وضــاعــت من فضــائلــها المــدينة

> م. جمال باهرمز

> رثائية في وفاة الشاعر عمر نسير، صاحب كلمات (برع يا استعمار) وكل المبدعين من فنانين وأدباء وكتاب ورياضيين الذين همشوا وفقدوا الرعاية والاهتمام الذين كانوا يحظون بهما في دولة الجنوب قبل الوحدة، وانعدمت في الوحدة المغدور بها، وأصبحوا على الهامش والمعاناة، وأصبح الدعم والاهتمام لعصابات الإبداع في القتل والإرهاب.. رثائية في تدمير أبين وإجهاض الحياة في عدن وإرهاب حضرموت وباقي مدن وقرى الجنوب.. رثائية في كل من وجد طريقا للهجرة من المبدعين ليختار وطنا بديلا يقدر الإبداع والإنسان والتفكير، بعد أن سلط على الإبداع والمبدعين سيف الإقصاء والتهميش ونكران الجميل.. رثائية في من توفاه الله من فنانينا الكبار وفي الذين سنفقدهم عاجلا أم آجلا وهم لازالوا في حضن المعاناة والإقصاء والتهميش.. رثائية في التدمير الممنهج لكل إبداع في الجنوب سواء في المجال الرياضي أو الثقافي أو الاجتماعي، ولكل أعمال الطمس للتراث الجنوبي الذي كان مسموعا ومرئيا في الإقليم والقارة والعالم.
"وضاعت من فضائلها المدينة"
وضاعت من فضائلها المدينة ....
نهب كل ما فيها من أشياء ثمينة....
سيطر الأوباش على القلاع الحصينة....
وبكت حمائم السلام وذرفت الدموع الحزينة....
قد عجن الألم كل قلب... وازداد امعانا في عجينه....
واحكموا السيطرة على كل المفاصل...
حاصروا المخارج والمداخل....
صادروا المزارع والمصانع والمعامل....
وسرح كل عاملة وعامل....
فصلت المناصب على الأذناب والأحباب والأحزاب....
أعطيت لكل حاقد وجاهل...
دارت الأقلام تنحت مجلدات الغيبة والنميمة...
لتقصي عن الإنتاج بالباطل...
قلوب المجد العفيفة
ضمائر الحياة الشريفة
أيادي البناء النظيفة
أيادي الخير الأمينة ....
بأدوات الاذلال المهينة
وأبعدت عمدا لتفصل
على اللص الوظيفة
................................
ضاعت من محاسنها المدينة
نمت في أحشائها الجريمة......
ولدت على الأرصفة والأزقة...
أجنة الغدر والتآمر....
تلتهم العقول والضمائر....
وتحتل من مساجدها المنابر....
لتزرع الطوائف والتناحر...
اتسعت مساحات الرعب ....
والموت وازدادت المقابر...
عادت لتغزو عقول فتيانها ....
أيام أبي جهل وسنينه
..................................
وضاعت من طيبتها المدينة
تلك التي بجمالها وسحرها كانت تفاخر....
تلك التي علماؤها أدباءها نورا يسافر....
شوارعها كانت مساطر...
حدائقها أجمل مزاهر....
هواؤها تعطره المباخر....
تنام في بيوتها كل مساء وليلة...
أجمل وأرق المشاعر
....................................
وضاعت من تسامحها المدينة
صودر السلام في مساجدها كنائسها معابدها بفعل فاعل......
أصبح الوئام بين مذاهبها أعراقها أطيافها
شرا يقاتل ....
حين تولتها النفوس السقيمة....
وأظهرت أحقادها الدفينة...
وأعلنت العقاب والإذلال ...
بأدوات الجهل اللعينة
.............................
وضاعت من إبداعاتها المدينة
حرمت أعمال المبدعين...
أصبحت لدى الحاكم سجينه.....
الإبداع تخصص المفتي...
يتحسسه يتفحصه يشينه ...
ولفتواه يصبح رهينة....
حين يخاف الحاكم من المبدعين ....
ويظنهم الشر بعينه....
عندما تكون الكلمة ...
متلبسة بقافية منسجمة...
تمجد الوطن وتحترمه...
تصبح في رأس هذا الوثن...
جريمة وعيبة مشينة
رحل الإبداع عن عرينه
.................................
وضاعت من انتقامهم المدينة
حين وعد الحاكم بالانتقام
من التحضر والتمدن والنظام
ومن رعبهم أيام الانهزام
ووعد بأن تصبح قبل أن تنام
على ضفاف بحرها ...
هذه الفاضلة المدينة
قرية مرعبة ذميمة
**م. جمال باهرمز**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى