مشألة بيافع لحج..منطقة منسية من خارطة خدمات الدولة

> استطلاع/ سعدان اليافعي

> يسكن منطقة مشألة يهر يافع بمحافظة لحج، وبحسب تقدير الأهالي يسكنها 12 ألف نسمة، وتضم أكثر من 400 قرية، وتجمع سكاني، ونتيجة لموقع هذه المنطقة في أعلى الجبال جعلها تعاني الأمرين، قساوة الطبيعة، وإهمال الجهات المعنية.
الأمر الذي خلق معاناة مضاعفة على الأهالي، نتيجة الحرمان التام من الخدمات الأساسية كالماء والطرق المعبدة، والكهرباء، والصحة، والتعليم، وغيرها من المشكلات المجتمعية ومنها غلاء المهور.
معاناة أكدوا بأنها خارج اهتمامات الدولة، وليس هناك ما يبشر ببصيص أمل في المرحلة القادمة.
«الأيام» زارت هذه المنطقة وتلمست هموم ومعاناة أبنائها عن كثب وخلصت بالآتي:
تقع منطقة مشألة في أقصى شرق محافظة لحج، وتبعد مسافة 400 كم عن العاصمة الحوطة، وترتبط منطقة مشألة بمديرية المفلحي عبر سلسلة جبلية تسمى (رهوة ضول) من جهة الشرق، ومن جهة الغرب ترتبط بقرى وادي بناء، ومديرية حبيل جبر عبر طريق وعرة للغاية تنتهي قبل الحدود الخرائطية مع مديرية ردفان، وتعتبر جميع الطرق والخطوط المؤدية إلى المنطقة صعبة جداً، مما يشكل متاعب للمواطنين أثناء تنقلهم.
**الطريق الإسفلتي.. حلم بعيد**
توجد في هذه المنطقة طرق من عدة جهات تربطها بالمناطق الأخرى، غير أنها شديدة الوعورة، ومن هذه الطرق طريق بناء ضول المؤدية إلى حبيل جبر ردفان ويقطعها وادي بناء، وفيه تصبح أثناء تساقط الأمطار غير آمنة للمرور نتيجة لتدفق السيول الجارفة فيها بغزارة، الأمر الذي يجبر المواطنين ملازمة منازلهم لأيام وأسابيع.
وتقع الطريق الأخرى من جهة العسكرية وهي الأخرى شديدة الوعورة في وادي اشدد، كما أن هناك طريقا تربط هذه المنطقة من جهة مديرية المفلحي، وهو الآخر تحدث فيه كثير من حوادث السير لضيق الطريق، كما يوجد في هذه المنطقة أيضاً عدد من الطرق الفرعية وجميعا غير صالحة لوعورتها.
**الفانوس هو السائد**
منطقة مشألة لا تعاني من الحرمان في الطرقات وحسب بل وصل الحد للحرمان من مشروع الكهرباء، حيث مازال الأهالي يعتمدون على مولدات كهربائية خاصة، وإن كان الفانوس هو المستخدم الأكبر.
يقول الأهالي تحصلنا على عدة وعود من الجهات المعنية بإيصال مشروع الكهرباء لعموم قرى المنطقة غير أن تلك الوعود لم تنفذ، واكتفت بتوصيلها إلى مناطق معينة، تعمل من بعد الظهيرة حتى منتصف الليل فقط.
**أزمة مياه خانقة**

تعاني منطقة مشألة أزمة خانقة في مياه الشرب، في كافة قراها التي تزيد عن 400 قرية، ويعتمد أبناؤها في الحصول على الماء من خلال الكرفانات والإحساء وهي عبارة عن حُفر دائرية في الأرض قطرها متر وبعمق 5 أمتار.. ويستخدم الإحساء لحفظ الماء وهي على شكل خزان أرضي.
وتعيش قرى هذه المنطقة في هذه الأيام أزمة حقيقية، وهو ما يجعل الأهالي يلجؤون إلى حفر مزيد من الكرفانات وبأعماق كبيرة وواسعة وكذا بناء سدود واسعة لضمان حفظ المياه لأكثر وقت ممكن.
ويعتمد الأهالي في هذه المنطقة على الحمير بشكل أساسي في نقل الأمتعة، والمياه، وكل أغراضهم والتنقل بها من مكان لآخر نتيجة لوعورة الطريق.
**غياب المعلمين**
توجد عدد من المدارس في منطقة مشألة غير أنها تخلو من المعلمين، وهو ما يجبر أولياء الأمور إلى ترك المنطقة والاتجاه إلى الحبيلين لتعليم أبنائهم حيث تتوفر مدارس المرحلتين الأساسي والثانوي.
كما يعاني خريجو هذه المنطقة من الحرمان من التوظيف وأضحوا في رصيف البطالة على الرغم من مرور ما يزيد عن سبع سنين من تخرج الكثير منهم.
الخريجون وجهوا رسالة عبر «الأيام» إلى مكتب التربية بيهر والمحافظة بضرورة توظيفهم لانتشالهم من رصيف البطالة، وليتمكنوا من تعليم أبناء المنطقة التي تفتقر إلى الكادر التدريسي.
**وحدات صحة بلا كادر**

توجد في منطقة مشألة وحدتان صحيتان في منطقة ضول وأخرى في سلام، غير أنها تفتقر إلى الكادر الصحي وكذا المستلزمات الطبية منذ ما يزيد عن 11 عاما على افتتاحها، لتضحى اليوم مأوى للحيوانات والكلاب الضالة.
ويحمل الأهالي في مشألة السلطة المحلية كامل المسؤولية، مطالبين إياها بضرورة تحمل مسؤوليتها في توفير الكادر الصحي للوحدتين الصحيتين ليستتفاد منهما.
**عادات الأعراس السلبية**
لمنطقة مشألة كغيرها من المناطق عاداتها وطقوسها الخاصة بها لاسيما في الأعراس، ومن أبرز هذه الطقوس التي تشتهر بها مشألة إطلاق الأعيرة النارية بكثافة في الأعراس، واستخدام السلاح في هذه المنطقة لا يقتصر على فئة الشباب وكبار السن وحسب، بل تعدى ذلك إلى فئة الأطفال، وإطلاق الأعيرة النارية في مشألة يعد عادة قديمة لدى الأهالي، وباتت هذه الظاهرة في الوقت الحاضر تشكل تهديداً كبيراً للمشاركين في الأعراس نتيجة لإطلاق النار بشكل عشوائي وغير مسؤول وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى إزهاق أرواح وتحويل الأعراس والأفراح إلى مآتم وأتراح.
**الزواج وتكاليفه الباهظة**
تعتبر ولائم الأعراس من عادات قرى مشألة رغم الأعباء الكبيرة التي تضعها تكاليف الزواج، حيث تصل تكاليف الزواج فيها إلى (مليون ريال يمني)، وقد تصل إلى أكثر من مليونين وثلاثمائة ألف ريال.. وهذه مبالغ خيالية جعلت كثير من أبناء المنطقة وخاصة شريحة الفقراء يعزفون عن الزواج نتيجة تكاليفه الباهظة والكبيرة جداً، وتقام احتفالات الزواج على مدى 3 - 4 أيام يتبادل خلالها الزوامل والقصائد الشعرية والرقصات الخاصة بأبناء المنطقة.
**مشكلات عدة**
مرشد الصهيبي
مرشد الصهيبي

مرشد الصهيبي أوضح لـ«الأيام» أبرز المشاكل التي يعاني منها أبناء المنطقة بالقول: “تعد المياه أبرز المعاناة التي نواجهها في هذه المنطقة، في ظل غياب تام للجهات المعنية التي لم تحرك ساكنا تجاه معاناتنا، كما أن الطرقات تعد هي الأخرى مشكلة عويصة، فجميع الطرق وعرة وتتسبب في خلق معانات عدة وبشكل مستمر لاسيما في موسم تساقط الأمطار، وأيضاً مشكلة المغالاة الكبيرة في المهور، والتي تصل في بعض الأحيان إلى مليونين ريال، وهو ما حرم الكثير من الشباب من الزواج.
**قلة الكادر التدريسي**
من جهته أوضح فارس مسعد قاسم من قرية حذرة التابعة لمنطقة مشألة بأن المنطقة بحاجة إلى إنشاء ثانوية عامة ورفدها بالمعلمين المؤهلين في التخصصات العلمية، مع ضرورة تغطية النقص في الكادر التدريسي وكذا الكتب المدرسية في المدارس الأخرى.
وأضاف: “أيضاً تعاني المنطقة هذه الأيام أزمة نضوب المياه الصالحة للشرب، فعملية إنشاء السدود الصغيرة أثبتت فشلها بشكل كبير، لذلك فالمنطقة بحاجة إلى كرفانات واسعة لتحفظ الماء بشكل كبير ولفترة طويلة”.. موضحاً بأن من المشكلات التي يعاني منها أبناء مشألة وبشكل دائم هي وعورة الطرقات.
**معانات كثيرة**
ربيع أبو سالم العبدولي أحد الشخصيات الاجتماعية في مشألة بدوره تحدث لـ«الأيام» عن جانب من مشكلات المنطقة بالقول: “إن المعانات في هذه المنطقة كثيرة وكبيرة، بدءًا من الطرق شبه المعطلة التي باتت ترهق الأهالي كثيراً عند التنقل خاصة إلى ردفان، كما أن المنطقة تعيش هذه الأيام مشكلة حقيقة نتيجة الأزمة في مياه الشرب، وهنا نطالب الجهات المختصة بضرورة الالتفات إليها، وتزويدها بعدد من المشاريع الخاصة بالمياه، والكهرباء، والتعليم، والصحة، والاتصالات وغيرها”.
**منطقة منسية**
 صالح الفنيع
صالح الفنيع

بدوره تحدث صالح الفنيع بالقول: “التعليم في مشألة والجنوب ككل متدهور، وبحاجة إلى النهوض به، وهذا لن يتم إلا بتعاون الجميع، كما أن منطقة مشألة مغيبة و مرمية في ملف النسيان من قبل المعنيين بالأمر”.
كما يشكو الأهالي من الحرمان من خدمة الاتصالات السلكية، ومازالوا يعتمدون على تلفونات الإسقاط، وأجهزة الجوال التي تصل تغطيتها إلى بعض الأماكن في المنطقة فقط”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى