عدن.. الخروج من عنق الزجاجة

> صالح عكبور

>
صالح عكبور
صالح عكبور
المتغيرات الدولية التي شهدها العالم، خاصة المنطقة العربية وبالذات عدن والجنوب عقب إخماد لهيب الحرب العالمية الثانية في عام 1945م بانتصار الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي على دول المحور بقيادة المانيا، كانت كبيرة جدا.
دخول امريكا والاتحاد السوفيتي (روسيا حاليا) الحرب ضد المانيا غير موازين الحرب لصالح الحلفاء، إلا ان اوروبا دفعت ثمنا باهظا في هذه الحرب، حيث خسرت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا كثيرا من مستعمراتها في العالم بعد ان جرت مساومات وتفاهمات وتنازلات لصالح الدولتين (روسيا وامريكا)، وعملت هاتان الدولتان على احداث متغيرات سياسية وديموغرافية واجتماعية واقتصادية وعسكرية على مستوى العالم، غيرت وجه العالم لصالح النظامين الجديدين، بما عرف بالنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي، واحداث ثورات تحررية ادت إلى إسقاط الانظمة الموالية لأوروبا وتحويلها إلى انظمة ثورية ترتكز على نظام عسكري موال إما لروسيا او لأمريكا، ومنها عدن والجنوب بشكل عام. وبهذا خسرت اوروبا مستعمراتها ومصالحها في العالم.
ومن التفاهمات والتنازلات التي حصلت روسيا عليها وقدمتها بريطانيا (عدن)، على ان تكون عدن قاعدة عسكرية روسية لمدة معينة من الوقت وان تضمن روسيا لبريطانيا أن النظام السياسي الذي ينشأ في الجنوب يجب ان لا تتوفر فيه عوامل الاستقرار من خلال دورات العنف والفتن.
وهكذا شهدت المدينة كثيرا من الصراعات التي تديرها اياد دولية واقليمية ومنظمات يسارية ويمينية لصالح المشروع الخارجي، راح فيها خيرة الشباب من كوادر جبهة التحرير التي كانت تحمل المشروع القومي العربي، والتي اخرجت من المعادلة السياسية لصالح المشروع الآخر الدولي، الذي تبنته عناصر في الجبهة القومية، دون ان تدرك أبعاد هذا المشروع واهدافه، حيث جرت تصفيات لاحقا لعناصر الجبهة القومية والمنضوية في حركة القوميين العرب امثال قحطان وعبداللطيف الشعبي وسالمين وكثيرين ممن جرى اخراجهم من المشهد.
كما كانت الوحدة اليمنية 1990م وسيلة لتغيير النظامين في الجنوب والشمال وتفكيكهما بحرب 1994م، وتم إدخال اليمن ضمن الدول التي سوف يجري تفكيكها لصالح الاستراتيجية الجديدة والتي تعمل القوى الدولية على تغيير في مسار اللعبة وادارتها واهدافها ليلتحم ذلك مع البرنامج المتعدد الاهداف لتشمل كافة مقومات وقدرات الوطن العربي.
وستظل عدن تراوح مكانها ولن تخرج من عنق الزجاجة لأن الاطراف الحقيقية وصاحبة المشروع تنظر للمسألة العسكرية كمسألة إستراتيجية، ولا تكترث للأهمية التجارية للمدينة. فالقوة أولاً.. ووجود قاعدة عسكرية لهم تعتبر عاملاً مهماً في حسم الامور والتحكم بخط ملاحي واسع أصبح يربط الشرق بالغرب والعكس، وكذلك التحسب لما هو قادم من رياح وزلازل قد لا تبقي ولا تذر!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى