مواطنون يشترون حبة الدواء والإبر وقطن الجروح من جيوبهم الخاصة.. (2) مجمعات عدن الصحية ظروف صعبة وإمكانات مفقودة

> استطلاع / رعد الريمي

> لا يعرف الزمن الذي بدأت فيه فكرة المجمعات الصحية في محافظة عدن، غير أن دورها وأثرها يتذكره جيدا جميع ساكني العاصمة عدن، حيث لعبت المجمعات الصحية في محافظة عدن دورا هاما في حياة المواطنين البسطاء غير القادرين على التكاليف الباهظة في المستشفيات والمستوصفات الخاصة في ظل الأوضاع الصعبة والأزمات التي يعاني منها مواطنو عدن.
ففي ظل تردي الوضع الصحي العام الذي عاشته المدينة جراء الحرب الغاشمة، وما نتج عن تبعاتها من انتشار الأوبئة والأمراض منها (حمى الضنك - الإسهالات الحادة - الكوليرا)، والتي فتكت بالمدينة وتسببت بإنهاك حياة العديد من المواطنين.
علاوة على ما تشهده الأدوية من ارتفاع أرهق كاهل المواطن مما اضطره للبحث عن أماكن يتم من خلالها معالجة ومداواة مرضه بأقل التكاليف، متماشيا مع وضعه المادي، لتمثل له المجمعات الصحية برسومها الرمزية إحدى الخيارات ليصطدم بما عليه واقع هذه المجمعات من تدهور فاضح وتردي متفاقم.
تستعرض «الأيام» في هذا العدد آراء عدد من عاملين المجمعات الصحية، حيث أفادت أمل سالم، عاملة في مجمع خور مكسر أن “مجمع الخور الصحي يعاني من انعدام المولد الكهربائي الخاص به، نتيجة عطل، وهذا يعني أن الصيدلية والمختبر لا يعملان بسبب ذلك العطل، بالإضافة إلى انعدام الأدوات الخاصة بقسم النساء والولادة“، موضحة أنه “يعاني ـ أيضا ـ من شحة المياه وانقطاعها، مما يضطرنا إلى نقل المريضة لفحصها في المختبر، أما الفحص اليدوي للمريضة فهذا يشكل صوعبة أكثر، لأن أغلب الأدوات غير معقمة، نظرًا لانعدام التعقيم، فقد تُسبب أمراضا أخرى لأنها تدخل أماكن حساسة في الجسم.
تقول سارة خالد، ممرض بمجمع خور مكسر: “إن أغلب المرضى الذين يحتاجون إلى جهاز (الانتراساون) لكي يتم فحصهم تتم مواعدتهم في حالة توفر الكهرباء، ولك أن تتخيل حجم العناء في ظل ما تعانيه المدينة من عدم انضباط الكهرباء”، منوهة إلى أننا “نعاني من تأخر استلام مستحقاتنا، حيث بعضنا لم يستلم مستحقاته منذ أربعة أشهر”.
مجمع خور مكسر الصحي
مجمع خور مكسر الصحي

فيما يقول الممرض علاء صالح، ممرض بأحد المجمعات الصحية: “إن الذي يرتاد المجمع الصحي يشتري كل شيء، ابتداء من الإبر والشاش والبلاستر، حتى علاج مسكن الألم (البسكبان)، في الوقت الذي يستنكر فيه عدد من المرضى من عدم وجود دعم تتلقاه هذه المجمعات سوى الدعم المقدم من المنظمات أو من المخصصات المالية جراء الرسوم الرمزية التي يدفعها مرتادو المجمع”.
*حرمان شريحة كبيرة*
تعاني عدد من حواري وشوارع مديرية المنصورة من حرمان خدمات المجمع الصحي، حيث تم تحويل مجمع المنصورة الصحي الكائن بالقرب من مركز الرعاية الصحية إلى مركز جراحي للصليب الأحمر، وقد تظلم الطاقم الإداري إزاء هذه الخطوة التي اعتبروها خطوة غير صائبة.
وحصلت «الأيام» على نسخة من هذا التظلم الذي تقدموا به إلى محافظ محافظة عدن، إذ جاء في تظلهم: “نحن موظفو وموظفات مجمع المنصورة الصحي نطالب بعودة الخدمات إلى مجمع المنصورة، كون المجمع يخدم شريحة كبيرة من الناس يبلغ عددهم حوالي 65000 مواطن، يسكنون حول المجمع في أحياء ريمي، نجوى مكاوي، الوحدة السكنية، عبدالعزيز، الدرين، بلوك 37، 40، 32، 39، 38، 36، 34، و 35، 24، 25”.
وأضافوا: “إن المجمع يقدم للسكان خدمات الصحة الإنجابية والتحصين والتغذية والطبيب العام وعيادة الأطفال والسل وصحة الفم والأسنان، ويعاني الناس من صعوبة في الحصول على هذه الخدمات من بعد الحرب، إذ تحول المركز إلى جمع جراحي فقط، و يتبع الصليب الأحمر، ويتجشم السكان مشقة الوصول إلى مجمع حاشد أو القاهرة لبُعد المسافة، وعليه نرجو إعادة فتح المجمع”.
*مواطنون يتكبدون العناء*
استطلعت «الأيام» رأي عدد من المواطنين حول المجمع الصحي، فأفاد هيثم صالح (27 عاما) قائلا: “إننا نحن سكان الوحدة السكنية وريمي وعبدالعزيز ونجوى مكاوي والدرين والمنصورة القديمة نأمل عودة خدمات الرعاية الصحية الأولية، التي كان يقدمها مجمع المنصورة، حيث كان يقدم لنا التطعيم والأمومة والطفولة، ورعاية الحوامل، وتنظيم الأسرة، وقد حرمنا من كل هذه الخدمات، كون المجمع تم تحويله لمركز جراحي تابع لمنظمة خاصة (الصليب الأحمر)“.
وقالت المواطنة أمل علي أحمد (أم لثلاثة أولاد): “نحن نعاني من انعدام خدمات المجمع الصحي في أحيائنا، فلا نستطيع أن نتلقى خدمات التطعيم ورعاية الحامل وتنظيم الأسرة، كون المجمعات البديلة بعيدة كمجمع حاشد والقاهرة، والأمر يصعب علينا، ويسبب لنا مشقة نظرًا للزحام الذي يعانيه المجمع الصحي بحاشد“.
وطالب المواطنين عبر «الأيام» الجهات المختصة بـ “إعادة النظر في طلب استمرار إلغاء عمل المجمع الصحي، حيث أن الخدمات التي يقدمها الصليب الأحمر تقدم في مستشفى 22 مايو، الذي يقع في خلف مجمع المنصورة الجراحي، وغيرها من الأماكن، كأطباء بلا حدود والجمهورية، بينما الخدمات التي نطلبها نحن غير متوفرة“.
*الدور الذي يقدمه المجمع*
تتحدث الدكتورة إلهام فهيم عبدالقادر اختصاصية نساء وولادة، ومدير مجمع المنصورة الصحي سابقا: “إن مجمع المنصورة افتتح في عام 1968م، ويعتبر من المجمعات القديمة والعريقة في محافظة عدن، حيث كان المجمع الصحي يقدم الرعاية الصحية الأولية، ابتداء من خدمات الصحية الإنجابية من تنظيم الأسرة، ورعاية الحامل، والتحصين، كما كان يقدم الخدمات الوقائية من الأمراض، وكان يوفر طبيب عام، بالإضافة إلى قسم للتغذية، واكتشاف حالات سوء التغذية“.
وتضيف: “المجمع كان يستوعب أكثر سكان مديرية المنصورة المقيمين حول المركز، إذ كان لدينا قسم لعلاج أمراض اللثة والأسنان، وقسم لعلاج أمراض السل، والوقاية، وكذا كان يقوم بصرف الأدوية لذوي الأمراض المزمنة كأمراض السل والسكر وغيرها“.

وتتابع: “لقد كان كثير من الناس يتوافدون إلى المجمع بسبب خبرة الطاقم الذين كانوا يقدمون الخدمات الصحية في المركز، وقد استمر المركز في تقديم الخدمات حتى عام 2015م، وكما هو معروف وغير خاف أن في حرب 2015م تم استخدام المجمع كمبنى للصليب الأحمر بموافقة مكتب الصحة والسكان في المحافظة، كظرف خاص، نتيجة الحرب، وكون خدمات المجمع الجراحي أكثر أهمية من المجمع، وهي مناسبة نشكر فيها منظمة الصليب الأحمر لتقديمها لهذه الخدمات بالمجان“.
*حرمان قطاع واسع من المواطنين*
تقول إلهام: “كنا نتمنى بعد الحرب، وخاصة بعد مرور ثلاث سنوات أن يتم إخلاء المبنى لنتمكن من إعادة الخدمات إلى المواطنين بالمنطقة، لكن للأسف الشديد بقي المركز يستخدم المبنى الخاص بالمجمع الصحي من قبل المنظمة إلى يومنا هذا، وهو ما حرم السكان من الخدمات، فالمريضة التي تريد تركيب “لولب“، وكذا المريض الذي يريد حقنة للتطعيم يذهبا لمجمع حاشد، وحاشد منطقة بعيدة، وبعض الأحيان لا توجد مواصلات، ومن حق الناس في هذه الأحياء أن يحصلوا على الخدمة في أقرب مركز، وأقرب مركز لهم هو مجمع المنصورة، والذي تم استخدامه لظرف آن وقد زال“.
وأضافت: “إن المجمع الصحي هو من المجمعات الصحية الناجحة في خدمات الرعاية الصحية الإنجابية الأولية المثمثلة في الجانب الوقائي والعلاجي من خلال أقسامة المختلفة، مثل قسم الصحة الإنجابية، التحصين، الصدر، الأسنان، والأقسام التشخيصية كالأشعة والمختبر، بالإضافة إلى صيدلية، أيضًا لدينا أقسام إنعاش للنساء والرجال المخصصة لاستقبال حالات الطوارئ، التي يتم إسعافها وعلاجها، وأقسام العمليات الصغيرة والتعقيم والإحصاء، وقسم للطبيب العام لمعاينة وعلاج الأطفال والكبار (باطني) هذا والعمل في المجمع نوبتين صباح ومساء“.
*المجمع كان ذائع الصيت*
تضيف إلهام: “إننا كغيرنا من المجمعات التي كانت تعاني من صعوبات سوى أكان في الجانب الوقائي أو العلاجي أو في الجوانب الأخرى كرداءة الأجهزة وعدم توفر بعضها وقلة الخبرة لدى بعض العاملين، ونواقص كثيرة في الجوانب الأخرى، وعندما تسلمنا المجمع في أكتوبر 2002م ركزنا كثيرًا على إعادة تأهيل وتدريب القابلات والممرضات والممرضين والفنيين، وبالتعاون مع مكتب الصحة في عدن والمديرية الصحية في المنصورة استطعنا توفير الأجهزة الضرورية للمجمع، لضمان سير العمل فيه دون توقف، وفي الناحية الأخرى اهتمينا بالكادر، وطبقنا أسلوب الثواب والعقاب، وحافظنا على الانضباط الصارم بالعمل ولوائحه، مقابل ذلك قمنا بمنح كل العاملين مستحقاتهم أولًا بأول، حسب نظام مساهمة المجتمع، وكل الجميع عند مستوى المسؤولية، والحقيقة فإن هذا النجاح، الذي تحقق في المجمع سببه الأداء الجيد للعاملين وحسن تعاملهم ومعاملتهم للمرضى وانضباطهم العالي في عملهم“.
وتواصل الحديث عن دور المجمع: “طبعا خدمات الصحة الإنجابية بدرجة رئيسية من قبل طبيبات ممتازات، وكان المواطن يأتي ويتلقى الخدمة يوميا، والناس كانوا مرتاحين، وكانت وسائل الأسرة متوفرة“.
واختتمت حديثها: “طبعا نحن نستقبل الحامل ونعمل لها ملفا، ونتابعها خلال فترة الحمل كاملة، مع اعطائها تثقيف صحي ومشورة حول الحمل، ونشرح لها حول الولادة، ونسهل لها الموضوع، ونشرح لها الرعاية الطبيعي، هذا كان قسم المشورة ورعاية الحامل، لدينا قسم اسمه تنظيم الأسرة تقدم فيه المشورة لوسائل منع الحمل ونقدم وسائل مجانية من تركيب “لولب“ وغرسات وصرف أدوية ومختلف وسائل منع الحمل، كمان لدينا في القسم هذا طبيبات ممتازات، كانوا يقدمون خدمات علاج العقم وأمراض الإجهاض، وكل المضاعفات التي تحصل للمرأة، طبعا الذي يساعد على هذا الكلام أن المجمع الصحي بجانب الرويشان سابقًا، على خط المواصلات، فلم يكن أي شخص يعاني من صعوبة الوصول إليه، بعكس الآن كثير من المواطنين يأتون ويبحثون عن الخدمة ولا يحصلون عليها، فالمواطن يتجشم عناء الوصول إلى المراكز لأجل حبة منع الحمل أو حقنة منع الحمل أو لأجل تطعيم طفله”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى