أكثر من عقد من الزمان ومستشفى عدن العام في طي النسيان.. إهمال وزارة الصحة يتسبب في إغلاق المستشفى الحكومي الأكبر في المدينة

> استطلاع/ وئام نجيب

> وقفت على قارعة الطريق لأشاهد سيارات تتجول هنا وهناك، تعمدت الوقوف تحديداً على هذا الشارع الذي كان أبرز ما فيه مستشفى في قلب العاصمة عدن في كريتر، مستشفى عدن العام والذي كان يستوعب المرضى في المديرية ذاتها وما جاورها واستفاد منه الكثير.. راودني الفضول لأعرف ما هي أسباب إغلاق ذلك الصرح الطبي الكبير الذي استمر لأكثر من عقد من الزمن.
المبنى لم يكن بالأمر السهل أن تستوعبه عدسة الكاميرا الخاصة بي، دخلت ومرافقي بمعية قائد الحراسة الأمنية الخاصة بالمستشفى، وعند مشاهدتي إليها من الداخل كان الأمر يختلف تماماً عن مظهرها الخارجي، حيث إنها تحتوي على عدد كبير من الغرف تستوعب كل الأقسام، دخلت إلى بعض من هذه الغرف وجدت أجهزة متطورة وحديثة، ولكن في مقابل ذلك كان المشفى سقفه غير ثابت وسطحها يحوي على أكوام من المخلفات والأتربة ويقال بأن سبب ذلك وعدم الاهتمام فيها يعود إلى إهمال من وزارة الصحة للمشفى وللحراسة.
تكدس النفايات داخل المستشفى
تكدس النفايات داخل المستشفى

أفاد قائد الحرس بسام بشير بالقول: “أتت إلينا لجنة من وزارة الصحة لتقييم الضرر الذي لحق بالمبنى نتيجة الحرب والتي أصاب أيضا مجمع عدن مول التجاري لتقدير التكلفة، منوهاً بأن المستشفى تم نهبها، حيثُ تمكنا من استرجاع بعض من ما تم نهبه لان من سرقها لم يأخذها مع توابعها، وهي: طابعات تصوير وكمبيوتر عدد اثنين، وطفايات حريق وجهاز الإيكو، إلى جانب بعض الأجهزة المتوفرة في المشفى هي جهاز الإيكو الخاص بتخطيط القلب، وجهاز الرنين ، إضافةً إلى جهاز الأشعة المقطعية”.
وأضاف بسام: “تولينا حراسة المبنى منذ 3سنوات وعددنا 36 شخصا وقد قمنا بشراء الأقفال من حسابنا الخاص لنعمل على إغلاق وتأمين أبوابها، وقام مكتب الرئاسة بترقيمنا وحالياً تُصرف لنا رواتب شهرية”.
*إشكال وراء الإغلاق
ذهلت زهاء ما رأيت كيف أضحى هذا الصرح الطبي وما يحويه من أجهزة حديثة بأن بات عبارة عن هيكل فقط وقد تحول إلى أشبه ببنيان مهجور ومهمل وملاذ للطيور والفئران، على الرغم من أنه قادر على أن يخفف الكثير من المواطنين من اللجوء إلى المستشفيات الخاصة وتحمل أعباء التكاليف الباهضة.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع والذي أحدث فراغاً في القطاع الصحي بالمدينة، ما أثار عدة تساؤلات تبحث عن إجابات شافية، التقت «الأيام» بمدير عام مديرية صيرة خالد سيدو، والذي أوضح أن: “السبب الرئيسي في إغلاق مستشفى عدن كان في الأساس انه سيتم تأهيل المستشفى، ولكن حصل إشكال بين إدارة المستشفى والمقاول والجهة المتبنية للتأهيل وهي الهيئة العامة للموانئ”.
مضيفاً بأن “فترة إغلاقه طالت خاصةً عندما أتت الحرب علماً بأن المستشفى كانت قد توفرت فيه بعض الأجهزة الطبية الحديثة التي نُهبت وبقي البعض منها”، وأشار سيدو إلى أنه قبل حوالي ستة أشهر تم تشكيل لجنة من قبل رئاسة مجلس الوزراء عبر وزارة التخطيط والتعاون الدولي برئاسة الوكيل رشاد شايع وعضوية مدير التخطيط في المحافظة ومدير عام الصحة ومدير عام مديرية صيرة والمندوب عن الجهاز المركزي للرقابة والتفتيش، وفيه عقدنا عدة اجتماعات، إضافة إلى ذلك قمنا بتشكيل لجنة طبية فنية من مهندسين فنيين لتقييم احتياجات المستشفى وتم رفع تقرير للجنة، وهذه اللجنة رفعتها للمحافظ، وبدوره قام المحافظ بالتواصل مع الأخوة في مركز سلمان للإغاثة حيثُ أتى مندوب منهم للمقارنة بين الاحتياجات المرفوعة، وما هو موجود بالواقع، ومن ثم رفعه إلى الجهة التي ستتولى إعادة تأهيل المستشفى، وأرى أن مكتب الصحة العامة هو من يفترض عليه أن يتابع الموضوع بجدية تامة، وعن أهم العوائق التي تسببت بتأخير افتتاحها هي أن المقاول المسئول عن إعادة التأهيل يكاد وان يكون متغيبا ولم يأت لإستكمال ما عليه من التزامات بالمقاولة، مشيراً وانه من خلال الجلوس مع الأخوة في مكتب الصحة تبين بأنه بأن المقاولة أُرسيت عن طريق الباطن على شركة سعودية ومقاول يمني”.
مكيفات المستشفى
مكيفات المستشفى

يواصل حديثه “ السبب الرئيسي لتأخير استلام مستشفى عدن تكمن بأن بعض الأجهزة التي استوردت لم تكن تتطابق مع المواصفات المطلوبة من قبل وزارة الصحة، وكان على أساس أن يتم التأجيل لفترة معينة لكن عندما أتت الحرب تعرضت بعضها للتدمير بشكل جزئي”.
وأردف بأن “مستشفى عدن لم تكن تتبع إدارياً ومالياً للمديرية وكانت تتبع مباشرةً للحكومة وميزانيتها مركزية أي أنها تأتي من صنعاء ونحن فقط مجرد إشراف، بخلاف المجمعات الصحية الموجودة في المديرية التي تتبع إلينا”، مضيفاً بالقول: “وأثناء الحرب حصلت سرقة لبعض الأجهزة كل ما خف حمله وغلا ثمنه”، ونوه بأن “مستشفيات القطاع الخاص هي المستفيد الأول من إغلاقه”، وأشار إلى أن دورنا كسلطة محلية في المديرية يقتصر على متابعة السلطة المحلية في المحافظة، شاكرين لهم تجاوبهم معنا ورفع التقارير الخاصة بهذا الملف وتسليمها للحكومة ومن ثم تحويلها إلى مركز سلمان للإغاثة، وصحيح بأنه يوجد تجاوب من قبلهم لكن لم يتم تنفيذه على الأرض.
وعن الخدمات التي كانت تقوم بتقديمها أشار سيدو إلى أنها كانت تقدم كافة الخدمات الطبية المختلفة، إضافة إلى أنه تم تخصيص ميزانية وهي مرتبطة بالمستشفى، ويعد مركز أمراض القلب قسما من أقسام المستشفى الذي كان في مرحلة بناء وتشييد، وبالفعل تم تجهيزه وكان على وشك الإنجاز لكن لم يستكمل بسبب إندلاع الحرب، قبل وأثناء الحرب كان موضوع إفتتاحه في ركود تام إلى أن استمر هذا الوضع إلى أن قمنا بالمتابعة في مكتب المحافظة وكنا نأمل أن يفتح وينشط قسم الطوارئ لتخفيف الضغط على المجمعات الصحية، ولكن للأسف لم تكن هناك إيجابية في الاستجابة، وتحدث سيدو فيما يخص افتتاح هذا الصرح الطبي الكبير لابد من اتخاذ قرار سيادي من الحكومة..
جهاز الإيكو الخاص بتخطيط القلب
جهاز الإيكو الخاص بتخطيط القلب

مختتماً حديثه بالإشارة إلى أن مصير الأطباء ممن كانوا يعملون في المستشفى تم تحويلهم إلى بعض المستشفيات والمجمعات الصحية والبعض منهم يزاول عمله في الخاص.
*بداية التدهور
تمكنت «الأيام» من الحصول على معلومات من مصدر تحفظت عن ذكر اسمه، وبحسب ما أفاد به لنا بالقول: “بدايةً تم افتتاح مستشفى عدن العام بصفة غير رسمية كان ذلك في حرب صيف 94م ، استمر في نشاطه على الرغم من أنه كان هناك ضعف في كادر الصيانة الخاص في نظام التكييف والذي يعمل على نظام الماء البارد (شيلر)، بعد ذلك تفاقمت مشكلة هذا النظام حيث إن التكييف كان هو المشكلة الأساسية للمستشفى ، حينها قام مدير المشفى السابق أحمد الخينة بالاستعانة بشركة أحواض السفن وكانت النتائج غير مرجوة”.
وأضاف: “وفي الأعوام: 2004 - 2005 - 2007 ساءت حالة المستشفى إلى أن أغلقت أبوابه في عام 2007م”.. مشيرا إلى أنه توجد فقرات مسجلة في جدول الكميات وتشمل كل الأعمال، كما أن المكتب العربي كان يقوم بمعاينة المشفى، وحصر كل ما تحتاج إليه من ترميم وصيانة إضافة إلى دراسة بناء مركز القلب وكم ميزانيته كل ذلك مقيد في جدول الكميات، موضحا أن الأعمال فيه بدأت في فبراير 2008م وتم وضع حجر الأساس من قبل رئيس الوزراء آنذاك علي محمد مجور كان ذلك في30 نوفمبر 2007م لإعادة تأهيل مستشفى عدن وبناء مركز القلب”.
*إخلال بالعقود المبرمة
وأوضح أن “كان المكتب العربي للمقاولات والهندسة قد أعلن المناقصة بحضور شركات من ماليزيا وكورية وشركات عربية أخرى أمثال شركة الرحاب وشركة العتيق، مع العلم أن المكتب العربي ومقره الكائن في الرياض على علم بتاريخ وإنجازات كل شركة وما هي إخفاقاتها، بمعنى آخر لديه إلمام بكل شركة على الواقع وكل شيء بيد المكتب العربي في السعودية وهو المسئول الأول على المقاول وجميع الأعمال الإنشائية وعلى علم ومعرفة أيهما أفضل وأجدر بالمقاولة، وفيما إذا كان المقاول قد أخل بالعقد المبرم بينهما، فلا بد من فرض الشروط الجزائية والتي تقتضي بسحب المقاولة منه”.
وأردف: “تُعد المجموعة الطبية المتحدة بمعية المكتب العربي والذي يمثل الجهة الاستشارية الخاص بمستشفى عدن العام وبدورها عملت على فتح المظاريف واختيار المقاول، وهو على علم من هو المقاول إضافة إلى الجهة الممولة المتمثلة في صندوق الإنماء وكلاهما يتبع المملكة العربية السعودية، علماً بأن المكتب قام بإرسال أفراد إلى المستشفى بهدف معانيتها حيثُ كان ذلك بوصاية من السعودية”. واختتم حديثه للصحيفة بالقول: “قبل إغلاق المستشفى تم تركه بمخلفاته الآدمية بدون تنظيف”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى