غششني لو تسمح... !

> محمد العولقي

>
محمد العولقي
محمد العولقي
كان الله في عون أي مهموم بقضية التربية والتعليم في بلد ينعق عليه الغراب ..
وكان الله في عون كل غيور على مستقبل العباد طلاب هذه البلاد، يحاول إثبات أنه بالإمكان أفضل مما كان..
كان عند بعض المتطلعين لإصلاح وضع التربية والتعليم شوية أمل في ترميم ما تبقى للوجه التعليمي من حياء وخجل..
لكن امتحانات الليالي غير الملاح أكدت لهؤلاء المتفائلين أنهم سيئو الظن وأن الوضع التعليمي مأساوي و دامي وكارثي بصورة تدفعنا للمضي خلف جنازة التعليم سعيا للمزيد من احتراف اللطم..
من تابع عملية الغش في امتحانات الأساسية والثانوية لم يكن يحتاج لعيني زرقاء اليمامة حتى يلاحظ كيف أن خيبة بعض الناس السبت والأحد، وخيبة وزارة التربية والتعليم لا تخطر على بال أحد..
ما يحدث في الامتحانات الوزارية من تجاوزات يشيب لها ريش الغراب، ليست إلا نتيجة لنظام تعليمي فاسد وفاشل أكل عليه الدهر وتجشأ وشرب..
تمارس وزارة التربية والتعليم مع الطلاب والتلاميذ لعبة (استغماية) في موسم (طاب البلس)، تعصب عينيها عن موجة الغش الهادرة، وتسد أذنيها بالطين والوقر، وتتعاطى مع ما يصلها من صور فاضحة خادشة للحياء التربوي والتعليمي برفع شعار (بوذا).. لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم
الشيء الذي يرفع الضغط بعيدا عن الملح أن مدارس (الغش) دجنت التكنولوجيا ومرمطت بوسائل تواصلها قاعات الامتحانات، وكيفت موادها لتطوير قدرات وطرق (الغش)، حتى أن بعض الطلاب يطالبون الوزارة بمنحهم براءة اختراع نظير العقلية الهدامة التي تخدم (أبليس) ووكلاءه..
زمان كان (الغشاش) يستحي وهو يطلب مساعدة من زميله، أما همسة، أو كبسولة تحمل (برشاما) تحتاج إلى عدسات مقعرة ومحدبة لفك رموزها، أو بسطو غير مسلح على ورقة كتاب..
أما اليوم فقد صار الطالب (الغشاش) يتباهى بالغش، ويلتقط صورة (سيلفي) له ولزملائه، وهم يمارسون الغش الفاضح الواضح وعلى عينك يا تاجر..
قبل أيام قال شاهد عيان قلبه يتقطع ألما على حال (التعليم) حدانا: أنه شاهد ملفات طلاب سنة تاسعة مركونة في محل تجاري، وأن أحدهم كان يصرخ بلغة الحال البائس اليائس:
يا حراجاه.. يا رواجاه.. من يصحح ملفات الطلاب، فقد ردت بضاعتنا إلينا لأن وزارة التربية تنصلت من تصحيح الملفات بحجة السيولة المالية..
لا شك أن ظاهرة الغش مزمنة وقديمة تشغل حيزا كبيرا في مفكرة مراقب تربوي يمدد رجليه في قاعة الامتحان بلا مبالاة كما كان يفعل أبو حنيفة..
لكن سكوت الوزارة المخزي على ما يحدث اليوم من تدمير ممنهج لعقول طلابنا وطالباتنا وبهذه الصورة الموجعة للقلب علامة رضا على أن للوزارة (سماسرة) في مكاتبها يسهلون الغش ويهونون الحش، فالامتحانات عندهم موسم لزيادة الدخل، وضمان ابتعاد عن البخل..
أبدأ والله لا أزرع في الحقل التعليمي بذور الاحباط، رغم أن ما يحدث من مشاهدة خادشة للحياء وللذوق العام يؤكد أن معبد التعليم آيل للسقوط، ما لم تكن هناك وقفة شجاعة من قيادة وزارة التربية والتعليم، بدلا من التباكي في المقايل، وممارسة (الندابة) في غير وقتها..
المضحك والمبكي في الموضوع أن (الغش) طرق أبواب السياسة، وتأثر منسوبة بالوضع الاقتصادي للمراقبين، ففي (الشمال) على الطالب الغبي أو الذكي أن يؤدي (الصرخة) مقابل الغش، ولا بأس من التقاط صور و مقاطع فيديو لتوثيق الانحلال الأخلاقي التربوي والتعليمي..
وفي الجنوب كما جرت العادة التي قطعها عداوة، على الطالب أن يدفع (أتاوات)، ويجلب معه إلى قاعة الامتحانات المحمر والمشمر، ووسائل مساعدة خارجية لزوم فتح نافذة الغش على البحري..
وأختم بما بدأت بعالية، نظام التعليم فاشل وفاسد، ويحتاج إلى إستراتيجية جديدة، وقيادات وزارية تلغي من أجندتها حوار الطرشان عند الحديث عن الاتهامات الطائرة والزاحفة التي تحاصر الوزارة موسم الامتحانات، فالسكوت على الغش الخاطف والفاضح حماقة، والحماقة أعيت من يداويها..!
على الوزارة استشعار خطورة الأمر، وتلافي القصور الذي يعتري موسم الامتحانات، حتى لا تتكرر حكاية (زيدي ماء.. زيدي طحين)، ومنعا لتداول أغنية (غششني لو تسمح)، التي تتماشى مع التصوير القبيح.. وللموضوع بقية إن كان في العمر بقية..!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى