محطة إذاعة عدن أيام زمان (3-3)

> إعداد : عبدالقادر باراس

> أن رواد الأذاعة من أبناء عدن تدرجوا بفضل إخلاصهم وتفانيهم وصولاً لأعلى سلم الوظائف في الإذاعة إلى أن تمكنوا من فرض ما عرف ب “عدننة الوظائف وتغيير الجهاز الأساسي للسياسة العامة، وهذا ما تناولته جريدة “اليقظة” ونشرته صحيفة “الرقيب” في العدد (67) في 21 فبراير 1957 م، حيث جاء في المقال:إن تعدين وظيفة مدير الإذاعة أمر حيوي بالنسبة للرغبة الرسمية، لكنها لم تغير من الخط المرسوم الذي تسير عليه الإذاعة”، وأشارت إلى أن “قضية منصب مدير الإذاعة الذي ظل يشغله أجنبي لا يحمل من الخصائص، ولا من الثقافة، ولا من المؤهلات الإذاعية.
من اليمين: توفيق إيراني مدير الإذاعة والشيخ عبدالله حاتم ولطفي جعفر
أمان في استديوهات الإذاعة
من اليمين: توفيق إيراني مدير الإذاعة والشيخ عبدالله حاتم ولطفي جعفر أمان في استديوهات الإذاعة
وكان مكتب العلاقات والنشر التابع للسلطات البريطانية قد عين السيد توفيق إيراني (لبناني الجنسية)على إدارة شئون الإذاعة في بداياتها حتى عام 1958 م، وشغل طاقم الإذاعة كوادر عدنية أبرزهم أحمد محمد الزوقري وحسين الصافي وعمر محمد مدي ومحمد مدي وعلوي السقاف ومحمد عمر بلجون وخالد محيرز ومحمد حامد غني وعبدالله العزعزي وأشرف جرجرة ومنور الحازمي وعبدالرحمن باجنيد، وكثيرون. ثم خلف السيد إيراني السيد أحمد الزوقري، وكان أول عدني يعين مديرا للإذاعة، ثم تم تعيينه بعد ذلك مسئولا عن الإعلام في عدن بعد رحيل المدير الإنجليزي السابق قبل أن تصبح أجهزة الإعلام في عدن تابعة لحكومة اتحاد الجنوب العربي.
في أبريل 1965 أقر المجلس الاتحادي بأن تظل خدمات الإذاعة والتلفزيون الموسعة تحت إشراف حكومي، وقد اتخذ هذا القرار من المجلس الاتحادي، وتوصية من السيد عبدالرحمن جرجرة وزير الإرشاد القومي، والإعلام بأن تقوم الحكومة بالإشراف على تقديم خدماتها للإذاعة لفترة تجريبية مدتها 6 أشهر.
من اليمين: توفيق إيراني مدير الإذاعة وعبدالرحمن جرجرة وزير الإعلام في
حكومة الاتحاد
من اليمين: توفيق إيراني مدير الإذاعة وعبدالرحمن جرجرة وزير الإعلام في حكومة الاتحاد
وفي استطلاع نشره الصحفي محمد عبدالله مخشف في صحيفة«الأيام» في العدد (196) بتاريخ 29 سبتمبر 1966 م تحدث عن “دور المرأة العدنية ومساهمتها منذ بداية انطلاق الإذاعة، حيث تناول الأعمال التي كانت تقوم بها في الإذاعة من أعمال فنية دقيقة، مثلا: كانت تعمل ضابطة الصوت، وتقوم بتسجيل مختلف البرامج، كما وجدت أمينة المكتبة التي كانت تقوم بتحضير الأغاني المذاعة في اليوم الإذاعي، وذكر مخشف أيضا أن “هناك عدد كبير من العاملات اللاتي يقمن بمختلف الأعمال الكتابية، والفنية منهن ضابطات صوت ومفرزة طلبات تهاني، وركن الأطفال، كمانوه في استطلاعه أثناء زيارته لدار الإذاعة بأنه وجد في قسم السكرتارية موظفة واحدة عدنية، وكلهن كانوا أجنبيات في تلك الفترة ما بين فارسيات، وإنجليزيات وهنديات وبرتغاليات”.
ومع اتساع نطاق الثورة اقترح المستشار الإعلامي الذي ألحقته الحكومة البريطانية بمكتب المندوب السامي بأن يتم تعيين مسئول بريطاني يتولى إدارة الإذاعة بحكم مساهمة الحكومة البريطانية بقدر كبير في تكاليف الإذاعة، لكن ذلك الاقتراح تم رفضه كون الإذاعة مؤسسة تخضع لإدارة حكومة الجنوب العربي، وفيها الكثير من الكوادر الوطنية القادرة على إدارة الإذاعة.
لمذيع منور الحازمي من كبار المذيعين في الإذاعة في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي
لمذيع منور الحازمي من كبار المذيعين في الإذاعة في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي
شهدت الإذاعة بمتغيرات سياسية ناجمة عن الأحداث التي مرت بها عدن والجنوب بمراحل تمتد من يوم افتتاحها،الجنوب العربي، ثم حدث لها تغير جذري بعد مرحلة تمتد من 30 نوفمبر1967م وهو تاريخ استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني فتغير اسمها إلى إذاعة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بنشيد وطني جديد بدلا عن نشيد السلام الاتحادي( لاتحاد الجنوب) العربي، حيث نقلت في يوم الاستقلال نقلا مباشرا لوقائع وصول وفد الجبهة القومية والمؤتمر الصحفي الذي أعقب ذلك في صالة المطار.
الإذاعية والفنانة اسمهان بيحاني عملت ضابطة صوت وأمينة المكتبة الصوتية بالإذاعة
الإذاعية والفنانة اسمهان بيحاني عملت ضابطة صوت وأمينة المكتبة الصوتية بالإذاعة
وحظيت الإذاعة باهتمام كبير من الحكومات التي أعقبت الاستقلال تمثل ذلك في العام 1972 م بانتقال مبناها من المبنى القديم في قاعدة القوى البحرية في التواهي إلى مبنى(إذاعة خدمة القوات البريطانية)،وتم توسيع مدى إرسالها وذلك باستيراد جهازي إرسال من الاتحاد السوفيتي بموجتين قصيرتين تبلغ قوة كل منها ) 100 كيلو واط(، بعد ذلك تم تشغيل عدة أجهزة بموجات قصيرةمحطة الإرسال القديمة عند افتتاح الإذاعة عام 1954 م بمنطقة خورمكسر، كما تم في عام 1975 م شراء سيارة نقل خارجيإلى جانب السيارة الأولى التي امتلكتها الإذاعة في عام 1962 م.
وتم تزويدها في عام 1982م بأربعة استديوهات حديثة عن طريق شركة “كوفو” من تشيكوسلو فاكيا، وقامت بتشغيل جهاز إرسال إذاعي للموجة المتوسطة بطاقة (750 كيلو واط) في مايو 1987 م مما ساعدها على انتشار بثها الإذاعي إلى مناطق جديدة وبوضوح أكبر.
المذيع جميل مهدي أثناء تقديم أحدى برامجه
المذيع جميل مهدي أثناء تقديم أحدى برامجه
وكذا استحداثها نظام البث المباشر، إلا أنها عانت في أواخر السبعينيات، وكذا بعد منتصف الثمانينيات من عدم الاستقرار فتعرضت لأحداث ناتجة عن الصراعات السياسية، حيث قصفت إستديوهاتها في 26 يونيو 1978 م أثناء أحداث سالمين، إلا أن ذلك لم يؤثر على إرسالها، كما تعرضت لأضرار بالغة في أحداث يناير 1986 م، حيث تم تدمير الإستديوهات الثلاثة الواقعة في المبنى القديم للإذاعة بمنطقة البنجسار في التواهي إثر تعرضها لقصف مكثف، إضافة إلى تعرض المبنى الرئيسي للإذاعة إلى القصف وتلف العديد منمحتوياته.
جمال الخطيب، مذيع ومدير عام سابق لإذاعة عدن
جمال الخطيب، مذيع ومدير عام سابق لإذاعة عدن
**مصادري**
معلوماتي استقيتها بتصرف من كتيب (إذاعة عدن 42 عاما في خدمة المستمع) لمؤلفه الأستاذ حسين عمر باسليم، ومن أخبار نشرتها صحيفتي “الرقيب” و «الأيام» أثناء فرة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كما هو مشار ذكرها في سياق الحلقات. كما لا يفوتني أن أقدم شكري للمهندسة فاطمة خالد زين السقاف، التي قامت مشكورة بترجمة موضوع متعلق بالمراحل الأولى لنشأة محطة عدن الإذاعية نشرتها مجلة ميناء عدن لعام 66 – 1967 م، والتي كانت تصدر باللغة الإنجليزية.
إعداد : عبدالقادر باراس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى