عدن (منطقة حرة)

> أحمد ناصر حميدان

>
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
عدن الساحرة والوديعة، المدينة التي أوجدها الله وأحاطها بطبيعة ومكانة مميزة كميناء حر ومركز اقتصادي وتجاري، وموقع استراتيجي كنقطة وصل بين العالم والجزيرة منذ قرون مضت، في مجدها كانت عدن مدينة مفتوحة، وبوابة العالم للمنطقة العربية وإفريقيا، يحكى في الخليج أن القادم من عدن يستقبلونه فرحا وشوقا لمشاهدة ماذا جلب لهم من هذه المدينة، وماذا يحمل في حقائبه، تلك عدن الحرة غير المقيدة بايدولوجيا ونظام شمولي وفكر أوحد يرفض معارضيه ومخالفيه، والتنوع العرقي والعقائدي والفكري، عندما كانت السياسة تخدم الاقتصاد، وتغيرت الموازين في المنطقة عندما أغلقت عدن، وهاجرتها العقول والمهارات والأطباء والأيادي المنتجة، واستقطبتها تلك الدول، وإلى اليوم هم يديرون موانيها ومركز أبحاثها، وهم من أسس نواة النهضة والتنمية والفن والثقافة، التاريخ شاهد لأسماء لامعة لا مجال لذكرها هنا كالمرحوم المايسترو جميل عثمان غانم.
عدن خلقها الله طبيعيا لتكن قبلة الزائرين، ونقطة وصل اقتصادية وتجارية (منطقة حرة)، سراب الأمس وحلم اليوم، وكلما أغلقت عدن عانت، ومخاض اليوم ما هو إلا مقاومة عدن للانغلاق، الذي يعتقد البعض أنها كيانه الخاص ويسعى بكل السبل والوسائل لإغلاقها، عدن مشروع منفتح على المستقبل تتجدد بتجدده، منطلقة لرحاب العصر وتساير الزمان، غير ذلك لن تكون عدن غير معاناة وبؤس وألم وكابوس على الجميع.
الانغلاق هو الموت بذاته للفكرة والمشروع والحامل لهما ما لم يواكب المتغيرات من حوله، اليوم عدن تحررت من هيمنة وتسلط الاستبداد، فهل تتحرر من ذاتها لتنطلق لرحاب المستقبل لتستعيد مجدها كمركز تجاري واقتصادي حر ومدينة عالمية، لتكن منطقة تجارية واقتصادية لها سيادتها وقوانينها الملزمة للجميع زوار ومقيمين وساكنين، لتحتضن الجميع وتفتح أبوابها للشركات المتعددة الجنسيات والبيوت التجارية المحلية والعربية والعالمية لتستثمر في عدن، لتعود وتزدهر عدن، كما عرفت كثاني ميناء عالمي، هل تثبت عدن اليوم أنها مدينة للحياة وتكسر كل التحديات، وتنجح في كسر حاجز الانغلاق الذي بناه البعض ويحافظ البعض الآخر على إبقائه عائقا أمام انطلاق هذه المدينة لتكن مركزا تجاريا عالميا، للتخلص من كل ما علق بها خلال فترة من الاستبداد و أعادها للخلف كثيرا، فتأخرت، وتركت فراغا أملته مناطق أخرى كهونج كونج وسنغافورا ودبي أخيرا، هل ستستعيد عدن مجدها.
الفرصة اليوم سانحة لتأمين عدن وتكون منطقة تجارية حرة، بتحرير مرافقها الحيوية من أيادي العبث والفساد والجشع، من التخلف والجهل والتهور، لنعيد لها مكانتها التجارية الرفيعة، لتستضيف المقرات الرئيسية للمنظمات الدولية كالبنك الدولي والبعثات الدبلوماسية، والمنظمات العالمي، لتعود عدن لحضن التحضر والحضارة، بتواجد مؤسسات ثقافية و وسائل إعلام مؤثرة ودولية، وتنفتح لتكن قبلة كل الزائرين بمواصفاتها وقوانينها، من يدخلها يخلع عصبيته وثاراته وغلوه وأمراضه النفسية والقبلية، ليتمدن في عدن المدنية قبلة الزائرين.
واجب وطني على كل أبنائها والغيورين عليها، استعادة عدن أيقونة الحياة، بتفعيل مينائها والشركات التابعة له مثل أحواض السفن وشركات الملاحة، والبنوك التجارية، والمنطقة الحر، وانتعاش الأسواق والسياحة، ولن يتم ذلك دون استقرار وانفتاح اقتصادي وسياسي، والتحرر من الاحتكارات والهيمنة والتسلط، اليوم الظروف الموضوعية والذاتية أفضل بكثير، ما تحتاجه عدن هي عقول متفتحة، ونفوس طاهرة خالية من الكراهية وأحقاد الماضي و وسواس الحاضر والمستقبل، لتبقى عدن حرة وأبية وذات سيادة، يجب أن تستعيد ثقتها وثقافتها للتعايش وقبول الآخر والاعتراف به وإيجاد صيغة مشتركة للتعامل معه، وتنفتح على العالم والإقليم والمنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى