لا تبدل بديل الأصل تقليد

>
 محمد العولقي
محمد العولقي
* يحاول مدرب فريق "مانشستر يونايتد" الهولندي فان جال تكريس فلسفة "الهيمنة" على اللعب من خلال شاكلة غريبة وعجيبة "على رأي المعلق رؤوف خليف" لم يألفها الفريق الإنجليزي ، الذي يبقى مخلصاً لجلده الكروي السميك ، القائم على فلسفة التوزيع المباشر ، واختزال المسافات بما يواكب عقلية الإنجليز الذين طوروا قوانين اللعبة وتركوا الإبداع لغيرهم.
* الأغرب من الأبل أن فان جال يواصل الضغط على ثورته التكتيكية دون أن يحسب حساباً لتقاليد "الإنجليز" ، المشهورين بكرتهم "الباردة" وطريقة توزيع ونفخ "البالونات" ، في أسلوب يظل ثابتاً في رسمه التكتيكي ، مهما تعاقدت فرقهم مع لاعبين من ذوي التركيبة المهارية.
* الإنجليز بعاداتهم وتقاليدهم ، لا يحبذون الإستحواذ على الكرة وتدويرها بين اللاعبين ، فهم عندما يفعلون ذلك تتعطل عندهم "شهوة" المشاهدة و"متعة" المتابعة ووفقاً والمستجدات والتعديلات التي أدخلها "فان جال" والمستوحاة من طريقة "الطاحونة" ، التي إبتدعها الداهية "رينوس ميتشلز" مدرب هولندا في كأس العالم بألمانيا 1974 ، وليس "يوهان كرويف" مع "برشلونه" كما يقول سارقو التاريخ .. فإن شاكلة لعب "المانيو" أشبه بقطعة إسفنج مليئة بالثقوب والعيوب معاً.
* كثيرون يلومون المدرب "فان جال" على عناده ، وتجريده عناصر الفريق من "ثقافتهم" .. والتبريرات جاهزة وواضحة ، ولا تحتاج إلى شهود عيان .. فلسفة "تدوير" الكرة والاستحواذ عليها تخص "الطبقة اللاتينية" تحديداً .. وهي طريقة تعتمد على " الإلهام" أولا .. والإبتكار ثانياً .. والإبداع التلقائي ثالثاً .. والإنجليز بينهم وبين هذه العوامل قطيعة ، وحرب معلنة بصورة تقترب كثيراً من العداء بين "موس"
و" فرعون ".
* كان السير "أليكس فيرجسون" ذكياً وحكيماً أيضاً لأنه ترك التركيبة كما هي .. وفقط لجأ إلى "تسريع" الإيقاع .. مع صرامة في الإنضباط التكتيكي .. وعندما فعل هذا ، كان يؤمن بحقيقة أن العقلية الإنجليزية "جافة" وموضتها "دقة قديمة" ، لكن "البريمر ليج" يتطلب حذقاً وخطوطاً حمراء يصعب تجاوزها .. من هنا بنى قاعدته "التكتيكية" على عقلية اللاعبين أنفسهم .. وأحاطهم بسياج من شاكلة تخدم قدرات اللاعبين ولا تتجاوزها وهو ما لم يفعله "فان جال" الذي يبيع "الوهم" لجماهير فريق متعطش للبطولات.
* صحيح "مانشستر يونايتد" يحتكم على لاعبين بهويات مختلفة .. لكن أعمدة الفريق الأساسية من التركيبة "الأنجلو ساكسونية" .. ومن رابع المستحيلات أن يعتنق اللاعب "الأنجلوساكسوني" المدرسة "اللاتينية" وهو يفتقد إلى روح الموهبة الفطرية ، التي تمتلك القدرة على الإبتكار والإلهام .. والعكس صحيح ، فلاعب مثل "دي ماريا" ، لا يمكنه مع "المان يونايتد" أن يصنع ربيعاً في الهجوم دون تحرك واع بدون كرة .. ولاعب مثل "واين روني" ، لا يملك في ذهنه ، إلا "القتال" وليس "الإبداع" والقدرة على خلق الفارق ، في طريقة لعب تبخسه حقوقه "الأنجلو ساكسونية".
* الخوف الحقيقي وسط "متكومات" المدرب أن يقلد الفريق الإنجليزي مشية الحمام .. فينسى فيما بعد مشيته الحقيقية .. وهو تخوف مشروع طالما وأن المدرب اللاتيني ، " فان جال" يصر على شاكلة "3/5/2" ولعل بوادر "الحمل الكاذب" عند "المان يونايتد" بدأت فعلاً من خلال عدم قدرته على خلق فرص حقيقية في المباريات ، تتماشى وطبيعة اللاعبين الذين يرون في طريقة المدرب "إنتحاراً" ، سيودي بالفريق ما لم يتراجع المدرب عن "معتقداته" ويعود إلى ثقافة الإنجليز قبل أن يبيع "الجمل" بما حمل.
* شاهدت مباريات عدة لفريق مانشستر يونايتد مع "فان جال" .. وفي بعض المباريات كنت أقول : لو لعب "المان" بهذا الأسلوب يوماً كاملاً لما سجل هدفاً يتيم الأبوين .. والموضوع لا يحتاج إلى فراسة المحقق "كونان" ولا إلى "مسودات" دراسية بحكم أن كتاب "المان" يقرأ من عنوانه .. فالفريق يستحوذ على الكرة دون "إبتكار" ويدور الكرة دون "إلهام" فيبدو لأي فارس في الحذق التدريبي فريقاً بساتر دفاعي همه الأول أن يمنع الآخرين ، من مهاجمته لا العكس .. ولعل هذا العقم في خلق الفرص مرده إلى "إنفصام" في شخصية الفريق وليس لأن الفرق الأخرى تدافع .. أنظروا إلى فرق متواضعة ، مثل " ليستر سيتي وهال سيتي ووستهام" ، فقد سجلت أهدافاً كاملة ، في مرمى "المان يونايتد" بطريقة "كربونية" .. اللاعبون ينتزعون الكرة ، أثناء التدوير "العقيم" ويجهزون بها على ثلاثي الدفاع المتصدع.
* وبصراحة يا " فان جال" ، وبلغة لن تعدم ، من يترجمها لك إلى "الهولندية" .. فريق "مانشستر يونايتد" بدون وعي وغطاء تكتيكي يستر عيوب طريقة لعبك .. وبهكذا وضع ، يمكن لأي فريق أن يهزم "الشياطين الحمر" الذين فقدوا "شيطنتهم" من أقصر الطرق .. ولعله من مقتضيات "المنطق" العودة إلى طريقة لعب الفريق التقليدية وإعادة "دي ماريا" إلى اللعب على الأطراف بدلاً من قتله في الهجوم المفلس.
* أما إذا استمر "فان جال" على عناده وهو مدرب "عنيد" بطبعه فإن الفريق الذي غير جلده وجلد أبائه ، مرشح لأن يبتعد عن "البج فور" .. ويخسر الكثير ، رغم قناعتي بأن الفريق يتأسس على مجموعة لاعبين جيدين بحاجة فقط للعب بطريقة تتناسب وإمكانياتهم الفردية والجماعية
وأي رهان على طريقة اللعب "اللاتيني" ، البعيدة عن "نباهة" الإنجليز وتقاليدهم .. لن يفيد الفريق في اليوم الأسود ، وأن تعمي عيون الشياطين" الحمر بحجة تكحيلها ، بطريقة مطاطة لا تتوازن وتركيبة اللاعبين "الانجلو ساكسونيين" .. معناه أن "المان يونايتد" في طريقه لحصد الخيبة نهاية الموسم من طرفيها .. وليت " فان جال" يستمع للفنان الكبير "أبو بكر سالم" .. وهو يصرخ كلما لعب "المان يونايتد": لا تبدل بديل الأصل تقليد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى