في ذكرى انتصار وتحرير عدن.. مساعد وزير الدفاع اللواء الركن عبدالقادر العمودي في حوار لــ«الأيام»: تفاصيل وأسرار عملية تحرير عدن تكشف لأول مرة (1ـ2)

> حاوره / ذويزن مخشف

> اللواء الركن عبدالقادر العمودي قائد عسكري جنوبي له بصماته الكبيرة في المؤسسة العسكرية في الجنوب إبان فترة ما قبل العام 90م وحتى اليوم.. برز اسمه كثيرا خلال العامين الماضيين ولا يزال يتصدر المشهد العسكري، خصوصا منذ انتصرت المقاومة الجنوبية على العدوان الثاني الذي استهدف إسقاط عدن والجنوب في أيدي المركز المقدس (صنعاء) لسنوات مقبلة لكنها فشلت وسقطت تلك الطموحات القادمة من كهوف مران على صرخة جديدة من شباب ورجال الجنوب عسكريين مخضرمين وأفرادا وجنودا لأول مرة حملوا السلاح لمواجهة العدو.
القائد العسكري العمودي أحد أبطال معركة تحرير عدن ومن أهم القادة الذين صنعوا انتصار عدن والجنوب، وقدم التضحيات لأجل النصر ولا غير استعادة الأرض.. لم تخلُ جبهات القتال حول عدن وداخلها من شخصه وبصماته التي طبعها في خطوط النار مع شباب عدن في الدفاع عن مدينتهم، ولذا كان هدفا كبيرا لمليشيات الحوثي وصالح التي حاولت ذات يوم اغتياله حينما حاصرت منزله في بير فضل.. أتذكر حينها في الصباح الباكر كنت جالسا مع شباب المقاومة في مدرسة 22 مايو بالوحدة السكنية بالمنصورة حيث تتواجد غرفة عمليات مركزية لمقاتلي المقاومة وصل خبر محاصرة اللواء العمودي من قبل مليشيا الحوثي وصالح لقتله فاستنفر المقاتلون وتحركت 4 قوافل عسكرية إلى هناك والتحمت مع العمودي ورجاله لتدور معركة شرسة انتهت بالقضاء على العشرات من جنود المليشيات.
في الذكرى الثانية لانتصار عدن لابد من الحديث وبشفافية وصدق حول تلك المعارك التي خاضها أبناء عدن ضد العدو القادم من كهوف مران وجبال سنحان.. يتحدث اللواء العمودي إلى «الأيام» عن تفاصيل وأسرار التحرير وصمود المدينة وأبنائها في وجه العدو.. هذا الحوار الأول لـ«الأيام» مع اللواء العمودي التي زارته يوم الخميس الماضي في مكتبه بالمنزل الذي شهد معركة محاولة اغتياله ونجا منها بشجاعة.
* بداية، حدثونا عن الدلالات والمعاني التي تحملها الذكرى الثانية لتحرير عدن وعن أبعادها على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي ؟
الزميل سكرتير التحرير أثناء حواره مع اللواء العمودي
الزميل سكرتير التحرير أثناء حواره مع اللواء العمودي

- الدلالات على الصعيد الوطني المحلي واضحة في أهمية تحرير عدن من خلال النتائج التي يتمتع بها السكان في عدن، فقد حققت المقاومة ووحدات الجيش والأمن نتائج كبيرة منها: استقرار أمني ملحوظ في عدن يختلف عن ما كان عليه بعد تحرير عدن مباشرة.. وتأتي هذه الحالة كثمرة لجهود رجال الأمن وعناصر المقاومة والحزام الأمني في عدن والمحافظات المجاورة.
ولكن لا ننكر أن هناك كثير من السلبيات والنواقص في هذه الناحية تعمل كافة الأجهزة على تجاوزها، وكذا نواقص وإخفاقات في نواحٍ أخرى كان يجب أن تتحقق لتكون موازية لتثبيت الأمن وأبرزها في الجوانب الخدمية وهذا ربما ناتج عن مشاكل مالية واقتصادية للدولة بالرغم من الدعم الملحوظ من دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هذا الدعم الذي حقق الكثير من النتائج الطيبة في الحياة المعيشية والصحية والتعليمية والذي لولاه لكنا في ظروف أصعب، ولكن رغم هذا نجد أن هناك قصور واضحة تتحملها كل المؤسسات في الساحة سواء أكانت حكومية أو وطنية/ شعبية - الدولة والمجتمع.
وهذا القصور ناتج عن الشرخ الواضح في العلاقة بين المجتمع والسلطة أو الدولة، فهذا الشرخ أوجد وأنتج فجوة وهي في اتساع متزايد نتيجة لعدم مساعدة الأطراف لبعضها البعض في ردم هذه الفجوة مما جعلها تتسع بين قوى المجتمع الحية وبين السلطة ممثلة بالشرعية، في الوقت الذي يتطلب من جميع الأطراف كلها أن تتقارب من بعضها البعض، لإخراج البلد من ما هو فيه، ولكن لا السلطة استطاعت التقرب من قوى المجتمع الحية ولا قوى المجتمع الحية ساعدت على التقرب من الحكومة الشرعية.. وأقصد بقوى المجتمع الحية كافة القوى الفاعلة من حراك جنوبي، ومقاومة جنوبية، وشعبية، ومنظمات مجتمع مدني، وأحزاب، ناهيك عن القوى الصامتة..
هذه القوى الحية كان يفترض أن تتقارب مع السلطة الموجودة في البلد أو الشرعية وتتفاعل معها كأمر واقع والعكس صحيح ويصلوا إلى تقارب في وجهات النظر لإخراج المحافظات المحررة مما هي فيه لكن الاختلاف الدائم بينهم واتساع الفجوة جعل نتائجها تنعكس على المجتمع بشكل عام، واستمرار هذا الوضع سيطيل من فترة الأزمة الحاصلة، إذا ظل كل طرف متمسكا بطرحه وآرائه، لهذا يجب التقارب وتقديم التنازلات للوصول إلى نتائج تساعد المجتمع على الخروج من ما هو فيه.
أما على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي فالانتصارات على الصعيد الوطني ثبتت الشرعية وأسقطت المراهنات على عزل السلطة الشرعية، كما أن تحرير عدن وحّد أبناء الجنوب بمختلف توجيهاتهم الفكرية والسياسية نحو تحقيق هدفهم المنشود، وأعطت للشرعية قوة لتحقيق الانتصارات لأن المقاومة قاتلت تحت ظل الشرعية، وبالتالي حققت للشرعية ثباتا وطنيا وسمعة وطنية في الداخل والخارج بأنها كانت سندا للمقاومة والمقاومة سندا للشرعية بصرف النظر عن ما أتى بعد ذلك.

على المستوى الإقليمي استطاعت المقاومة تأمين خطوط الملاحة الدولية وكسر التوجهات للنفوذ الإيراني في المنطقة التي كانت تسعى له القوى الانقلابية وفرض سيطرتها عليه.. طبعاَ بعد سيطرة النفوذ الإيراني الفارسي على شمال الجزيرة العربية (العراق، سوريا، لبنان) وأوجدت تأثيرها هناك حاولت الاتجاه جنوباَ ومن خلال الحوثيين للسيطرة على اليمن وتحقيق نتائج في جنوب الجزيرة العربية كي تمكنها من السيطرة على المنطقة كلها، لكن المقاومة الجنوبية والجيش الوطني وبمساندة دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أفشلت هذا المخطط وهذا التوجه وهذا يدل على انتصار المقاومة في الجنوب..
عدد من المدرعات الاماراتية
عدد من المدرعات الاماراتية

تحرير عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة هو انتصار جنوبي وإقليمي وانتصار للمنطقة ككل، صنعته الملاحم البطولية لأبطال المقاومة الجنوبية والجيش الوطني الذين استطاعوا أن يكسروا ويهزموا المشروع الفارسي وأطماعه التوسعية في المنطقة.. فلولا هذه الانتصارات لاستطاعت إيران فرض نفوذها على المنطقة بمساندة القوى الانقلابية الحوثية العفاشية.
كل هذه النتائج على المستوى الوطني والاقليمي الدولي ستفتح آفاقا واسعة للتعاون المشترك خاصة بعد تحرير المناطق الجنوبية لإيجاد نظام مساند لدول الجزيرة العربية أو لدول مجلس التعاون الخليجي.
*ونحن نحتفل بالذكرى الثانية لتحرير عدن لا تزال كثير من الخفايا والأسرار لا يعلمها الكثيرون عن كيفية التخطيط والتنفيذ لعملية السهم الذهبي.. نتطلع أن توضحها أمامنا سيادة اللواء.
- الحديث في هذا الجانب سيطول، ولكن سنحاول الاختصار بقدر الإمكان حيث كانت هناك محاولات كثيرة بدأتها قيادة المقاومة والمنطقة العسكرية الرابعة وبدعم قوات التحالف في عملية تحرير عدن وكانت فكرتها البدء بتحرير مطار عدن كبوابة لتحرير عدن، وكانت تفشل خاصة بعد سقوط خور مكسر والمعلا وكريتر والتواهي بيد الانقلابيين (الحوثيين والعفاشيين) أصبحت المقاومة والجيش محصورين فقط في أقل من أربع مديريات هي: البريقة والمنصورة والشيخ عثمان ودارسعد، وكانت هناك أجزاء من مديريتي دارسعد والمنصورة باتجاه البساتين تدور فيها مواجهات ساخنة.. ولهذا كان التفكير الأول كيف يمكن كسر هذا الحاجز عن طريق تحرير المطار، حتى الأخوة في التحالف كانوا يشاركوننا هذه الفكرة والدفع نحو هذا الهدف وهو أولا تحرير المطار وبعد إسقاطه وتحرير خورمكسر نستطيع محاصرة المديريات الثلاث الأخرى ومد سياج دفاعي على شريط المديريات الأخرى. فقامت المقاومة والجيش بأربع محاولات هجومية لاستعادة المطار وكانت تبوء بالفشل ونخسر عددا من الشهداء والجرحى.
عدد من شباب المقاومة داخل المطار
عدد من شباب المقاومة داخل المطار

*ما أسباب ذلك الفشل؟
- هناك عدة أسباب منها عدم امتلاك المقاومة والجيش حينها لإمكانيات تسلح قوية وكانت تمتلك مدرعات ودبابات محدودة وفي حالة فنية سيئة وبعضها تخرج عن الجاهزية بمجرد استخدامها من أول طلقة.
وكانت البداية للتخطيط الفعلي للعملية وهي بوصول اللواء جعفر محمد سعد مستشار رئيس الجمهورية للشؤون العسكرية حينها واللواء صالح الزنداني رئيس هيئة العمليات إلى عدن، وقد كنا على تواصل معهما وهما في الرياض حيث وصلا منتصف يونيو 2015م عند حوالي الساعة 6 مساء، وعندما كان اللواء جعفر على السفينة اتصل بي وطلب منا الالتقاء به فذهبنا لمقابلتهما أنا واللواء أحمد سيف اليافعي الذي كان قائد المنطقة العسكرية الرابعة وغادر اليافعي حينها على نفس السفينة إلى الرياض بطلب من الرئاسة، والتقينا باللواء جعفر ثم بدأت الدعوة لاجتماعات مع بعض القادة.
وكان الشهيد اللواء جعفر - رحمه الله - قد جاء ومعه خطة، وكان لزاما علينا تدقيق هذه الخطة على الأرض، وبعد التدقيق والخروج وزيارة المواقع وكافة الجبهات تم إعداد الخطة النهائية للعملية وعمل بعض التعديلات على الخطة..
* ما أبرز ما تضمنته هذه الخطة وكيف تم تنفيذها؟
طبعاَ ركزت الخطة على تحرير عمران لتأمين الجانب الغربي للعاصمة عدن لأن العدو (قوات المخلوع والحوثيين) كانوا قد بدأوا بالحشد باتجاه غرب وشمال عدن ويدفعون بقواتهم بهذا الاتجاه لاختراق مناطق صلاح الدين والبريقة وغرب بير أحمد، وكانت البريقة هي موقع الإمداد الرئيسي لقواتنا ومقاومتنا الباسلة سواء بالوقود أو الاحتياجات الأخرى، وكان الأفضل أولاَ تحرير وتأمين الاتجاه الغربي وبعدها ننطلق لتحرير بقية المناطق فبدأ الاستعداد واستدعاء المقاومة والتنسيق مع قياداتها واستدعاء الشباب إلى معسكر صلاح الدين وتشكيل كتائب في المعسكر ووصول كتيبة سلمان من شباب الجنوب الموجودين بالمملكة العربية السعودية ووضع موضوع ضرورة وجود سلاح مساند غير السلاح الشخصي على الأخوة في التحالف فلبوا الطلب وقرروا دعمنا بالعربات المدرعة وتم الاتفاق على ضرورة إعداد وتدريب الشباب في الخارج على قيادة هذه العربات والرماية منها.

وتم تكليفي أنا والأخ اللواء صالح قائد الزنداني بالنزول إلى شباب المقاومة لاختيار عناصر من المقاومة لهذه المهمة، فتم النزول مساء بتاريخ 13 رمضان إلى المعهد الفني بالمنصورة حيث كان موقعا لتجمع شباب المقاومة النازحين من المديريات التواهي و المعلا و كريتر وخومكسر والتقينا بقيادات من المقاومة من كل مديرية عشرة أفراد بإجمالي 100 فرد، و50 فردا من رجال العقيد فضل باعش وعبدالله الصبيحي و50 فردا من رجال اللواء بن سلامة في صلاح الدين ومن الأخوة هاشم السيد والشيخ هاني بن بريك عدد 50 فردا تقريباَ أو يزيد، وتم تجميعهم في صلاح الدين بإجمالي حوالي (250) شابا من شباب المقاومة.
وتم ترحيل ترحيل أولئك الشباب للتدريب في منطقة عصب مباشرة في اليوم الثاني كرماة رشاشات وسائقين للعربات، وكان الإعداد في صلاح الدين على قدم وساق، وعادت هذه المجموعة مساءَ بتاريخ 24 رمضان، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة رماة ومجموعة سائقين للعربات الحديثة التي تم نقلها الى عدن في يوم وصولها، وسمى كثير من الناس هذه الخطة فيما بعد بـ (السهم الذهبي)، بينما الشهيد جعفر - رحمه الله - كان وضع لها اسم (غضب عدن)، وفيما بعد سمعنا في وسائل الإعلام ان اسمها (السهم الذهبي).
أعطيت إجازة للمجموعة كلها يوم واحد واحتفظنا بعشرين شخصا، تم اختيارهم لأن عملية (السهم الذهبي) ستبدأ من عمران، لإدخال عشر عربات لهذه العملية، وكانت معها كتيبة سلمان التي وصلت من السعودية وتم وضعها في معسكر صلاح الدين مع مجاميع أخرى تم مباشرة دفعها لتنفيذ أول خطوات العملية وهي تحرير منطقة عمران غرب عدن .

وتحققت نجاحات في عمران وانتصرت المقاومة والجيش الوطني ووصلت حتى مشارف خور عميرة وفي الاتجاه الشمالي الغربي حتى الرجاع والوهط، بعد تلك النجاحات بيوم واحد تم التحضير والخطة كانت جاهزة وكان هناك تغيير واحد فقط بدفع أكثر من 47 عربة في اتجاه المطار على أن تقسم في أربع اتجاهات: اتجاه من جولة كالتكس إلى اتجاه الخط البحري وينقسم لقسمين: اتجاه المطار واتجاه جولة ريجل وجزيرة العمال، وتتجه كتيبة من اتجاه جولة سوزكي المملاح تتحرك في قسمين قسم في اتجاه الإصدار الآلي في اتجاه العريش تقطع الخط على المطار واتجاه آخر تقتحم المطار من اتجاه المملاح.
وفي الليل التقيت بالقادة الشهيد جعفر محمد سعد والشهيد أحمد سيف قائد المنطقة العسكرية الرابعة وأركان حرب المنطقة اللواء ناصر بارويس وكان حينها الأخ اللواء صالح الزنداني رئيس هيئة العمليات قد غادر للعلاج بعد ان أصيب على اثر تعرضه للرمي بقذائف الهاون في المنصورة وأصيب في العين والبطن وتحرك حينها للعلاج بالسفينة إلى الإمارات وفي طريقه اتصل علي عندما شاهد المعدات الحربية قبل ما توصل وقال لي: “اطمئنوا الآن واصلة لكم، لأنه وصل جيبوتي وشاف هذه المعدات”، وكان يبشرنا بالتلفون عن اقتراب النصر طالما والمعدات واصلة قريبا.. المهم هؤلاء القيادات التي كانت معنا.
وأيضا كان معنا نايف البكري محافظ محافظة عدن حينها، وأنا انصف هذا الرجل في هذا الحوار، هذا الرجل لعب دورا كبيرا مع القيادة العسكرية سواء كان في التخطيط أو التنفيذ أو الإشراف، كان إلى جانب اللواء جعفر وإلى جانب كل المقاومة ومشاركا في الإعداد للعملية والتنفيذ، حتى أننا طلبنا منه في تلك الليلة أن يوفر لنا عشر سيارات (دينا) وثلاث (دلكترات) كي تتحرك الدلكترات لعمل الحواجز الترابية والسيارات لنقل الجنود وشباب المقاومة والمجندين في صلاح الدين لتنفيذ عملية المطار، وفي الساعة التاسعة مساء، وبوجود (أبو عمر) وهو القائد لقوات التحالف ونائبه (أبو عبدالله) والقائد المقاوم هاني بن بريك وهاشم السيد، في يوم 26 رمضان تم تغيير الخطة فبدل أن تدخل بعض العربات تقرر إدخال كل العربات التي وصل عددها مائة عربة في عملية تحرير خور مكسر لسببين: أولاً ان القوة هذه ستعطي إيحاء للمقاومة الجنوبية ان لديها قوة عسكرية الآن وقدرات عسكرية حديثة، وهذا سيشجع المقاومة على تنفيذ المهمة والتحرير، وثانيا ستعطي صدمة ورعبا للقوة الأخرى المعادية لأنهم لا يعرفون، وفجأة سيجدون كل هذه العربات التي لم يكونوا يتوقعون اشتراكها في المعركة، وسينهارون، لهذا اضطررنا أن ندخل كل العربات، في كل اتجاه تدخل فيه أربعون عربة، يعني حوالي ثمانين عربة في اتجاه المطار وعلى محورين في اتجاه جولة سوزوكي ويخرج منه محوران في اتجاه العريش ومحور في اتجاه المطار، والاحتفاظ بعدد مئتي مقاتل من شباب المقاومة داخل الملعب، بقيادة اركان المنطقة ناصر بارويس ومع نائب القائد الإماراتي أبو عبد الله يكونون هناك لإدارة العملية.
أما المئتان الباقون يكونون دعما لأي اتجاه لاختراق المطار، بحيث لا نسحب مقاتلين من الجبهات الأخرى، وكانت العملية مخططا لها أنه في تمام الساعة السادسة صباحا يتم الاقتحام، يعني تتحرك الوحدات الساعة الرابعة من البريقة وتوصل جولة كالتكس وبعدها تتحرك في محورين بعد أن تصل إلى موقع الهجوم، عندها يبدأ الاندفاع الساعة السادسة بعد السحور والهجوم على دفاعات العدو واقتحام المطار، على أن تقف هذه القوات في نسق واحد بعد تحقيق المهمة.
شباب المقاومة الجنوبية
شباب المقاومة الجنوبية

وفي تمام الساعة 12 ظهراً تكون هذه القوات كلها وصلت جولة ريجل، من أمام (طارق) إلى البحر خلف مستشفى الجمهورية على هذا الخط تكون الساعة 12 ظهراً كل القوة هناك وبعد كذا مقاومة خور مكسر وشباب خور مكسر يتحركون خلف هذه القوة وحينها تأتي مقاومة خور مكسر وتطهر الشوارع والمنازل لأنهم أعرف بمناطقهم.
وبعدها تبدأ المهمة اللاحقة للقوات وقد اندفع من الشباب الكثير في اتجاه المعلا عند مرجان والمناطق خلف الحمراء وبعضهم قد وصل الى فندق (ميركيور)، يعني لم يلتزموا بهذا العمل.. دخل آخرون واندفعوا، وظلت الناس حتى بعد تحرير خور مكسر بثلاث ايام وكان هناك قناصين، وسقط ثلاثة أو أربعة شهداء قنصا بعد تحرير خور مكسر بسبب تواجد عناصر أخرى بسبب هذا الاندفاع، وهذا الذي أربك الناس وظللنا حتى بعد التحرير نعاني في التواهي وفي خور مكسر وكريتر من سقوط بعض الشهداء بسبب أننا لم نستطع تطهيرها بالشكل المطلوب.
* كم استمرت عملية تطهير عدن؟
- أقل من أسبوع، في حدود أربعة أيام، بدأت بتاريخ 12 إلى تاريخ 16/ 7 / 2015 وفي 17 / 7 / 2015 أعلن الشهيد جعفر التحرير الكامل لعدن، وكان المفروض أن يتم لبتحرير في يومين فقط، ولكن بسبب اندفاع الكثير من الشباب والذي كان البعض منهم بنوايا التحرير فعلاً والبعض بنوايا (الفيد) والحصول على قطعة سلاح، لهذا السبب تأخرت عملية التحرير ليومين آخرين.
* كم كانت القوة الإماراتية المشاركة في العملية؟
- كانت هناك قوة اماراتية شاركت في الإعداد من القادة الاماراتيين، ومجموعة مقاتلين وقناصين من الاماراتيين، وهناك قوة محدودة من الأخوة الاماراتيين ساهمت في العملية، وقدموا شهداء في ميدان المعركة وكان لهم دور بارز مع إخوتهم في المقاومة ورجال الجيش وتحقيق هذا النصر، وكان تواجد بعضهم في السابق منذ البداية في الميدان وكانوا يشاركون البعض من الأخوة الإماراتيين في عمليات قنص وعمليات رمي بالأسلحة والصواريخ الموجهة.
* ياترى ما هي العوامل التي ساعدت على تحقيق النصر؟
- حماس الشباب واستبسالهم في القتال ووجود قيادة مجربة كفوءة ودعم أخوي صادق من الأخوة في التحالف وبسخاء، وكذا التلاحم الوثيق بين المقاتلين وإيمانهم بعدالة قضيتهم التي يقاتلون من أجلها كل هذه عوامل ساعدت على تحقيق النصر.
* من هو قائد تحرير عملية عدن ؟
- يا أخي لا يوجد قائد واحد لتحرير عدن، كل عملية لها قيادات، الأخ عبدالله الصبيحي والأخوة الآخرون وأعداد كبيرة من القادة وكل اتجاه له قائد، والمشرف الاساسي للعملية هو الشهيد جعفر، وكلنا عملنا معه لتحقيق هذه العملية، قائد المنطقة الأخ اللواء أحمد سيف وأركان المنطقة ناصر بارويس واللواء عبدالقادر العمودي وصالح الزنداني كقيادات عسكرية ساهمت في التخطيط والتنفيذ وغيرهم الكثير، وكل قيادات المقاومة شاركوا في العمليات جميعا كل قيادات المقاومة ، لا أستطيع أن أقول لك فلان أو لا ، الكل من المقاومة والأخ هاني من بريك من كبار القادة الذين ساهموا والقيادات الأخرى كلها شاركت، أنا لا أستطيع أن أقول لك أسماء خاصة في مقابلة مثل هذه حتى لا أنسى أحد، أنا أقولك كل قيادات المقاومة كانت مشاركة.
ولو أن هذه العملية كانت عملية مخططا لها وعملية عسكرية لكان بعض قيادات المقاومة استدعوا وكلفوا في مهام قيادة مجاميع ضمن هذا المجموع العام، كان كل واحد منهم مكلف في مجموعة لكن في إطار العملية، كان معظم قيادات المقاومة مشاركة في العملية هذه، وبعد تحرير خور مكسر الجميع اندفع لتحرير عدن والتواهي والمعلا.
شباب المقاومة الجنوبية
شباب المقاومة الجنوبية

* مازال الغموض يكتنف بعض الأحداث التي شهدتها عدن قبيل سقوطها بيد مليشيات الحوثي وقوات صالح.. هل سلمت عدن لهم أم أن هناك خيانة أو تراخي؟ أين اختفى دور الجيش ودور اللجان الشعبية؟
- اللجان الشعبية في عدن كانت أعداد من اللجان الشعبية في عدن ومديريات عدن، وسميت لجان شعبية لأنها تستلم رواتب لكن لا أعلم هل كلها اللجان الشعبية اندمجت في إطار المقاومة وتشكيل مجلس المقاومة الذي ترأسه الأخ نايف البكري حتى نحن كنا أعطينا إيعازا من القيادة بتشكيل مجلس عسكري، ولكن بدأنا لتحضير مجلس عسكري والتقينا بكثير من الضباط والقادة لتشكيل مجلس عسكري واتفقنا على قيادات وأسماء لتشكيل المجلس العسكري، يساند الأخ قائد المنطقة الشهيد البطل علي ناصر هادي حينها ولكن بظهور مجلس المقاومة وتشكيل مجلس المقاومة في عدن بقيادة البكري وهاني بن بريك والقيادات الأخرى، وبعد أن أعلنوا عن تشكيل نحن توقفنا عن تشكيل المجلس العسكري، لأن لو بدأ تشكيل مجالس مثل هكذا سيبدأ تشكيل الكثير من المجالس وسيصعب السيطرة عليها، لذلك انخرطنا كلنا في إطار هذا المجلس، في مجلس واحد للمقاومة وقيادات عسكرية أخرى تساعد في هذه العملية ، واستدعاء ضباط الجيش للالتحاق في المقاومة، الذي يقول لماذا الجيش لم يشارك..
أنا أقول لكم أن معظم الجبهات كان فيها ضباط وأفراد من الجيش، كل الجبهات لا تخلو من تواجدهم، ولكنهم انخرطوا تحت مسمى المقاومة الجنوبية، وليس باسم الجيش، لأن الجيش في عدن كان اللواء 39 واللواء 31 وكان تسعين بالمئة من أفراده من المحافظات الشمالية، لكن أبناء عدن والمحافظات الاخرى الذين يعيشون في عدن كلهم التحقوا بالمقاومة.
كنت اذهب إلى عمليات 22 مايو كنت أجد في كل غرف العمليات ضباطا رغم أنهم يقولون إنهم شباب مقاومة (سلفية)، لكن الذين يقودون العمل المنظم والعسكري كلهم ضباط، يساعدون المقاومة في العمل والتنفيذ والتخطيط، وعندما نزور أي جبهة نجد ان نصف هذه القوة ضباط وأفراد في الجيش المسلح ملتحقين مع اخوانهم في المقاومة وكان لا يهمهم شيء، أحيانا تجد في بعض المواقع شبابا من المقاومة وتجد جنودا معه هم من ضباط في القوات المسلحة أشوف عقداء، كانوا أفرادا يعملون في الخطوط الامامية للمقاومة، فضباط القوات المسلحة لا يستطيع أحد أن ينكر وجودهم، عملوا في الحرب.
أنا لا أنكر أن بعضهم يقول ماعندي سلاح لكن الذي عنده سلاح واستطاع أن يحصل على سلاح توجه للجبهات، ونصف المقاومة كانوا من أفراد الجيش والأمن، والمقاومة شباب اندفعوا ايضاً، لكن الامكانيات هي التي تتحكم ، هي ليست عملية قيادات عسكرية أو حرب نظامية لأجل أن تشكل سرايا وكتائب وقيادات عسكرية ، هذه حرب كأنها حرب عصابات حرب كر وفر.
* نفهم من حديثك أن عدن أسقطت من الداخل؟
- نعم.
* ألم يكن لاعتقال القيادات الجنوبية أثر في الهزيمة المعنوية؟
- طبعا في بداية الحدث انهارت المجاميع العسكرية الجنوبية التي كانت موجودة في عدن بسبب اعتقال القادة وزير الدفاع وقائد فيصل رجب ، واللواء ناصر منصور وغيرهم من القادة، وجرح جعفر، وكان لهذا اثر في عملية اجتياح الحوثيين لعدن، خاصة بعد انهزام هذه القيادات وهروب بعض القيادات من العند وعدن، واختفائهم كان لهذا أثر كذلك، لكن بعد ما بدأت المقاومة الجنوبية تتنظم وتعمل من الداخل أؤكد لك ان معظم العسكريين التحقوا في المقاومة ومن لم يملك سلاحا من العسكريين لم يبق في بيته بل التحق بالمقاومة، ربما يكون أولاً: التسليح كان عاملا اساسيا، لأن الكثير من الناس لم يملكوا السلاح، فلا يستطيع ان يذهب دون سلاح، أنا رأيت في بعض المواقع ثلاثة شباب على (بندق) واحد يتبادلونه في الحرب، وبعض الشباب من يمتلك سلاحا يضطر إلى بيع تلفونه ليشتروا ذخيرة ويقاتل بها .. اندفاع الشباب كان قويا، والمعنوية عالية.. وهذا الذي حقق النصر والتحرير لعدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى