عدن والجنوب والرئيس هادي

> محمد أحمد فرحان

> إن اليمن يحتاج إلى رئيس بحجم الجنرال الفرنسي العظيم ديجول الذي وافق على منح الجزائريين استقلالهم عن فرنسا، فهل كان ديجول انفصاليا أو غير وطني أو خائنا لوطنه فرنسا؟، والإجابة بالطبع لا، فديجول وطني من الطراز الثقيل، ولأنه قائد عظيم عرف أن استمرار احتلال فرنسا للجزائر سيدفع إلى مزيد من الدماء والكثير من الخسائر في الطرفين، فرأى أن مصلحة فرنسا الحقيقية تكمن في إعطاء الجزائريين استقلالهم، واليمن في شماله وجنوبه تقريبا يواجه نفس الظروف، فهناك شعب جنوبي، كان إلى ما قبل 1990م، مستقلاً في دولة معترف بها في الجامعة العربية والأمم المتحدة، أدخلته قيادة غبية في وحدة مع دولة اليمن العربية دون أن تضمن له حقوقه التي اكتسبها منذ مئات السنين.
بالإضافة إلى أن الدولة اليمنية شنت على الشعب الجنوبي حرباً واحتلته تماماً في العام 1994م وضمته قسراً إلى الدولة اليمنية، وها هو الشعب الجنوبي ينتفض تماماً كما فعل الشعب الجزائري بالرغم من اختلاف قيادته المستمرة وغير المبرر، والمفروض أن تتوحد القيادة الجنوبية حتى يمكن الاستفادة من الفرصة المتاحة حالياً والتي قد لا تتكرر، فهل يتشبه الرئيس هادي بالجنرال ديجول، وهو الجنوبي الذي وقف مع النظام اليمني والوحدة اليمنية إلى الدرجة القصوى؟، فهل تتحقق الوحدة بالقوة وتحت جنازير الدبابات ومنطق العنف والدم وعبر هدم المعبد بما فيه وعلى من فيه!.
وحتى إن حاول الرئيس هادي الحفاظ على الوضع الهش الذي كان قائماً إلى ما قبل حصاره في منزله في صنعاء في يناير 2015م فلن يستطيع، فدون ذلك الحرب التي لا تبقي ولا تذر، وكل المؤشرات تدل على ذلك، فالأفضل الحفاظ على العلاقات الطيبة بين الشعب اليمني في الجنوب والشعب اليمني في الشمال وتحقيق مصلحة الشعب اليمني في الشطرين تماماً كما كان الوضع قبل العام 1990م ولو معكوساً هذه المرة، فهذه المرة سيكون الجنوب إن تحقق الاستقلال له سائراً في درب الغرب ومحيطه الخليجي، وربما يصبح عضواً في مجلس التعاون الخليجي، وذلك ما كان ينبغي أن يتم في العام 1990م، ولكن قدر الله وما شاء فعل، أما الشمال فسيسير في درب الشرق وإيران.
وأكرر التساؤل هل تتحقق مصلحة الجنوب فعلاً بقدوم الرئيس هادي إلى عدن، وفي رأيي أن نعم، فإن نجح الرئيس هادي في الصمود واستجلاب الدعم الخليجي والغربي، وشد اللحمة الداخلية، فإن ذلك سيكون في مصلحة الجنوب، فالوحدة اليمنية حينها ستكون في خبر كان حتى وإن لم يعلن الرئيس هادي ذلك صراحة، ذلك أن القوى في الشمال سترفض قيادة هادي لليمن وبالتالي سينقسم اليمن عملياً إلى إقليمين مستقلين أحدهما شمالي والآخر جنوبي، وبالتالي سيتخلص الجنوب من هيمنة المركز في صنعاء وستتحرر الإرادة الجنوبية وسيتمكن الجنوبيون من الاستفادة من مواردهم ومن موقعهم الجغرافي المهم، وسوف تستفيد أيضاً عدن من ذلك، فهي ربما تعلن منطقة حرة تدار من قبل بعض الشركات الغربية المتحالفة مع الرئيس هادي، أو ستعلن عاصمة للجنوب كما كانت قبل إعلان الوحدة في العام 1990م، وفي الحالتين سيكون ذلك أمرا أفضل من حالها التي عاشت عليه منذ قيام الوحدة حتى اليوم.
ذلك فيما لو تم الأمر بسلام وباتفاق مع القوى المتنفذة في الشمال اليمني، وتحت الإشراف الدولي، أما فيما لو اندلعت الحرب فلن يكون أمام الجنوب إلا المواجهة، وليقضي الله أمراً كان مفعولاً، وفي نظري أن على أبناء الجنوب وعدن خاصة أن يقفوا مع الرئيس هادي، كما نرجو من الحراك الجنوبي أن يستوعب فن السياسة، ولعبة تبادل الأدوار، ويفكر أن الهدف في الأخير واحد وإن اختلفت وسائل تحقيقه، بذلك تتحقق جهود كل القادرين على خدمة استقلال الجنوب من كل المشارب وإن اختلفت توجهاتهم الاجتماعية وآراؤهم السياسية، فلا تخوين ولا إقصاء ليس بين الجنوبيين فقط، ولكن مع الشماليين، وغيرهم الذين يقفون من منطق العدل والحق مع الجنوبيين، وأن المهم هو الوصول للهدف بمختلف السبل وهو استقلال الجنوب.
**محمد أحمد فرحان**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى