الاستبداد والعلم (2-2)

> د. عبده يحيى الدباني

> ويمض المؤلف محددًا بعض العلوم التي لا يخافها المستبد، لأنها لا ترفع غباوة، ولا تزيل غشاوة، ويذكر المؤلف كذلك إن المستبد يبغض العلم لذاته أيضًا، لأن للعلم سلطان أقوى من كل سلطان.
ويشير إلى أن بين الاستبداد والعلم حربًا دائمة، وطرادًا مستمرًا؛ إذ يقول: “يسعى العلماء في نشر العلم، ويجتهد المستبد في إطفاء نوره، والطرفان يتجاذبان العوام، ومن هم العوام ؟، هم أولئك الذين إذا جهلوا خافوا، وإذا خافوا استسلموا، وهم الذين متى علموا قالوا ومتى قالوا فعلوا”، وكلمة (العلماء) في هذا السياق كلمة عامة يدخل في إطارها المثقفون والأدباء والمفكرون وكل ذوي العلم.
إن العلم هو الطريق إلى الحرية والقضاء على الاستبداد كما أن الجهل هو عدو الحرية وعدو الحياة، وفي ظله يترعرع الاستبداد ويزدهر.
“والحاصل إن العوام يذبحون أنفسهم بأيديهم بسبب الخوف الناشئ عن الجهل، فإذا ارتفع الجهل زال الخوف وانقلب الوضع، أي انقلب المستبد رغم طبعه إلى وكيل أمين يهاب الحساب، ورئيس عادل يخشى الانتقام، وأب حليم يتلذذ بالتحابب وحينئذ تنال الأمة حياة رضية هنيئة”.
وأخيرًا يشير المؤلف إلى أن المستبدين الغربيين يخافون أشد الخوف أن يعرف الناس حقيقة الحرية، وأنها أفضل من الحياة، وأن يعرفوا النفس وعزها والشرف والحقوق والظلم والإنسانية والرحمة.
لقد كتب المؤلف هذا الكلام عن الغربيين في نهاية القرن الثامن عشر، وما أظنهم اليوم إلا قد عرفوا الكثير مما ذكر وفي ضوء علمهم بذلك حققوا تقدمًا كبيرًا في ميدان الحرية وحقوق الإنسان.
أما المستبدون الشرقيون ومنهم العرب فذكر الكواكبي – رحمه الله – أنهم يخافون من العلم أشد الخوف حتى من علم معنى (لا إله إلا الله)، لأن من معانيها (لا يستحق التذلل والخضوع شيء غير الله).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى