المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالعاصمة عدن (2) تدهور مستمر وموت سريري

> استطلاع/ مسعود المسعودي

> في إطار تلمس أوضاع المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي في العاصمة عدن، والتنقيب عن أسباب تدهور الخدمة، وانخفاض منسوب المياه، وتسليط الضوء عن عدد الآبار العاملة والمتوقفة، والأخذ بالآراء الرسمية لملامسة أسباب وأبعاد مشكلة المياه في هذه المحافظة الساحلية، والمشاريع والخطوات القائمة حاليا لتخطي هذه الأزمة بإعادة الأوضاع الطبيعية إلى نصابها السابق.
نبحث في هذا العدد عن ما تبقى من أسباب عن تدهور وضع المياه، والحلول والمعالجات التي من شأنها تساعد على انتشال أزمة المياه في عدن مما هي عليه الآن من تراجع وتدهور مستمر، في محاولة منا لمعرفة كيف يمكن إنقاذ وضع المؤسسة العامة للمياه من حالة الموت السريري.
يواصل مديرعام مؤسسة مياه عدن، سالمين علوي، “ما أود أن أكمله بكلامي اليوم إننا عانينا كثيرًا من انقطاع الكهرباء الذي أثر بدوره على نشاط الحقول، لذلك سعينا إلى البحث عن حلول لمعالجة هذه المشكلة عن طريق إيجاد بدائل لوقف أولا إشكالية انقطاع الكهرباء عن حقل بئر أحمد، والتي كانت هي الخطوة الأساس”.
ويضيف: “هذه الخطوة حاليًا بصدد تنفيذها على بقية الحقول الأخرى، ونحن استلمنا أربعة ملايين لشراء مولدات لحقل المناصرة بدعم من الحكومة، والمضخات التي قمنا بالفترة الأخيرة على شرائها بصورة عاجلة من تجار محليين، كان عددها عشرة مضخات”، مردفًا: “صحيح أن هذه المولدات لا تطابق المواصفات بسبب أننا قمنا بشرائها بصورة إسعافية”.
*نسعى لشراء 15 مضخة جديدة*
ويواصل سالمين: “نسعى حاليًا مع رئاسة الوزراء إلى شراء 15 مضخة بعد وضع الدراسات بشأن المقاييس والمواصفات الممتازة، وتسلمنا حتى الآن في حسابنا (مائة ألف دولار) لإتمام عميلة الشراء، والبدء بعملية استلام المعدات خلال فترة قد تطول ثلاثة أشهر حتى تصل من أوروبا، وهذا الدعم وصلنا قبل أن يتم إعلان الدعم الأخير المتمثل باثنين مليار ريال.
إحدى المضخات العاملة
إحدى المضخات العاملة

وبشأن وصول الدعم، وطريقة الاستفادة منه، قال: “أتى الدعم بعد أن احتجنا لمشروع أنابيب مضخات المجاري والتصريف بطول 20 كيلو يربط مديريات عدن، وهي بتكلفة 10 مليون دولار، أي بمقدار 3 مليار ريال، وقد تلقينا وعد بذلك، وإن شاء الله سينفذ هذا المشروع، والحكومة أبدت تجاوبًا محمودًا بهذا الشأن، وسيرى هذا المشروع النور عما قريب”.
*تخطينا عدد من المشكلات*
يتطرق سالمين إلى موضوع معالجة أوضاع عاملي المؤسسة قائلًا: “نحن عندما أتينا إلى هرم المؤسسة أردنا أن نعيد روح العمال وكسب حبهم وحماسهم للعمل لرفع نشاط المؤسسة، وهذا ما نجحنا به فعلًا فقد ساعدنا مؤخرا الأخ المحافظ وقدم دعمًا سخيًا لمرتبات الموظفين، وقدم مشكورًا سيارتين لشفط المجاري، وتم صرف إكرامية رمضان الماضي، كما قمنا بالاتفاق مع المستشفى الجمهوري على تخصيص خدمات لتسهيل علاج موظفينا، بالإضافة إلى قيامنا بصيانة عدد من سيارات نقل العمال من مورد المؤسسة الخاص”.
ويضيف: “من الخطوات التي عالجت المشكلة كثيرًا هي نجاحنا بإلزام المنشآت الإدارية كالمصافي، والميناء، والمطار وعدد من الشركات والمنشآت التجارية، والتي بدورها ساهمت بتسديد الكثير من العجز المالي للمؤسسة وأعادت جزءًا من موردها المالي، والذي بفضله تمكنا من تأهيل عدد من ورش الصيانة، وصيانة العدادات وببيعها بغرض شراء غيرها جديدة بتكلفة400 مليون دولار، وهذا سيدفع من حساب المؤسسة نفسها”.
المحطة من الخارج
المحطة من الخارج

وفي سؤال يتعلق بشكوى النائب لشؤون الصرف الصحي، المهندس زكي حداد، ونائب شؤون المياه، المهندس علوي المحضار، والذين بدورهما حملا مدير عام المؤسسة مسؤولية التدخل في صلاحياتهما.
أجاب: “بالحقيقة نشعر بالأسف مما قاما به، فهذه الأمور لا تخرج عن البيت الداخلي للمؤسسة، ففيها مدير ومجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة، وخروج هذه الشكوى إلى العلن يعني أنهم في مشكلة مع أنفسهم، ونحن الآن نعطيهم فرص من ذهب لأننا نريد إصلاح وتحسين وضع المؤسسة، والعمل على نهوضها الفعلي، ولا نريد أن نتعمق بهذه القضايا التي قد تعيق عمل المؤسسة”.
*معلومات تكشفها منظمة اليونسيف*
يكشف تقرير حديث لمنظمة اليونسيف في عدن عن معلومات وصفت بالمخيفة لحال المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي ما بعد فترة الحرب وحتى اليوم، وذلك في إطار تنفيذها برنامج دعم المؤسسات المحلية للمياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية (عدن، أبين، ولحج).
خزان مياه في حالة تصدع
خزان مياه في حالة تصدع

ويظهر التقرير مؤشرات أداء المياه ما بعد الحرب، حيث رصد تقلص عدد الآبار العاملة لخروج بعضها عن الجاهزية، ومن ثم عن الخدمة من (110) بئرًا إلى (80 ) بئرًا في عدن و(45) بئرًا في لحج.
وأشار التقرير إلى ارتفاع نسبة الفاقد من المياه المنتجة إلى 34 % في عام 2015م، وهو رقم كبير ترتب عنه خسائر كبيرة للمؤسسة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة المستخدمة لكل متر مكعب من المياه المنتجة بسبب كثرة انقطاع التيار الكهربائي العام والذي يستمر أحيانًا إلى فترات طويلة، ولزم استخدام عوضًا عنه المولدات الاحتياط التي تشغل بمادة الديزل المكلفة.
وعرضت المنظمة معلومات استنادًا لمؤسسة المياه تبين، فيها عدد المشتركين ونسبة السداد، إذ تبين أن من (125180) مشتركا يسدد منهم (8762.6) بنسبة 7 % فقط هذا في العاصمة عدن.
أما عن محافظة لحج فعدد المشتركين فيها وبالتحديد لمدينة الحوطة مركز المحافظة (5200) مشتركا ومن يسدد (صفر)، أما عن منطقة تبن (14000) مشترك، وعدد المسددين بلغ (250) أي 1.8 %.
وفي محافظة أبين بلغ عدد المشتركين في مدينة خنفر( 7492)مشتركا، وعدد المسددين(350) بنسبة 5.3 % وفي جعار (3973) ومن المسددين ( 280 ) بواقع7 %.
وبينت تلك المعلومات الصادرة عن مؤسسة المياه عن عدد العاملين فيها أن في عدن (2065)، وفي محافظة لحج (220) وبمحافظة أبين (136) عاملًا.
وعرض التقرير وضع المواطنين في ظل هذه الأزمة، وما مدى الضرر منها، حيث عبرت المنظمة عن تخوفها من وضع الأطفال فقد أشارت إلى أن ذهاب الأطفال للبحث عن المياه يتسبب بتغيبه كثيرًا عن الذهاب للمدرسة، وبالتالي يؤثر بشكل كبير على مستواه التعليمي وعلى مستقبله ككل.
وقالت المنظمة: “إن توقف المواطن عن سداد فاتورته للمياه يتسبب بانهيار المؤسسة، وسينعكس هذا الأمر على المواطن نفسه، ومن المشكلات التي ستواجهه حسب حديث المنظمة هو وجود عبء مالي على الفرد نتيجة لشراء الماء من البوزة، وكذا الهدر العشوائي للمياه الجوفية يهدد الاحتياطي المائي في المحافظة، والكثير من الأضرار أيضًا وجود عبء اجتماعي نتيجة تفرغ أغلب الأسرة لجلب الماء.
وحذر التقرير من زيادة نسبة حالات سوء التغذية وأن توقف انقطاع المياه لفترة طويلة يؤدي إلى تكلسها وترسب الشوائب مما يؤدي إلى انتشار أمراض الكلى، وأن توقف عمل المؤسسة سيؤدي إلى دفع العمال إلى البطالة.
القمامة تحشو انبوب رئيسي
القمامة تحشو انبوب رئيسي

ويهدف المشروع إلى إعادة تأهيل واسعة النطاق لاستعادة إمدادات المياه العامة في مدينة عدن، والتي تضررت بسبب الأحداث الأخيرة، بالشراكة مع مؤسسات المياه والصرف الصحي في عدن ولحج و أبين.
كما يهدف المشروع إلى توريد مواد وقطع غيار للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في عدن لتأهيل (15) بئرًا في حقل بئر أحمد ، وربط خط (24) في بئر أحمد بطول (3 كم)، وإعادة تأهيل وحدات الكلور في ثلاث مناطق هي(بئر أحمد، بئر ناصر والبرزخ) وإعادة تأهيل محطة الضخ البرزخ وإعادة تأهيل (20) ألف وصلة منزلية، وتوريد معدات وأدوات السلامة المهنية في كل من عدن ولحج وأبين.
وهذا التقرير يدفعنا للبحث أكثر عن عدد من القضايا التي تسببت بهذا الانهيار في المؤسسة وقمنا باستعراض عدد من الأحداث كانت لها النصيب الأكبر بالتسبب بالأزمة اليوم، في التقرير الخامس يكشف الكثير من الأسباب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى