لأنك قلبُ المدينة !

> د. هشام محسن السقاف

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
وحدها مدينةُ المهدِ تكبرُ في أحلامي
تكتظ بي.. كفراشة عابرة
كليل يهرب في ثنية العمر
أغيب في زحامها.. وأرجع
خائبًا لتنامَ ساعتي الموجعة
أفضل أن أعبرَ جادةَ هذا السكون
السكون اللعين ذاته
لا ورديًا الآن
يخرج ممتشقًا..
في لحظة خالية من اقتناصٍ كثير
ذواتي
- التي هممتُ أن أنسى في الطريق -
تلك التي تكبر كفقاعة
أو كرة من الثلج
أو كعاصفة تمدّ حبالَ ودَِّها
وتسكن تحت نافذة
ربما من شهوةِ الاشتهاء
تنثُ ذكرياتٍ بَقيتْ في قاع التيه
ومسترجعاتٍ في الذاكرة
ومن العبور المزيفِ في خارطة الأشياء
تترجلُ تداعياتُ الكنهِ الغائبْ
في اللا شيء، ذات الوجوه الداكنةْ
ذاتَ الغدِ المجهولْ
ذاتَ الأنا الحائرةْ
***
أظنَّكِ وحدكِ روح المدينة
هذا الهلامي الشرير
أظنَّكِ لا تأبهين أن يتكسر الضوء..
في اختزالاتِ نصفكِ الغائمِ أو السادر أو الحالمْ
وأن تطئي سدرة المكان حيثُ لا مكان
إلا أن تكوني سُرَّةَ الوجودْ
أن يتجلى سّرك في الليل في الصباح الباهر
في الضوضاء والغبارْ
وفي أن لا تنام ضحىً قططُ الكسلْ
لأِنك ربما تشتهين الكلامَ والهمسَ الصافي
والنظراتِ التي تتكسر في الوهجْ
لأِنك ربما لا تأبهين أن يخرج الأزرق المخاتلْ
من مصطبات البيوت وفوضى الشوارعْ
تحلمين أن تأتي مفرداتُ الصبح
تمامًا كما أنتِ
على مقاماتِ الوردِ وقهقهاتِ النساءْ
لأِنك قلبُ المكان
تتدثرين ضحواتٍ تناهز الصمت وتعبرهُ
تُقلبين أهواء العبث في راحتيكِ
وتخرجين خالصة من الأنا
من الضوضاء من الصوت الغريب
تبلسمين مواعيدَ الأمسِ وهناتِ القمرْ
وتفتحين شباككِ للغيم الصاعد
وتسترين عري السحابِ ونزواتِ البحرْ
وترتجلين شيئًا من تداعيات الليل
وتغيبين للحضور
هنا أغنية كانتْ كالأمسِ من شفاهِ الطفل
كأنك لا كالأمس لم نصدقهُ كثيرًا
ولم نأبهْ أن نَحْرصَهَُ في الصحواتِ المبكرةْ
كأنك شيءٌ لا نعرفه
تسكننا ذرات صمتكِ العجيبْ
فمن أين تهلينَ وتعبرينَ الموجَ
وتسحبين الضوءَ إلى أروقةٍ خاليةْ
أو متى؟! متى تشهدينَ ذاتكِ
تعبرينَ الحلمَ إلى الذاكرة
وعلى جانبيكِ ربما أنام هذه المرةْ
أنامُ قليلاً..
لتصحوَ شموسكِ الغائرةْ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى