الجنوب وكيمياء السياسة..!

> عبدان دُهيس

>
عبدان دُهيس
عبدان دُهيس
لم يبق معنا نحن الجنوبيين في قاموس (كيمياء السياسة).. أي مسمى من المسميات، لأي “مكون جنوبي” قد ينشأ في قادم الأيام سوى مسمى “مجلس الأوكسجين السياسي”، وذلك لكثرة ما استهلكنا من المسميات التي لا حصر لها، لمكونات سياسية كثيرة، تعمل في الساحة الجنوبية، منذ انطلاقة الحراك الجنوبي السلمي عام 2006، وإشهار جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين، وكل من هذه المكونات تعلن نفسها - للأسف - أنها هي “الحامل السياسي” للقضية الجنوبية وممثلها الشرعي في الداخل والخارج، وكأنها لا تدرك أن مثل هذا التصرف السياسي العبثي المتطرف، هو تغييب للآخر ورفض طفيلي للندية السياسية، في ظل تفوهنا بالتعددية والقبول بالآخر، مما قد يؤدي إلى ضرر سلبي قد يعصف بالقضية الجنوبية، ذات اليمين وذات الشمال، وربما يقود - لا سمح الله - إلى التصادم العنيف والقطيعة السياسية، بين الأطراف الجنوبية - حابلها ونابلها - ويأتي بعد ذلك بنتائج سلبية، لا تحمد عقباها.. على المدى القريب والبعيد أيضاً..!.
الجنوبيون الآن في المحك السياسي والعملي، والمرحلة صعبة وخطيرة ودقيقة ومعقدة، والبلاد مازالت تعيش (حالة حرب).. وبعض من المناطق في محافظات جنوبية مازالت تحت سيطرة (الانقلابيين)، لهذا فإن صياغة (رؤية جنوبية) واضحة ومحددة الأهداف، تشترك فيها كل المكونات الجنوبية الفاعلة في الساحة، لتقرير مصير الجنوب - أكان مع دولة الأقاليم أو خارجها - باتت مسألة مهمة للغاية في مثل هذه الظروف، فمصير شعب الجنوب ومستقبله، لم يعد (لعبة أهواء) لفرقاء السياسة من الجنوبيين، إنها ثوابت وطنية تتعلق بهوية شعب ووطن، ولا تقبل المساومة ولا التقاسم ولا المزاج السياسي والقبلي والمناطقي.. ومن يفهم عكس ذلك فإنه يفكر بعقل (المريض) المحروم من العافية التي لا تجد إلى جسده طريقا..!
لا بأس - وفي سياق كيمياء السياسة - أن يتنافس الجنوبيون - أحزابا ومكونات سياسية ومدنية واجتماعية - في دراسة تقرير مصيرهم، وكيفية الوصول إلى انفراج سياسي جنوبي واقعي ومقبول، يؤدي إلى تحقيق طموحات وآمال شعب الجنوب، وفي وطن حر يحترم آدميته وكرامته، ويصون حقوقه السياسية والمدنية والإنسانية. وقبل هذا وذاك البحث عن وسائل كيفية الوصول إلى أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لكسب تأييدهما وتعاطفهما مع القضية الجنوبية، ودعمها، مما يساعد شعب الجنوب على تقرير مصيره، وبالوسائل السلمية والديمقراطية، وبإسناد وقناعات دول المنطقة - وخاصة الشقيقة الكبرى المملكة السعودية ودول الخليج العربي - حتى لا تتكرر مأساة النتائج السلبية التي خلفها إعلان (فك الارتباط) في 21 مايو 1994، وأضرت بالجنوب والجنوبيين أكثر من نفعها بمقياس تلك الفترة، ومازالت معاناتها قائمة إلى اليوم.
لذلك على (المجلس الانتقالي) أن لا ينغلق على نفسه، وأن ينفتح على الجميع، وخاصة الأحزاب والمكونات الرئيسية، التي لها تاريخ عريق وطويل في العملية السياسية، وبالذات منها (الحزب الاشتراكي اليمني، رابطة الجنوب العربي الحر، الناصريون وغيرهم).. أو المكونات الحديثة المؤثرة كـ (المؤتمر الوطني لشعب الجنوب وجماعة مؤتمر القاهرة والشباب والطلاب والنقابات) وغيرها من القوى الفاعلة في الساحة الجنوبية، وأن يشترك جميع الجنوبيين في صياغة رؤية مستقبل وطنهم، ومن دون ذلك فإن طموحات الجنوبيين في الحرية والاستقلال وتقرير المصير ستظل ناقصة ولن تكتمل وستواجه الكثير من المصاعب والإخفاقات والاحتقانات، التي لا تخدم قضية شعب الجنوب ومستقبل وطنه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى