المشهد السياسي اليمني على خطى لبنان

> سحر رجب

>
سحر رجب
سحر رجب
المتابع للمشهد اليمني اليوم يرى جماعة أنصار الله تريد أن تستنسخ النموذج اللبناني في اليمن، فالحوثي استطاع في وقت وجيز أن يغير المعادلة السياسية فيها لصالحه، والحذو حذو حزب الله في لبنان، فهو يريد أن يكون دولة داخل دولة مثل حزب الله، فنجد التشابه المقصود بين مصطلح أنصار الله، وحزب الله، بالإضافة إلى التمدد الميداني والسياسي في هذه الدولة وتلك.
رغم بعض التخبطات التي يعانى منها أنصار الله بين الحين والآخر ونفور بعض اليمنيين منه في الفترة الأخيرة بمحاولته التمدد في المحافظات الشمالية، بعد أن استغل إخفاقات الحكومة السابقة بإقرار زيادة الجرعة في بلد يعاني أكثر من نصف سكانه من الفقر وانتشار الأمية، فجاء هذا الإخفاق الحكومي للحوثي على طبق من فضة تعامل مع الأمر بحنكة سياسية واستغل الوضع وفرض شروطه بالسيطرة على صنعاء بأقل الخسائر وأقل زمن وسط غياب تام للدولة وتعامل مع الأمر بمنطق المفاوض القوي، باعتبار أن قوة الفاعل السياسي في وزنه، مما جعل المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر يذهب إلى اللاعب السياسي الجديد في الساحة اليمنية، لكي يتفاوض معه في عقر داره في “صعدة”، ويملي على المبعوث الأممي شروطه التي وصفت بالتعجيزية في حينها، فهو استطاع بذكاء أن ينقلب على خصومه “حزب التجمع اليمني للإصلاح”، بوثبة واحدة أردته أرضا في انقلاب وصف بأنه انقلاب ناعم.
فما حدث في صنعاء وصفه بعض المحللين بأنه انقلاب ناعم في الوقت الذي لم يجرؤ أحد من القيادات السياسية في اليمن بوصف ما حدث بأنه انقلاب، فهدف الحوثي هو أن يتحكم في هذه الدولة الفقيرة ولا يحكم، بحيث يتحكم في القرار السيادي لها، حتى وإن اعترض على تعيين بعض الوزراء وينتهج نهج حزب الله في لبنان فنجده يضغط على الرئيس عبد ربه منصور هادى ورئيس وزرائه طيلة بقائهم في السلطة، وأنه دائما ما يرسل رسالة مفادها أن الأمور لا تمشي إلا وفق لما تريد جماعة أنصار الله وليس غيره.
ومن ناحية أخرى استطاع الحوثيون الضغط بقوة لدمج ميليشياته في المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخباراتية، ووصف الدمج في الجيش بأنه استحقاق لمخرجات الحوار الوطني وتحديدا مخرجات قضية صعدة، بينما الواقع يقرأ بمفرده أخرى غير قراءة الحوثي التي يرى أن الدمج يعنى تحويل الجيش اليمنى الذي كان ينتمي لقبيلة الرئيس السابق على عبد الله صالح “المؤتمر الشعبي العام” إلى أنصار الله، وهذا يعنى تحويل المنظومة السياسية في اليمن إلى تابع لجماعة أنصار الله. مما يستنبط أن نرى تحويل مسمى الجمهورية اليمنية إلى الجمهورية اليمنية الإسلامية في الفترة القادمة تيمنا بإيران ويتحول جماعة أنصار الله إلى الحرس الثوري اليمني.
ويرى مؤيدو الحوثي أن هذا القرار يأتي لمعالجة الإقصاء الذي لحق بالحوثيين خلال الفترة الماضية باعتبار الحوثي أحد مكونات التركيبة السكانية في اليمن، من حقهم أن يكونوا جزءا في المؤسسات العسكرية، مما يحقق بشكل فعلي الشراكة الوطنية التي يسعى إليها الجميع. وفى الوقت الذي قالت فيه وزارة الدفاع إن هذا الدمج لمسلحي الحوثي، الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن هو تنفيذ دقيق لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، ويعالج الملحق الأمني لهذا الاتفاق قضايا بسط نفوذ الدولة والعاصمة، وقضية تسليم السلاح الثقيل ورفع مظاهر السلاح والمخيمات من العاصمة ومداخلها، وانسحاب الحوثيين من المناطق التي يسيطرون عليها.
واتفق الحوثي على رفع المظاهر المسلحة في عدة محافظات يمنية، أما بخصوص العاصمة صنعاء فرهن الأمر بسرعة البت في استيعاب أنصار الله في المؤسسات العسكرية. وعن المظاهر المسلحة في مدينة البيضاء وسط اليمن فقالت أنصار الله إنها جاءت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لمواجهة عناصر القاعدة، وإنهم سيقومون برفعها في الوقت التي تستطيع فيه الأجهزة الأمنية مواجهة تلك العناصر بمفردها.
وفي الوقت الذي نرى شمال اليمن يختلف عن البيئة الجنوبية له فهي طاردة للإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، فنرى أن الجنوب بيئة ليست حاضنة لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها العسكري “أنصار الشريعة”، وكذلك جامعة الحوثي وميليشياتها العسكرية “أنصار الله”، وأن جماعة الحوثي تعي جيدا أنها إذا تمددت في الجنوب ستضعف قواها، وبالتالي سيراها حليفها فرصة للانقضاض عليها.
عن “اليوم السابع” المصرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى