المحامي مفيد الهويش لـ “الأيام”: النخبة السياسية استهلكت وشاخت وأصبحت عالة على البلد

> حاوره/ محمد العزعزي

> يرى المحامي والمدرب في التنمية البشرية مفيد علي سيف الهويش إقامة نظام الأقاليم يمثل حلا للتخلص من هيمنة المركز وفساد المركزية الشديدة في اليمن، ويراهن الهويش وهو رئيس منظمة نداء للتنمية والتدريب على أبناء تعز في تحملهم مسؤولية نشر الوعي والانتصار للقضية الوطنية في ظل ضبابية المشهد والتعقيد، وظهور مليشيات مسلحة على حساب قوى الحداثة الناتجة عن ضعف أداء النخبة السياسية في البلد.
وفي لقاء مع «الأيام» رفض تحويل تعز إلى مسرح عمليات للجماعات الخارجة عن القانون، مؤكدا على دور الشاب الطموح المتسلح بالوعي والتسامح المطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والإنصاف.
**كيف ترى المشهد السياسي والتحديات التي تواجه اليمن؟.
-المشهد معقد وكل يوم يزداد غموضا وأصبحنا نحتار في القراءات والمشكلة أننا لا نعتمد على معلومات دقيقة ومعطيات جديدة، فأصبحنا نحلل من ذاتنا وفقا لمعلومات قديمة وسابقة تكاد تكون أطروحات الآخرين.. أما بالنسبة للمرحلة القادمة أتوقع انفراج تحت كل الظروف التي تمر بها اليمن، ولابد للناس أن يخرجوا بحل مهما كان التعقيد والضبابية، ولابد أن يفرض فيه الحل المؤكد، وربما يكون له ثمن وصعب على البعض، وهذا يعد من وجهة نظر الآخرين، وفي الأول والأخير لابد من حلول وهذا ما تعودنا عليه.
**هل ترون أن النخبة السياسية في تعز انحدرت أم أنها مغيبة وغيبت إرادة الجماهير؟.
-طرحت في لقاءات سابقة أن النخب السياسية استهلكت وربما شاخت فلم تعد قادرة على تقديم رؤية لمشروع جديد فهي قدمت كل ما لديها، وأصبحت اليوم تمثل عالة على المشهد السياسي، فليس لديها قدرة على تقديم شيء، ومع الأسف نرى أن النخب أصبحت تمثل دور المتفرج أكثر مما هم متفاعلين، وبالتالي الشارع اليمني مسيس اعتنق الحزبية مبكرا، ومع ذلك استجاب لهذه النخبة السياسية، والإرادة الشعبية تغيرت لذات السبب كونها غير قادرة على تقديم كل الجديد.
**بماذا تفسر كلامك أن النخبة شاخت؟
-الأمر واضح والعجز ماثل بظهور قوة جديدة في الساحة على حساب القوى الوطنية الحقيقية التي لها أدوار نضالية من زمن بعيد، والذي يعول عليه الشارع والجماهير وكل الوطنيين، لكن أصبح دورها خفي، ونحن هنا لا يمكن أن نسفه أو نخون أو نطعن بشرعيتها، قلنا فقط (شاخت) وكل إنسان له طاقة محددة إذا وصل لمرحلة معينة يكون قد استنزف الطاقة في صراعات تقليدية وصراع مع النظام، والكل يعرف هذا حتى أصبحوا غير قادرين على تقديم رؤية واضحة حقيقية للشارع اليمني، وهي خيار الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة ذات الطابع المدني المتحضر المتحرر بالهوية التي نحاول إيجادها، وهي حلم كل الجميع.
مظاهرة شبابية ضد انتشار الجماعات المسلحة في اليمن
مظاهرة شبابية ضد انتشار الجماعات المسلحة في اليمن

**بماذا تفسرون هذا التخبط وتراجع بعض القوى عن الأقاليم وعدم الاعتراف بمظلومية تعز، وحتى الاعتراف بالقضية الجنوبية مازال حبرا على ورق دون عودة الحقوق وتنفيذ النقاط العشرين؟
-العديد من الناس يتحدثون عن هذا الموضوع لكي يسجلوا موقفا ضد هذا الطرف أو ذاك، وعند الحديث عن جزئية تعز أو الجنوب أشعر أنني أتخلى عن مشروع وهدف كبير في عقلي، فأنا مع مشروع الأمة اليمنية والعربية بأكملها، لكن واقع الحال يفرض علينا الحديث عن هذه الجزئيات نتيجة الظرف والحدث الحاصل في البلد، ومنذ فترة نتحدث عن جزئية ونكرس عمق انفصالي على الأقل عند المستفيدين من هذا الموضوع، ومن قبل كنا نتحدث عن مظلومية اليمن بالكامل حتى لا تحصل مشاريع أزمات وتقوقع واستقطاعات لهذا الوطن باسم مشاريع وقضايا ولدت اليوم، والكثير من المثقفين يتحدث عن الظلم في اليمن بأكمله شماله وجنوبه وشرقه وغربه لكي تكون القضية الوطنية واحدة.
أبناء تعز موجودون في كل مكان، وعندما نتحدث بهذه اللهجة فهي محاولة للوصول إلى الحقيقة في مساهماتهم خلال العقود السابقة، وحتى اليوم.. نحن لا نشعر بالتراجع حتى تصدر قرارات رسمية بهذا الشأن ونتأكد منها، والحقيقة أنا أنزعج من المسميات التفصيلية كقضية تعز أو تهامة، وأحب الحديث عن قضية اليمن كاملة بعيدا عن التفاصيل الدقيقة.
**هل يمكنكم توضيح ما يدور في تعز حاليا؟
-من جهة نظري إن ما يدور في تعز هو انعكاس لما يدور في اليمن، وهو قائم، واستطاعت هذه المحافظة تمثيل الدور الحضاري في التماسك وعدم زعزعة الأمن والاستقرار، وعدم السماح لأجندة ومليشيات الجماعات المختلفة بأن تجعل من تعز مسرح عمليات، وهذا يعتبر نضوج مقبول ونتمنى من كل المحافظات أن تكون بذات المستوى، والخوف والقلق أن تصدر الصراعات إلى تعز، وليس المهم تعز وحدها بل البلاد بأكملها، والأكيد أن هذه المحافظة عليها أن تتجاوز الأثر الذي يمكن أن يمتد بأي لحظة إلى قلب تعز.
**ماذا عن مظلومية تعز في ظل ظلامية وظلالة الولاءات الضيقة لصنعاء؟
-تعز مظلومة وعند الحديث بهذا الموضوع أشعر بالحزن كون المصطلح لا يتناسب مع قناعاتي الفكرية في المشروع القومي الكبير، وفي الواقع أن تعز ضاعت في الرجلين كما يقال فهم (لقالقة) في صنعاء (ودحابشة) في عدن، وربما الحراك التهامي يستهدف أبناء تعز وهذه مشكلة بسبب كثافتها السكانية.
**حدثنا عن مظلومية تعز منذ صلح دعان بين الأتراك والأئمة حتى اليوم؟
-الامتداد التاريخي لتعز وعراقتها وأصالتها تحتاج وقت كبير ولا أحد ينكر ذلك، فهي ثائرة حرة ومدنية بأخلاق سامية، وكل ما يدور حاليا يعتبر دخيل عليها، وأجزم أن أي مشروع تقدمي ينطلق من تعز وربما هي الملهمة، والمعلمة الأولى لمعاني الحرية والحضارة والثقافة في اليمن.
وقفة احتجاجية لناشطات ضد اغتيال الفكر والمفكرين
وقفة احتجاجية لناشطات ضد اغتيال الفكر والمفكرين

عندما نتحدث عن مظلومية تعز أشعر بالانتقاص لقضية اليمن الكبرى وإن سلمنا بمظلومية تعز فهي عادلة، فالكل يتكلم عن القضايا الوطنية العادلة للتوقف عندها وإيجاد حلول توقف سياسية لها، والمؤكد أن تعز مرت بتاريخ طويل من الظلم منذ حكم الأئمة حتى الآن.
**هل ما زالت تعز حاضنة للفكر الثوري في معمعة التناقضات الحالية وأين موقعها من الخارطة المستقبلية؟
-الحديث عن تعز يعني الحديث عن القوة البشرية في كل مكان وهي الحاضنة الحقيقية للثورة في الحرية والبناء والتطلع، ونجد بصمات ولمسات واضحة في كل مكان لأبناء هذه المحافظة، فهم شرايين حقيقية ولا نغفل دور الآخرين الملموس بواقعية كونه ممتدا، وموجودا في كل أرجاء الوطن، وعلى العكس في الحالات الثورية القديمة والحديثة نجد أبناء تعز دائما في الصدارة، وهم أصحاب رؤية وهوية ثورية بامتياز تنطلق من الإنسان.
**في هذا الوضع المربك كيف يفهم الشباب أن لتعز قضية؟
-ماهو مبشر أن الوضع في حلحلة المشهد الجديد أن هناك الكثير من القضايا العادلة في هذا الوطن من ضمنها مشروعية قضية تعز، فالوضع أصبح يفضح هذه الأمور بشكل علني، ولكل مشروعه يتغنى به، ومع حزني الشديد في هذا الجانب أصبح الكل يجد إسنادا ودعما من جهات داخلية وخارجية إلا أن أهل تعز يظلون يحملون جرحا لا أحد يطببه.. الشباب يدرك هذا بجلاء وأصبحنا نقف مع قضايا الآخرين، ولا نجد من يناصرنا في قضايانا.
**لماذا يتم تهميش تعز وعدم اعتراف الآخرين بالمظلومية؟
-أي مجتمع يحمل هوية ثورية لابد أن يجد بقية المشاريع والقوى تحاصره لأنه مشروع الانتصار لقضايا الآخرين والأمة إجمالا، وأبناء تعز لهم الشرف والفخر بأنهم يعملون من أجل سعادة اليمن، وليس من أجل تعز وحدها، وعلى العكس نحن نفتخر أننا نشيد البناء لليمن كلها، ولأبناء تعز نظرة عميقة وشاملة ويجب أن نضع في الحسبان أن بعض القوى تعمل لمصلحة ضيقة ومناطقية، ولهذا فإنها لا تسمح لأي قوة ثورية تحمل مشروع تحرري، فهم لا يسمحون بذلك، كما تحاول إلغاء أي مشروع نهضوي معاصر.
**ماذا عن طمس الهوية الثقافية والاقتصادية ضد تعز من قبل المركز المقدس في صنعاء؟
-لا أريد الحديث بلهجة مناطقية لكن المركز والنفوذ والسلطة تواجدت في صنعاء التي حاولت إلغاء العديد من الهويات من ضمنها الهوية الثقافية لتعز، ولا ننكر وجود شرفاء ووطنيين في صنعاء، لكن مراكز النفوذ والسيطرة جعلت منها مركز لقوى الظلم والظلام التي مارست عمليات الإقصاء للقوى الأخرى والمشاريع النظيفة، ومن هناك مارسوا الإقصاء والتهميش والإقصاء والإلغاء، وطمس هوية تعز الثقافية والاقتصادية والثورية.
**بعد كل ما حدث ماذا تستحق تعز؟
-من الصعب التحدث عن النفس لكن تعز تستحق كل الشكر، وما تعمله هنا يعتبر جزءا من الانتصار للقضية، وما تستحقه على أقل تقدير هي كلمة شكر ويجب أن لا ننجرف أو ننحرف، ولا نسمح لأي قوى كانت أن تزعزع هذا المكان الجميل المتعايش، ورفض كل الثقافات واللباس الجديد الذي يحاول الآخرين أن يلبسونا إياه، ويجب أن ننتصر للمشروع المدني الحديث.
**من المستفيد من إغراق تعز بالنفايات والقاذورات؟
-في الوقت الراهن مستحيل أن تطلب من المجروح عمل شيء واليمن كلها مجروحة، وتعز جرحت مثل كل المحافظات ولا نستطيع أن ننزع من الآخرين حقوق، وفي هذا الوضع علينا الثبات والاستمرار في المبادئ وإنجاز ما نؤمن به، وعلى أقل تقدير يجب أن يتعافى الجرح، وبعد هذا سنرى موقع تعز من الإعراب.. لن تتعافى تعز إلا إذا تعافت اليمن، فالجرح مشترك وعميق، وأتمنى المعافاة السريعة.
**هل هناك سؤالا تريد إضافته لم يرد ضمن الأسئلة؟
-في الأخير لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لصحيفة «الأيام» وطاقمها المتميز.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى