مـا هـو أكـثـر مـن لـجـان جـديـدة !

> د. هشام محسن السقاف

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
لا شك في أن الشأن الجنوبي قد أخذ مكانته في صميم القضايا المثارة في البلاد بجهد أبنائه أو بصفة الإطلاق بجهد شعبه، لكن ما هو متحرك ومتبدل وقابل للتشكل في الشمال كما نشهده اليوم ابتداء في السقوط المدوي لصنعاء في 21 سبتمبر بيد أنصار الله الحوثيين، ينبئ يوما بعد يوم عن أجندته الشمالية الملحة بينما يبقى الجنوب محدداً لخياراته الوطنية الخاصة بالجنوب دون أن تراوده النفس - ثانية - لتجريب من نوع (اللدغ من الجحر مرتين).
لقد أصيب الجنوب في مقتل عند دخوله الوحدة دون ضمانات كافية وقبل أن تلتفت قيادته التي لا يعلو عليها صوت للدعوات المحذرة من عدم استكمال وحدة القوى الجنوبية أولاً وترتيب الوضع الاجتماعي والسياسي للجنوبيين أنفسهم قبل أن يلجوا أبواب صنعاء طالبين الوحدة. ومن المفارقات أن هذه التحذيرات كانت تصل إلى عدن من قوى سياسية جنوبية سامها حكام عدن الضيم، كجبهة التحرير والرابطة، لمعرفة هؤلاء وتجربتهم مع نظام صنعاء طول فترات نزوحهم.. مدفوعين بحس وطني تجاه وطنهم.
وبعد حرب 1994م الظالمة التي أسقطت آخر ورقة توت تستر عورة المتشدقين بالوحدة والعاملين على نقض عراها عروة عروة لصالح فرض هيمنة القوى التقليدية الحاكمة في الشمال من تحالف الثالوث الأسود (القبيلة والجيش والإسلامويين المتطرفين) يدخل الجنوب في مرحلة هي الأسوأ من مراحل تطوره التاريخي.
وما كان للعنت والصلف الشمالي أن يعترف بعدالة قضية الجنوب لولا إرادة شعب الجنوب الذي هب في 2007/7/7م ليعبر عن رفضه للاحتلال باسم الوحدة، مطالباً المجتمع الدولي بالاعتراف بعدالة قضيته. وكان الجنوب السباق على مستوى الوطن العربي في كسر حاجز الخوف من الأنظمة العسكرية المتهالكة قبل ما يسمى بثورة الربيع العربي بأربع سنوات، هذه الثورات التي أريد لها غربياً وصهيونياً أن تخادع العقل العربي لتتحول إلى جسر عبور لتفتيت الكيانات العربية وضرب الجيش تحقيقاً لحلم الدولة العنصرية في فلسطين المحتلة لتكون هي راعية ما تبقى من فتات الدولة القطرية العربية وكان بالإمكان أن نصل إلى تحقيق حلم الجنوبيين بتقرير مصيرهم إذا كان لدى الجنوبيين قيادة جنوبية موحدة وواعية قبل أن تتعدد الكيانات وتكثر الزعامات مما عرض التجربة برمتها لاختراقات عديدة، وهو ما يجب أن نتنبه إليه اليوم بعد كل هذه المستجدات التي تحدث على الأرض سواء في الشمال أو الجنوب وعلى رأسها عدم السماح بالتمدد جنوباً لأي قوى عسكرية أو مليشيات أو جماعات مسلحة أو غير مسلحة من شأنها فرض واقع ديموغرافي أو عسكري جديد في أرض الجنوب، وعلى قيادات الجنوب السياسية والعسكرية وعلى رأسها اللواء محمود أحمد سالم الصبيحي اليقظة التامة ومنع حدوث مثل ذلك.
والأهم استكمال الوحدة السياسية والتنظيمية للقوى الجنوبية والاتفاق على قيادة مرحلية تقود العمل السياسي وصولاً إلى تحقيق ما اتفق عليه الجنوبيون. وفي هذا الشأن فإن الدعوات الموجهة من القوى الشمالية وتحديداً الحوثيين بتشكيل لجنة شمالية - جنوبية منبثقة من اللقاء الموسع للقوى القبلية المؤيدة للحوثيين لن تجدي نفعاً إن كانت تريد تكرار الترقيع أو استهلاك الوقت، فيما الحاجات الجنوبية الملحة المعبر عنها بتقرير المصير محط إجماع السواد الأعظم من الجنوبيين تتطلب اعترافاً واضحاً من الأشقاء الشماليين ممن في السلطة أو ممن ستحملهم الأيام القادمة إليها، وإعطاء الجنوب فرصته لاختيار ما يريد عن طريق المسالك الديمقراطية المتعارف عليها وصياغة عهد جديد من الأخوة والعلاقات الطيبة بين الطرفين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى