزئية إضافة إلى القسوة في قمع الفعاليات والاحتجاجات السلمية بالقوة العسكرية.
ففي هذه الفترة كانت ممارسات السلطة للانتهاكات كثيرة وكبيرة بحق المحتجين سلميا فمع اختتام شهر مارس من العام2008 م باشرت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من الناشطين في الفعاليات التي شهدتها المحافظات الجنوبية، فقد قامت وفي ساعات متأخرة من الليل وفي توقيت واحد تقريبا بمداهمة منازل مجموعة من الناشطين البارزين في عدن ولحج وتعرضوا جميعا لحالة الاختفاء القسري ولم يتبين مكان احتجازهم الا بعد خمسة عشر يوما من اعتقالهم.
وقد بلغت تجاوزات الأجهزة الحكومية مستويات عليا فقد قامت بقمع الكثير من التجمعات السلمية بالقوة المسلحة واستخدمت القوة في مواجهة المعتصمين السلميين.
وبحسب الإحصائيات فإن من (2136) فعالية تجمع سلمي تعرض عدد كبير منها للقمع واستخدمت فيها السلطات الأمنية الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والهراوات ما أدى إلى مقتل 1237 جنوبيا تم توثيقهم في ملحق (القتل خارج نطاق القانون ضد أبناء الجنوب) والمقدم ضمن المحتوى الذي بين أيديكم.
إن القضية الجنوبية، ليست قضية حقوقية فحسب بل انها قضية سياسية، ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية تهم الاغلبية الساحقة من ابناء الجنوب.
وتتلخص أهم مظاهرها في «الاقصاء والتهميش السياسي والاقتصادي لابناء الجنوب، والنهب والاستيلاء غير المشروع للعقارات والاراضي، والثروات النفطية والمائية؛ وتدهور مستوى التعليم والصحة، وتعميم الظواهر الاجتماعية السلبية في الشمال على الجنوب، واستخدام العنف والتضييق والحصار الإعلامي ضد نشطاء الحراك السلمي الجنوبي.
** الخاتمة **
لقد تناولت الرؤى لمحتوى القضية الجنوبية والمقدمة من قبل المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمرأه والشباب، إسهاماتها من منظور مواقفها السياسية. البعض منها جانب حقائق الواقع معترفاً ومؤكداً أن القضية الجنوبية، جذورها بالأبعاد الستة ومحتواها، يتحدد ملامحة منذ قيام مشروع دولة الوحدة 22 مايو 1990 م، وإن حرب صيف 1994 م الظالمة أنهت مضامين ومشروعية الوحدة في الوقت الذي حاولت بعض الرؤى إغفال هذه الحقائق، في محاولة لجعل القضية الجنوبية واقع صراع دائم بين الجنوبيين أنفسهم.
لقد قدم الحراك السلمي الجنوبي الوثائق والمستندات والأدلة والحقائق حول محتوى القضية الجنوبية، وما طال الجنوب من القتل والنهب، والفيد، والسلب، والانتهاكات لحقوق الإنسان والتمييز العنصري، والتدمير للبنى التحتية وكلها تؤكد عدالة ومشروعية القضية الجنوبية.
إن الدور التاريخي الذي مثلته ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 م توج بتحقيق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967 م, وها هو الحراك السلمي الجنوبي يتعاطى مع القضايا المصيرية لشعب الجنوب، مع الفارق في الزمان والمكان.. وإن مبدأ التصالح والتسامح الذي انتهجه الحراك السلمي الجنوبي لحل كافة القضايا والصراعات السياسية التي شهدها الجنوب، يقف شاهداً، أن هناك قوى سياسية أزعجها تبني الحراك السلمي الجنوبي لهذا المبدأ، وهي تحاول مستميتة شق الصف الجنوبي وحراكه السلمي من خلال إرباك المشهد السياسي والصاق تهمة الإرهاب بالحراك السلمي الجنوبي. ولا شك في أن الجميع يدرك من يقف وراء الإرهاب، في محاولة لخلق حالة من عدم الاستقرار للأمن والسلم الاجتماعي في اليمن جنوباً وشمالاً والإقليم والعالم أجمع.
لقد لعبت مؤسسة «الأيام» أدواراً نضالية متميزة، دفعت بالقضية الجنوبية إلى مستوى المجتمع الإقليمي والدولي، وهي لاتزال تواجه شتى الأساليب التي تعرقل دفع التعويضات الكاملة لها، وفقاً للبيانات المتضمنة محتوى القضية الجنوبية. وإن هذه العراقيل تهدف إلى عدم تمكين الحراك السلمي الجنوبي من امتلاك منبر إعلامي يضاف إليه عدم إطلاق سراح حارسها أحمد العبادي المرقشي، في الوقت الذي يتجول القتلى والفاسدون في أنحاء اليمن جنوباً وشمالاً.
إن القضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز تكتسب مشروعيتها واتجاهات حلها من حقيقة أن الدولتين (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية) طرفي القضية كانتا دولتين سياديتين تتمتعان بالعضوية الكاملة في الهيئات والمنظمات الإقليمية والعربية والدولية، وراهناً يحتل اليمن جنوباً وشمالاً أهمية بالغة في تحقيق الأمن والاستقرار تتقاطع فيه المصالح الإقليمية والدولية في مواجهة حقيقة أن الحراك السلمي الجنوبي بكل أطيافه ومكوناته هو الحامل الشرعي للقضية الجنوبية وحق الشعب الجنوبي في تقرير المصير.
فالجنوب دخل وحدة ندية مع الشمال كدولة وشعب وأرض وهوية، وبدون الاعتراف والعمل بهذه الحقيقة المطلقة فإن الحلول تبقى ضربا من الخيال.
** الملاحق **
1. اليمن: القتل خارج نطاق القانون ضد أبناء الجنوب.
2. العنصرية: التمييز والتهميش ضد الجنوبيين.
3. تحليل الوضع الراهن للمرأة، في محافظة عدن، خلال الخطة الخمسية الثالثة (2010 - 2006).
4. تقرير لجنة الزراعة والأسماك والموارد المائية بشأن تقصي الحقائق حول الاصطياد العشوائي والجرف الجائر.
5. النفط المسموم.. في مديرية عرماء م/ شبوة أمراض السرطانات الخبيثة تهدد حياة سكانها.
6. وثائق قضية العزيبة.
7. قضية مؤسسة «الأيام».
8. قضية «الأيام»: المخالفات القانونية في التحقيقات وإجراءات سير قضية أحمد عمر العبادي المرقشي.
9. قائمة بأسماء المتقاعدين الأمنيين في الجنوب لدى وزارة الداخلية.
10 . قائمة بأسماء الشهداء والمتوفين والمعاقين والمتقاعدين الجنوبيين لدى وزارة الدفاع.
ابتداءً من الغد ستنشر «الأيام» الملاحق باستثناء الملحقين 9 و 10 اللذين سيتم توفيرهما لموقع الصحيفة عبر الإنترنت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى