عـلم الـبحـث فـي الـجـذور والأنـسـاب

> بلال غلام حسين

> أحد البرامج الوثائقية غير المنتظمة التي أحرص على مشاهدتها في إحدى القنوات الفضائية بين الفينة والأخرى، هو برنامج علمي مخصص في البحث عن جذور الشخصيات الذين يتقدمون بطلباتهم للمتخصصين في البحث عن تاريخ الأسر بطريقة علمية بحتة.
هذه المرة كان البرنامج عن إمرأة أمريكية تقدمت بطلبها لتتعرف على تاريخ أجدادها ومن أين جاؤوا. وكانت البداية هي البحث والتنقيب في وثائق الأرشيف الأمريكي التي أوصلتهم إلى جذور أحد جدودها الكبار المولود عام 1797م في إيطاليا.
بلال غلام حسين
بلال غلام حسين

في هذه الأثناء سافرت هذه المرأة إلى إيطاليا لتتعرف على المكان الذي ولد فيه جدها الأكبر، وبعد وصولها قابلت أحد المختصين أيضاً بتاريخ الأسر والذي أخذها إلى القصور والأملاك التي كان يملكها جدها وذكر لها بأنه كان من الأشراف الكبار في العاصمة الإيطالية روما. ولكن كان هناك تساؤل يراودها وهو من هو والد هذه الشخصية، أي الجد الأكبر لها؟. وبعد البحث ودراسة الوثائق والمراجع وجدت بأن أبا الجد الأكبر لها هو فرنسي الأصل ومن مواليد فرنسا.
شدت المرأة الأمريكية رحالها إلى فرنسا للتعرف والتأكد من جذورها الفرنسية التي أوصلتها إلى منزل صغير في إحدى القرى الفرنسية النائية، وكان هذا المنزل ملك لوالد جدها الأكبر.
ولم تقف الحكاية عند هذا الحد، إذ أخذها أحد الباحثين البريطانيين المتخصصين في هذا المجال إلى أحد القصور الفرنسية والتي كان يملكها أبو الجد الأكبر وتحولت إلى متحف وطني، ليحكي لها عن تاريخ هذه الشخصية وأنه كان من طبقة الأمراء في فرنسا.
ولكن المفاجأة الكبرى التي صدمت هذه المرأة الأمريكية هي عندما أخذها الباحث البريطاني إلى قصر فرساي والذي تحول إلى متحف وطني أيضاً وفيه شاهدت تماثيل الملوك والأمراء الفرنسيين الذين تناوبوا على حكم فرنسا، وبينما هم يتجولون في القصر إذا بالباحث يوقف هذه المرأة أمام تمثال الملك لويس الرابع ويقول لها هذا هو جدك الأكبر وبداية عرق عائلتك يبدأ منه..!! لتنسل دموع الفرحة من عينيها.. وفي الحال قال لها الباحث ادخلي يدك في علبة صغيرة كانت موضوعة بجانب تمثال الملك لويس الرابع، وما إن أدخلت يدها فيها حتى صعقت من هول المفاجأة، لأنها لمست قلب الملك الفرنسي الذي كانت تحويه العلبة!!.
بدأت هذه المرأة في البحث عن أصولها معتقدة بأنها سوف تصل إلى شخص والد جدها الأكبر وينتهي بها الأمر عند ذلك، ولكنها لم تدرك بأن جذورها سوف تعود إلى فرنسا وبالتحديد إلى العائلة المالكة الفرنسية.
ملخص هذه الحكاية هو أننا في الشرق الأوسط لا نكترث كثيراً لقراءة التاريخ والتوثيق بموضوعية ولا نبالي به، وإن قرأناه أو كتبنا فيه يكون من باب التباهي والتفاخر بالأنساب ومعايرة الآخرين به والتقليل من شأنهم، ونتعمد إخفاء الحقائق عن الناس ونظهر أمامهم تاريخنا المزيف ونستمر بتداوله، وإن لم يكن صحيحاً، ونلزم الناس بتصديقه، حتى وإن ضاعت بسببه أجيال وأوطان!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى