مسيرات صنعاء .. انقسام سياسي وتلاحم شعبي

> تقرير/ بليغ الحطابي

> يترقب الشارع اليمني وسكان العاصمة بوجه خاص ما ستسفر عنها اللقاءات والمباحثات و المفاوضات و التحركات والمبادرات السياسية والحزبية لإنقاذ البلاد من أزمة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة واعتصاماتهم المستمرة والمتوسعة بين الدولة، والمطالبين بإقالة الحكومة، وإلغاء قرار رفع أسعار المشتقات متمثلة بالاحتجاجات التي تبنتها جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وعلى إيقاعات الوضع المضطرب، وتشدد الطرفين وتمسكهم بخياراتهم و شروطهم المطروحة والمواجهة للاحتجاجات والمطالب الشعبية، وفي ذلك تصاعدت من جهة أخرى حدة التصريحات والرسائل الموجهة والمتبادلة بين الطرفين.
إلى جانب اتجاهات التصعيد عبر التحشيد والاستقطابات من الطرفين، وإعادة ظروف وأوضاع أزمة 2011 م الطاحنة في ظل توجه محموم لبعض القوى المتحالفة مع حكومة الوفاق إلى إشاعة، وإعادة تكرار هذا النموذج في محاولة - اعتبرها مراقبون - بائسة وفاشلة لإطالة مدة بقائهم وسلطتهم اللاشرعية المنتهية.
في الوقت الذي أشيع نبأ التوصل إلى اتفاق مبدئي سيعلن اليوم السبت لإقاف الاحتجاجات، وكبح جماح تطويق مدينة صنعاء والعاصمة السياسية للدولة الاتحادية وفق النظام الجديد.. لكن وفق مراقبين لا يزال هذا الأمر مجرد خبر لن يتأكد إلا بإعلانه.
** تصعيدات احتجاجية **
وعلى ذلك النحو شهدت العاصمة صنعاء خروجا مليونيا لمختلف فئات وشرائح المجتمع في العاصمة في احتشادين مختلفين، الأول بشارع المطار بالقرب من ساحة الاعتصام الجديدة المطالبة بإصلاح الوضع الاقتصادي وتخفيف معاناة الشعب الناتجة عن قرار الحكومة الأخير الصادر أوائل يوليو الماضي من العام الحالي، إضافة إلى إقالة حكومة الوفاق، التي عاثت وأفسدت وأجرمت بحق الشعب والمواطن اليمني، وذلك بحسب الشعارات التي رددتها الحشود المليونية بشارع المطار.
** مطالب الستين **
وبالمقابل احتشد عشرات الآلاف في شارع الستين معلم الديمقراطية الثورية لفعاليات ثورة الشباب التي شهدتها اليمن فبراير 2011 م لأداء صلاة الجمعة وردد المحتشدون شعارات مناهضة للعنف، ومطالبة بالاصطفاف الوطني لتنفيذ مخرجات الحوار طبقا لدعوة رئيس الجمهورية للشعب في خطاب له يوليو الماضي بذلك، وللانتقال باليمن الجديد إلى الآفاق الرحبة والتطور والنهوض.
** إجماع وطني **
والمثير للدهشة ومن بين تلك الصورتين الاحتجاجيتين الوطنيتين المطالبة بإصلاح الأوضاع، وتصويب القرارات، وإنهاء وتجفيف منابع الفساد كمطلب شعبي غالب وواحد، تصدح به جموع محتشدي الساحتين، بعيدا عن الإدارة السياسية والتوجهات الحزبية والشعارات الموجهة التي يريدها من يقف ويدعم ويتبنى مطالب الطرفين، تبرز صورة الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب كمطلب شعبي ملح توحدت بمناهضته حناجر الساحتين (المطار والستين).
وطبقا لمحللين فإن ذلك تعبير واضح وحقيقي عن مدى المعاناة التي تتغلغل في أوساط المجتمع اليمني من صعدة حتى المهرة، وفداحة ماوصلت إليه الظروف والأوضاع المأساوية.
وأكدوا أن “على الدولة أن تضع حدا لتصاعد مشاهد الصورتين في ظل الاستقطابات الحزبية الحادة من الطرفين والإغراءات المقدمة”.
** صورة أخرى **
علاوة على ذلك هناك صورة أخرى تتمثل في التصعيد الميداني من الجانبين، حيث تعمل أطراف في الحكومة على رفع وتيرة خطابها الهجومي الاستفزازي والعنف اللفظي الذي لا يخلو من التهديد والوعيد لخصومهم في ساحة المطار (أنصار الله) الحوثيين.. معلنة بذلك مواجهة شرائح وأعداد بالآلاف من عموم الشعب المحتجين من خلال استنفار إمكانات الدولة، وتحريض قواتها المسلحة والأمن على الدخول في مواجهات، وصدامات ضد من تتهمهم بمحاصرة صنعاء، ومحاولة إسقاطها، والسيطرة على الحكم، وتحويله من نظام جمهوري ديمقراطي إلى نظام إمامي ملكي ديكتاتوري مستبد، حسب شعارات رفعت في ساحة الستين.
وفي ذلك طالب خطيب الستين الدكتور عبدالرقيب عباد (قيادي إصلاحي) من على منبر خطابته الدولة “بالتدخل لوضع حد لمن يهدد أمن واستقرار البلاد”، مناشدا الرئيس “باستخدام القوة ضد طموحات وأهداف ومطالب الحوثي”.
وفي الساحة الأخرى بشارع المطار أكد خطيب ساحة الاعتصام الجديدة أن “ما يطلبه المحتجون هي حقوقهم، وشدد على عدم رفع الاعتصامات إلا بتحقيق أهداف ثورتهم الثلاثة وهي (إقالة الحكومة وإلغاء الجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار)” وطالب الخطيب مختار الضالعي الرولة “بسرعة تلبية وتحقيق أهداف الشعب المطالبة بتخفيف الوضع المعيشي الصعب، وحل الأزمة المتصاعدة، ووضع حد لتسرب وهدر الفاسدين والعابثين بمقدراتالشعب”.
وردد متظاهر ساحة المطار شعارات مناهضة لحكومة الوفاق والمطالبة بإقالتها ومحاكمة من سبق وتضمنهم خطابات زعيم الحوثيين، واتهامات لمن أسماهم بالانتهازيين والفاسدين وتجار الموت ومصاصي دماء الشعب وناهبي مقدرات البلاد.
وهي إشارة طالما كررها عبدالملك الحوثي لقيادة حزب الإصلاح العليا والنافذين في الدولة أولاد الأحمر،وأيضا علي محسن الأحمر وآخرين.
وجدد المحتجون مطالبهم للرئيس هادي بتنفيذ مطالبهم وعدم الاستماع لمن يزيفون وضع الشعب والشباب بدعاوى الاصطفاف المخادعة.
وأكدوا استمرارهم وتأييدهم لخطوات التصعيد الذي دعا إليها عبد الملك الحوثي حتى نيل مطالبهم، وتحقيق مطالبهم في تشكيل حكومة كفاءات وطنية وتجفيف منابع الفساد وإلغاء قرار الحرعة، والتخفيف من الأعباء المتراكمة على الشعب نتيجة القرارات والممارسات الحكومية الخاطئة.
** مخيمات وحشود جديدة **
وتتزايد أعداد الوافدين إلى صنعاء والمستجيبين لدعوة الاحتشاد لزعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي، حيث تم توسيع إنشاء مخيمات لاعتصامات جديدة بالقرب من مطار صنعاء إلى جانب أنباء عن توجه لنصب خيام داخل ووسط العاصمة أمام مجلسي النواب والشورى، وأماكن حيوية أخرى..وذلك ضمن الخيار التصعيد الثالث الذي سبق وأعلنها زعيم الجماعة الذي أكد في خطاب سابق الخميس “أنها ستكون مزعجة ومؤلمة”.
في الوقت الذي طالب مراقبون في تصريحاتهم لـ«الأيام» أمس الدولة “بالإسراع بفرض اتفاق يحجم من أهداف وأطماع جماعة الحوثي عبر تنفيذ مطالب الاحتحاجات الشعبية، ومنع انزلاق البلاد إلى المصير المظلم والمجهول الذي يخيم على العاصمة وينعكس على عموم البلاد.
** في ملعب هادي **
هذا وتعيش العاصمة وعدد من ساحات الاحتجاج في الجمهورية وضعا صعبا مترقبا خيارات الدولة والرئيس هادي وحكمته التي ستضعف خيارات ودعوات التصعيد من أي جانب والانتصار لآمال ومطالب الشعب،ولحقوقه في الحياة الكريمة والعيش الرغد. هذا وأكد مراقبون ومحللون سياسيون أن “الكرة الآن في ملعب رئيس الجمهورية، وبين ما يعيشه الوطن ومعاناة الشعب تبقى حكمة الرئيس هادي هي المحك في إشاعة روح الوئام وإخراج البلاد من أزماته المتجددة والمتصاعدة نتيجة حالة الركود السياسية والوطنية غير القادرة على فرض حلول ومعالجات من شأنها أن تحقق المطالب، وتحجم من التحديات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية.
تقرير/ بليغ الحطابي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى