الشيخان أحمد النعمان وصالح الشقاع يلتقيان في سوق قابل بجدة

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي

جمعني لقاء جميل صباح الأحد 15 فبراير الجاري بالشيخ الجليل الفاضل صالح محمد سالم الشقاع، وأتحفني خلال اللقاء كعادته بحكايات عن الزمن الجميل الغابر، ومنها حكايته مع الراحل الكبير الأستاذ أحمد محمد نعمان، طيب الله ثراه، وأرى من الواجب أن أقدم الشيخين الجليلين إجلالا ووفاء لهما.
الأستاذ أحمد محمد نعمان من مواليد ذبحان بقضاء الحجرية لواء تعز في 26 أبريل 1909، تلقى تعليمه الأولي في القرية ثم في زبيد والتحق بالأزهر الشريف بالقاهرة عام 1937 لتحصيل العلم، ونال شهادة (العالمية)، وعمل بعد عودته مفتشاً على المدارس الابتدائية بتعز، وبدأ مع زملائه المعارضة العلنية لنظام الإمامة من عدن وتشكيل حزب الأحرار اليمني، ودخل السجن بعد ثورة 1948م، تولى عدة مناصب قيادية بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م منها عضو المجلس الجمهوري ورئاسة الحكومة. انتقل إلى جوار ربه في جنيف في 27 سبتمبر 1996م.
أما الشيخ صالح الشقاع فهو من مواليد حبان، سلطنة الواحدي عام 1923 (أي أنه الآن في الـ92 من عمره)، وتلقى تعليمه الأولي في مدرسة الشبلي وقضى فيها أربع سنوات، وكانت المدرسة تعتمد برنامجا تعليميا سوريا واستقدمت مدرسين من جاوة لتدريس النحو والفقة.
شد الرحال إلى عدن عام 1934 وهو في الحادية عشرة من عمره، وحط الرحال في سوق الطعام ليبدأ مسيرته الكفاحية في التجارة والنشاط الاجتماعي وعشقه للجلوس مع أرباب العلم وفي مقدمتهم العلامة الشيخ محمد بن سالم البيحاني الكدادي.
للشيخ الشقاع قراءته للتاريخ والواقع، وهو يرى بأن الزمان جاد بأفضل ما عنده في الرعيل الأول ثم بدأت الجودة تتقلص شيئا فشيئا، ومن سيئ إلى أسوأ حتى بلوغنا أشراط الساعة وهي هذه الأيام التي نعيشها.
دارت الأيام وأتت الرياح بما تشتهي السفن، فلم يعد الجنوب ملاذا للشيخ الشقاع ولم يعد الشمال مستقرا للشيخ النعمان، وبعد النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي التقى الشيخ صالح الشقاع أو قل إنه شاهد بمحض الصدفة (ورب صدفة خير من ألف ميعاد) الشيخ أحمد النعمان في سوق قابل في جدة بالمملكة العربية السعودية، وذلك عندما رآه خارجا من أحد المحلات التجارية فوقف يجول بعينيه ليشبعهما برؤية ذلك الشيخ الفاضل الذي قلّ أن يجود الزمان بمثله.
الشيخ النعمان يسأل الشيخ الشقاع: عرفتني؟
الشقاع: كيف ما عرفتك.. أنت الشيخ النعمان..
النعمان: من فين عرفتني؟
الشقاع: من عدن..
النعمان: فين في عدن..
الشقاع: عند الشيخ البيحاني، وعندما كنت مع الزبيري تخطبان في عدن.
النعمان: كنا نهاجم الإمام.. وكان كل كلامنا كذبا في كذب.. تبين لنا أن اليمن لا تريد إلا الإمام.. هو الوحيد القادر عليها.
وهنا دخلت على الخط وقلت للشيخ الشقاع: لقد كان النعمان صادقا فيما قال لأنه وجه رسالة شعرية إلى سيف بن ذي يزن عام 1983م ونشرتها “الأيام” في الذكرى الثانية لوفاة الراحل الكبير محمد مرشد ناجي، وجاء في مطلعها:
ياسيف لا بعدك سيف ولا قلم
وشامخ القوم ضاعوا وارتقى الخدم
وضاعت الأرض والتاريخ مال بنا
ياسيف نحو حياة كلها ألم
وثورة الأمس ماتت بعد مولدها
ومثلها مات من ضحوا ومن رسموا
ويقول فيها:
الدين في شرعهم ياسيف ما اقتسموا
وخير أوطانهم ياسيف أرصدة
بها مناصبهم تقوى وتحترم
ونحن من هام في الدنيا بلا وطن
عار به دولة الطغيان تختتم
رحم الله الشيخ أحمد محمد نعمان!.. وأطال الله عمر الشيخ صالح الشقاع ومتعه بالصحة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى