القضية الجنوبية

> كتب / أكرم أحمد باشكيل

> لم يكن بخاف لكل متتبع لمستجدات الأحداث في اليمن ما بعد المبادرة الخليجية وترجمتها على أرض الواقع وإزاحة جزء رئيسي وهام من مكون النظام اليمني أن يرى تفاقم الأزمة، حيث جاء ما عُرف بمؤتمر الحوار الوطني ليفتح أفقا جديدا ولسد ثغرات المبادرة الخليجية وتمكين اللاعب المستبعد الأساسي من العودة للمشاركة بالنظام، بينما جوهر قيامه كان ما فرضته القضية الجنوبية على واقع هذه التسوية التي جرت في رحاب أروقة فندق موفنبيك الأثيرة.

والمدقق في مجريات هذا المؤتمر الذي استمر قرابة عشرة أشهر يرى أن المشاركين الجنوبيين فيه قد انتقتهم أطراف جنوبية في النظام لكن على كل علاتها فرضت وجود القضية الجنوبية عليهم، وعلى الآخرين بحضورها، وقد كانت الضابط لإيقاع ما يدور، واستغلت من قبل كافة الأطراف فيه كورقة ضغط ومساومة حد الابتزاز، وطغت على ما عُرف بقضية صعدة التي هي الأخرى قد جعلت من القضية الجنوبية حصان طروادة للوصول إلى أهدافها، حيث تجاوزوا الجنوبيين في حمل القضية الجنوبية والدفاع المستميت عنها كورقة للخروج باستحقاقات لقضيتهم (قضية صعدة).

من أهم ما لعبته القضية الجنوبية في هذا المؤتمر أنها عملت زلزالا في بنيات النظام العسكري القبلي والتيارات السياسية والدينية التي كسرت بحضورها - القضية الجنوبية - التابوهات والخطوط الحمراء من قبل أطراف النظام المفكك بفعل المبادرة، وسقطت معها كل (المقامات الوجاهية) للكثير ممن لايستطيع أحد أن يقترب منهم، فضلا عن أن يحاورهم ويعري أطروحاتهم القديمة التي هي حقوق مكتسبة لا ينازعهم فيها أحد، حتى على مستوى إسقاط أحقيتهم بالجلوس في المقاعد الأمامية.

كل مخرجات المؤتمر صاغها وقاد لجانها في الغالب الجنوبيون المشاركون مع كل المكونات الحاضرة، وكان للقضية الجنوبية فكر وهاجس وقعها عليهم وفرضت واقعا جديدا لا يألفه النظام بكل أطرافه، ما جعلهم يرفضونها بالمطلق، وإن أبدوا موافقتهم العلنية عليها حتى يفلتوا من أي عقاب أممي، حيث بالقضية الجنوبية ذاتها وامتدادات تأثيراتها المهمة التي أرادتها تحت الوصاية الدولية والإشراف المباشر من قبل مندوبها.

انتهى المؤتمر، وبدأت وتيرة الاحتقان تعود من جديد في محاولة من الجميع الالتفاف على مخرجاته النهائية، وعادت موجة العنف والأزمة من جديد ولعبت وتيرة البروز والحركة الشعبية بأكثر حدة من ذي قبل، وقد حملت معها القضية الجنوبية دورها في التسريع بتفجير الصراع وعودة الانقلاب على ما عرف حينها بالمبادرة ومخرجات الحوار، وقد برز الحوثيون في هذا الصراع كمعادل جديد فعل من قبل بعض الأطراف بغية تصفية حساباته ضد خصومه، وكانت القضية الجنوبية الورقة الرابحة له في تمثلات خطابه لتشابهها مع قضية صعدة، ولتنصل الطرف المستحكم بالسلطة عن القضية الجنوبية، الذي كان خطابه يتماهى معها، ويعتبرها من أولويات مهامه فأفقده المصداقية والتعاطف الكبير من قبل الأطراف، بل تجاوزها لضربه كخصم بها وخروجه بسببها من اللعبة تماما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى