صنعاء .. مدينة منكوبة بالأمراض وحكم المليشيات.. الحوثيون قاموا بنهب 30% من مخصصات الحملة الوطنية للتوعية ضد وباء الكوليرا

> تقرير / بليغ الحطابي

> تحاول المنظمات الدولية العمل على تدارك الوضع الصحي المنهار في صنعاء من خلال دعم حملات التوعية والتحصين ضد وباء الكوليرا .
لكن هذه المنظمات اتخذت موقفا واحتجت على سيطرة مسلحي المليشيات على القطاع الصحي ونهب الأدوية، وإعاقة عمل لجان المكافحة وعرقلة الإجراءات التي تقوم بها السلطات الرسمية.
وأفشل مسلحون حوثيون افتتاح مركز الطوارئ الإقليمي أواخر يوليو الماضي، واعتدى مسلحون حوثيون يتبعون وكيل وزارة الصحة الحوثي ناصر العرجلي على عدد من موظفي الصحة ومطاردتهم في الشوارع وتهديد حياتهم، الأمر الذي أدى إلى تهديد وزير الصحة في حكومة المليشيات محمد سالم بن حفيظ الذي قام بتقديم استقالته.
شباب يقومون بحملة توعوية
شباب يقومون بحملة توعوية

وانعكست أزمة الرواتب وممانعة المليشيات صرف رواتب المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث أثرت على قطاعات مختلفة ومنها القطاع الصحي، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية أن 30 الف موظف في القطاع الصحي لم يستلموا رواتبهم ما أسهم في تدهور حاد لخدمات الرعاية الصحية.. الأمر الذي دعا صندوق الأمم المتحدة لتقديم مساعدات للعاملين في القطاع الصحي بمبلغ 100 دولار شهريا.
وطبقا لمصادر خاصة لـ«الأيام» فإن مليشيات الحوثي قامت بخصم 30 % من مبلغ تمويل حملة توعية للوقاية من الكوليرا والتي مولتها المنظمات الدولية اليونسيف والصحة العالمية، ومنظمات أخرى.
*إضرابات
ودخل الآلاف من العمال في الصرف الصحي ومهندسو المياه وعمال النظافة وغيرها من القطاعات في صنعاء في إضرابٍ لعدة أشهر، مما سبب في تراكم المخلفات في الشوارع وطفح المجاري بسبب رفض الحوثيين تسليم رواتبهم لأكثر من عشرة أشهر.
لذلك، ووفق خبراء دوليين، ليس من المستغرب أن تتأثر المناطق التي يسيطر عليها المليشيات بشكل غير متناسب بتفشي الكوليرا، وقد وقعت حوالي 80 % من حالات الإصابة والوفيات في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون.
نقطة تابعة للمليشيات
نقطة تابعة للمليشيات

ففي المناطق التي يسيطرعليها المليشيات يبلغ عدد الحالات بين كل 1000 شخص 17 حالة، مقابل 10 حالات في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، كما تبلغ نسبة المصابين بالكوليرا الذين يموتون 0.46 % في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، مقابل 0.3 % في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة. وهكذا، فإنّ الشخص الذي يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات يزيد احتمال إصابته بالكوليرا بنسبة 70 %، وتزداد احتمال وفاته أكثر من 50 %.
*كارثة خارج السيطرة
وفي السياق، قدمت مختصة في “منظمة أطباء بلا حدود” شهادة مؤثرة لما شاهدته وهي تتابع أخبار الكوليرا في اليمن، حيث العمل المجهد وحالات التفشي في مستشفى عبس للحصبة والسعال الديكي وذروة الملاريا مؤكدة في تقرير لها: “كنا نعالج جرحى الحرب والكوليرا آخر همومنا”.
وقالت الخبيرة “روث كونده” في تقرير خاص ان كل العوامل التي تؤدي لانتشار الكوليرا موجودة في اليمن بشكل عام وفي عبس بشكل خاص حيث تهالك النظام الصحي والأطباء على قلتهم بلا أجور والموارد محدودة والشعب الفقير بالحد الأدنى من الماء والغذاء.
انتشار الامراض
انتشار الامراض

وأوضحت شهادة كونده: في البداية كانت الكوليرا متقطعة الحالات في عبس وكان لدينا عدد محدود من المرضى الذي أتوا جميعاً من نفس المنطقة مع ذلك كان من الواضح لدينا في منظمة “أطباء بلا حدود” أنه علينا أن نعمل بسرعة لذا قمنا بحملات استكشافية، وأنشأنا شبكات تواصل في المنطقة، وتبرعنا بالمعدات الطبية ودرّبنا الطاقم الطبي في المراكز والمنشآت الصحية في المنطقة لضمان علاج الحالات المعتدلة على الأقل في المناطق النائية.
ولكن في مايو انفجر الوضع وصرنا نستقبل من 20 إلى 30 مريض في اليوم الواحد، ومن مناطق أبعد وقُرعت أجراس الإنذار وشعرنا أن الوضع بدأ يخرج عن السيطرة فضاعفنا جهودنا وقمنا بإنشاء مركز علاج للكوليرا في مدرسة مجاورة، بالإضافة إلى المستشفى، فلدى المستشفى حالياً 100 سرير وقد قمنا بتوظيف 100 موظف صحي إضافي.
وأضافت الخبيرة الدولية أن عبس ليست الوحيدة التي تفشت الكوليرا فيها وإنما هي المنطقة التي انتشر فيها المرض بأسرع وقت ممكن ، فقد حصد المرض حياة ما يزيد على 1600 مريض وأصاب ما يزيد على 269 ألف شخص. ففي آخر يونيو، كنا نستقبل ما معدله 400 مريض يُحتمل إصابتهم بالكوليرا في كل يوم.
وخلصت إلى أن اليمن بحاجة إلى جهود أكبر بكثير وتنسيقاً أفضل بكثير مع المجتمع الإنساني فالوقت يمضي على عشرات الآلاف من المواطنين وفي الحقيقة، فإن الكوليرا هي نداء تحذير سيبقى صداه حتى بعدما يُعالج آخر مريض منها.
وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية، تفشى وباء الكوليرا، الذي وصفته الأمم المتحدة بالأسوأ في العالم ويتم الإبلاغ عن نحو 7 آلاف حالة جديدة يوميًا، تم تسجيل قرابة نصف مليون حالة منذ نهاية أبريل، وكان هناك بالفعل أكثر من 1915 حالة وفاة.
ويُعد الوباء أحد جوانب الكارثة الإنسانية الأوسع نطاقًا في اليمن، ويحتاج ثلثا السكان، 18.8 مليون نسمة، نوعًا من المساعدات الطارئة وقد انهار إنتاج الأغذية ويعاني 4.5 مليون طفل فضلًا عن الحوامل والمرضعات من سوء التغذية الحاد. وتعمل 45% فقط من المرافق الصحية، ويفتقر 14.8 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الأساسية ويتطلب نفس العدد المساعدة للحصول على مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي.
وتنتشر الكوليرا، وهي عدوى بكتيرية، عن طريق المياه الملوثة بالبراز ويمكن منعها بسهولة ومعالجتها بسهولة وانتشرت الكوليرا لأول مرة من دلتا الغانج بالهند عام 1817، وأدت الأوبئة الناتجة إلى مقتل عشرات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم على مدى 150 عامًا وقد أدت التحسينات الحديثة في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وتحسين فرص الحصول على الأدوية والرعاية الصحية، إلى انخفاضٍ ملحوظ في عدد الحالات. واليوم، تحدث التفشيات بشكلٍ رئيسي في المناطق التي تكون فيها أنظمة المياه والصرف الصحي غير كافية، أو تكون قد تدمرت بسبب كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى