«ثِرَة» القاهر.. فلا تقهرونه !!

> عيدروس زكي

> عَقَبَة جَبَل «ثِرَة» الشَّاهِق ونقيله الشهير الرَّهِيْب، بمديرية لَودَر، بمحافظة أبْيَن، شاءت لي الأقدار أن أدخل معه في لُجَّة الحَرب الأخيرة، المُندَلِعة أواخر شهر مارس 2015م، في تَحَدٍّ كبير، إذ باريته بمجازفة الصعود إليه، أنا وأسرتي يَتَصَدَّرها الحبيب الأغلى «أبي»، يحفظه الله ويرعاه، لوذاً به ـ حينذاك ـ من نيران حرب الغزو «الحَوثِيَّة/العَفَّاشِيَّة»، الهيستيرية الشَّعوَاء الحاقدة على العاصمة عدن ووطننا الجنوب العربي والشعب الجنوبي المَدَنِي المُسَالِم بأكمله، تلك المأساة القاسية التي عشنا فصولها الموجعة، ودارت رحاها الطاحنة في قُرَّة العين معشوقتنا العاصمة عدن وشقيقتها التوأم محافظة لحج.
وخوفاً على سلامة والدي من قتال أشرس المعارك المُدَمِّرَة لمواطني الجنوب ومُدُنه، باستهدافهم جميعاً ولكل ما في مدنهم، من بشر وشجر وحجر، وأيضاً لحال التشريد التي حدثت لنا (وقتذاك)، اضطررنا إلى البحث عن ملجأ آمن، فشاءت لنا الأقدار الاعتصام بمحافظة البيضاء، وناسها الكرام، الذين استضافونا فيها نحن وأصهارنا الأعزاء أُسرة «شهيد عدن» البطل الشيخ «حسين علي شيخ المسلماني»، يرحمه الله ويُطَيِّب ثراه، وأُسرة شقيقي الغالي «محمد»، فتنفَّسنَا في البيضاء الصعداء قليلاً مع سكانها بِمُنَاخ أجواء محافظتهم الطبيعية الصحية الباردة المُمْطِرَة، بدلاً من شِدَّة جحيم حَرْ فصل الصيف اللَّاهِب القائظ اللَّافِح القاتل، الذي تماهى مع الحرب المجنونة الظَّالِمَة المُستَعِرَة تلك، ولانقطاع خدمة الكهرباء في عدن ولحج، بسببها، تجاوزنا ـ وقتها ـ صعوداً منعطفات جبل «ثِرَة» الـ«55» ـ تقريباً ـ الخطيرة، بغية بلوغنا سِدرَة مُنتَهَاه، فاعتلينا سفحه غالباً إياه، وفعلاً كان لنا ذلك، واستقبل الجبل انتصارنا عليه بحفاوة غامرة وفرح عميق وروح رياضية.
قُبَيل مغادرتنا له بهنيهات، خصني جبل «ثِرَة»، بحديث ثنائي مقتضب جداً، تم بيني وبينه وقد حمله إليَّ بصوته الجبار الأجش، لكنه بدا ـ رغماً عنه ـ حزيناً وبصدىً متعالٍ، هازاً به أركان الكون وكيف لا يكون كذلك ؟! وهو الجبل المُنِيْف القاهر سرمداً، الذي يهابه الناس كافة، لكن ثلة من الأوباش، وبشتى سبلهم الملتوية، عملوا على محاولات ـ ليس غير ـ بائسة يائسة لقهره.. إذ قال لي : “يا عيدروس.. كن لي من الأوفياء الذاكرين، وعليك نقل معاناة تكبيلي من الأعداء وتحرير قممي من الاحتلال «الحَوثِي/ العَفَّاشِي»، حين تسنح لك هذه الفرصة”!.. ووعدته بأني سأكون أبدا ما حييت وفياً له وذاكراً.
فهأنذا أُنادي الجبال البشرية الجنوبية كافة، أَنْ أَعِيْدُوا لطَوْد «ثِرَة» الشَّامِخ هيبته العُظمَى، ومجده الضَّخم.. كفاكم إذلالاً له.
لقد كان وما زال وسيظل هذا الجبل، منذ بدء الخليقة، الأسطورة، التي تلوكها الألسن كلها، وأقصوصة الرعب التي يجرؤ فحسب على امتطاء علوها الباسق كل جاسر شجاع، وأجمل مكان يطيب للفرسان من الفتية المراهقين اليُفعَان، من أهلنا «البَدُو» الأشداء تلقاءً منذ صغرهم، لإبرازهم على صخوره الصلبة القاهرة، مهارات قواهم العضلية المتعددة مشاربها، في ربيع عنفوان شبابهم، وبها يجابهونه، ويوثقون براعتهم في ذلك بالكتابة التذكارية بخطوط أياديهم العفوية، لأسمائهم الشخصية وحكم الحياة الشعبية، التي يتخذونها منهاجاً قويماً وسلوكاً سليماً، في معاشرتهم الوفية معها.
فَهُبُّوا أيها الرجال.. الرجال الأبطال الغيورين.. المدد.. المدد، إلى استعادة الكرامة التاريخية السرمدية لرأس هضبة «ثِرَة» وتحريرها قاطبة حتى منتهى الحدود الدولية لمديرية مُكَيْرَاس بمحافظة أبْيَن، المتاخمة لحدود محافظة البيضاء اليمنية، وتلالها الشَمَّاء المختالة، بدعم من الزعيم الحكيم فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، يحفظه الله ويرعاه، والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقتين.. والنصر الحق بمشيئة الله تعالى حليفنا، لأننا من نملك الحق، أما أولئك الغزاة، لا يَسْتَوطِن في قلوبهم سِوَى المَسْ، وما تُقِيم في عقولهم إلَّا اللُّوثَة.
عيدروس زكي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى