الثورة المستبدة بحاجة لثورة

> باسم فضل الشعبي

>
باسم فضل الشعبي
باسم فضل الشعبي
استخدام القوة في السيطرة على السلطة في ظل غياب المشروع السياسي والاجتماعي المطمئن للناس، يفكك ما تبقى من مؤسسات الدولة والمجتمع، وينتج حروبا خطيرة جهوية وطائفية، ليس فيها منتصر، والخاسر الكبير فيها هو اليمن بشعبه وموقعه الاستراتيجي وتراثه وتاريخه العريق.
القوة ليست حلا.. المشروع هو الحل، إذ تحتاج اليمن لمشروع وطني حقيقي يداوي الجراح ويلملم الشتات ويزيل موروث ثلاثة عقود من الجهل والفقر والمرض والاستعباد والإقصاء والتهميش.
مقبول جدا أن يظل الصراع سياسيا، وكارثي جدا أن يتحول إلى طائفي وجهوي، أو مناطقي، فالأول يسهل التعاطي معه، ووجوده يعد طبيعيا في ظل التنافس السياسي المشروع، والثاني مدمر للأرض والإنسان، فآمل ألا تنزلق إليه اليمن، لأننا لن نجد يمنا بعد ذلك نتحدث عنه بل يمنات.
الثورات الشعبية كانت في نظر كثير من المتابعين والمحللين هي الحل لاجتثاث الاستبداد وأمراضه، وبناء دولة المواطنة والعدالة.. لكن للأسف، فما نشاهده الآن، هو أن الثورات أنتجت استبدادا جديدا، مسنودا بالقوة والهيمنة والاصطفاء، وأعادت الجميع للمربع الأول.. واستحقت حقا وصف الثورة المستبدة، المتعالية على المطالب والأهداف والمحفزات التي أنتجتها، والمنقلبة على تطلعات الجماهير النبيلة التي مهدت الطريق أمامها والتي آلت إلى قبضة قوى مستبدة لا مانع لديها من الانقلاب على كل شيء حتى على الثورة نفسها التي يدندنون بها.
وإذا لم تعد قوى الثورة إلى رشدها لمراجعة مواقفها، وتغيير أدواتها، وأساليبها في التعامل مع البلد والناس وقيادة الدولة، فإنها تكون بحاجة لثورة جديدة لا يمنعها شيء من الحدوث، بعد توفر أسبابها ومحفزاتها خلال الأيام الماضية بصورة لم تتهيأ من قبل.
كلفة الثورات كبيرة جدا، لكن لا مناص منها إن كانت ستحمي بلدا من التمزق والتشظي، والاحتراب الأهلي والطائفي، وستعيد الأمل للناس ببناء دولة المواطنة الموعودة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى