عن محافظ أبين !

> فهد البرشاء

>
فهد البرشاء
فهد البرشاء
لم أكن أعرف الرجل عن كثب، ولم تجمعني به الصدفة من قبل، ولم أسعَ أنا لذلك رغم لهفتي الجامحة لسبر أغوار الرجل وما يحمله في جعبته للمحافظة التي يمكننا أن نسميها منكوبة اقتصادياً ومعيشياً وصحياً وحتى مجتمعياً.
ولكن حين سنحت الفرصة بذلك شمرت مع نخبة من إعلاميي المحافظة الذين استدعاهم المحافظ في الذكرى الثالثة لتحرير المحافظة من مليشيا الحوثي والمخلوع في العام 2015م، وحرصت في هذه الفرصة أن أتعمق بين ثنايا الرجل وأن أقرأ ما بين سطوره وكلماته وحتى سكناته وهمساته، فكان الصمت سيد الموقف، فالصمت في حرم الجمال جمال.
فكانت كلماته شفافة، بسيطة، سهلة، مرنة، لا تكلف فيها ولا تصنّع، كلمات نابعة من أعماق المعاناة، ومن جوفه المترع بهموم وآلام هذه المحافظة وأهلها الذين عصرتهم المآسي والهموم، وطحنتهم رحى الحرب المتتالية على هذه المحافظة.
حملت كلماته هماً بحجم جغرافيا المحافظة، وألماً بقدر رقعتها ووجعاً بقدر كل هذه الفوضى التي تحدث فيها هنا وهناك، وبقدر تلك المؤامرات الدنيئة التي (تُحاك) ضد المحافظة ممن يريدون لها أن تظل مسرحاً للحرب والدمار والدماء، وساحة يصفي فيها المتناكفون سياسياً حساباتهم.
كان صادقاً، صريحاً، في كل كلماته التي لم يتصنعها، ولم يتكلفها، أو يحاول أن يتفنن في إلقائها ليقنعنا، بل كان يتحدث حديثاً مرناً، رقراقاً، سرى دون استئذان إلى شغاف القلوب ليحط رحاله فيها بكل سهولة ويسر، ولعل صدق هذه الكلمات والمشاعر هو من جعلها تنفذ إلى ثنايا النفس، وحنايا الروح.
كان همّه أن تنعم المحافظة بالأمن والأمان، وأن ينعم أهلها ببعض ما يتمنون، ويحظون ببعض ما يشتهون، وكان ذلك هو شغله الشاغل والغاية والهدف الذي يتمنى أن يحققهم للمحافظة وأبنائها حتى وإن كلفه ذلك روحه ودماء شرايينه.
هو يدرك تماماً أن أبين تنزف دماً، وتتوجع ألماً، وتبكي حزناً، ولعل هذا ما جعله يحمل كفنه على كفه، ليكون ذلك ثمناً ليتوقف نزيفها، ويبرأ وجعها، ويجف دمعها، وكما قال هو حياته لن تكون أغلى من تربة محافظته.
فحريّ بكل أبيني شريف نظيف غير ملوث ببكتيريا العمالة والخيانة والولاءات الضيقة أن يكون عوناً لهذا الرجل، وأن يقف إلى جانبه، وأن يكون يده التي يبني بها، وعينه التي يسهر بها لحمايتنا، وقلبه الذي يحمل حب وعشق هذه المحافظة التي أقل ما يمكن أن نسميها (مصنع الرجال).
على كل أبيني غيور يحمل بين جنبيه ضميراً ومبادئ وأخلاقا وآدمية ومخافة من الله أن يسعى إلى أن يلملم شتات هذه المحافظة وتناثرها، وأن يضمد جراحها، وأن يمسح دموعها، وأن يخفف وجعها، وأن يكون كل أبنائها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
الرجل وضع النقاط على الحروف، وجعل من نفسه كتابا مفتوحا، على أمل أن يقرأ الخيرون ما يحمله بين جنباته وبين جوانحه، وأن يسعى الكل لمساندته والوقوف إلى جانبه للنهوض بالمحافظة أمنياً وتنموياً واقتصادياً ومعيشياً، فهو يحمل مشروع وحلم أن ترتقي محافظته وتخرج من دائرة الفوضى والعبثية والهمجية.
فكونوا عوناً وسنداً له، فلن ترتقي المحافظة ولن تتطور إلا بتضافر الجميع وبجهود الجميع وبتعاون الجميع، وإن ظل كل شخص يغني على ليلاه ويغرد خارج السرب فقولوا على أبين السلام!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى