عدن.. تحت وطأة المعاناة

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
أشار السيد محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي إلى جوانب الاختلالات والفساد الذي تعاني منه عدن، وهي مشكلات عميقة ومزمنة. ولا شك في قدرات الرجل ومؤهلاته وخبرته التي ستمكنه من إنجاز الكثير لو أعطيت له الفرصة.
فعدن تمتلك خصائص ومقومات كبيرة إلاّ أن كافة تلك الخصائص أتت عليها عقود من الفساد ما يجعل مهمة الإصلاح أو البناء من الصفر غاية في التعقيد والصعوبة.. ثم ما هي الأولويات التي يمكن الأخذ بها في خضم ما هو قائم من دمار ماحق طال كل شيء بعد أن تناهشت الأطماع كل شيء في هذه المدينة ذات الخصائص الجغرافية الرائعة، والتي كانت مرتعاً للطامعين على إختلاف مشاربهم.
لقد استبيحت عدن وتحديداً عقارات أرضها بصورة غير مسبوقة في تاريخها سواء عبر البسط والسيطرة أو عبر مداخل الصرف غير المشروع الذي لم تتخذ معه جوانب التحسينات لمستقبل هذه المدينة ونمط توسعها الرأسي والأفقي.
صورة الجرم أو هي المأساة التي ارتكبت بحق عدن ماثلة يمكنكم قراءاتها من تفاصيل العيش والفوضى والدمار الماثل في كل أرجائها.
فهل شاهدتم برك المياه الآسنة في شوارعها العامة جراء تنفيذ خاطئ وغير مسؤول لشبكة طرقاتها تلك التي كلفت ملايين الدولارات، فعقب سقوط الأمطار يمكنكم أن تشاهدوا بأم أعينكم تلك البشاعة اللاّ أخلاقية في أعمال هندسية لم تكن إلا مهزلة.. ثم من هي تلك الجهات الهندسية التي استلمت تلك الأعمال بعد تنفيذها مع أن مشاريع الطرقات في العادة لا تقوم بتنفيذها إلاّ شركات متخصصة باعتبارها من مشاريع البنى التحتية التي يعتمد عليها. والحال لا يقتصر قطعاً على مجال الطرقات فحالة الزحام الذي تعاني منه عدن في شوارعها العامة ومداخل الجولات يشير إلى عمق الأخطاء المتعمدة التي ارتكبت في تخطيط المدينة.
كل تلك الأعمال أجازتها إدارة فاسدة ومهندسون فاسدون لم يكن همهم سوى جني مزيد من الأموال على حساب المصلحة العامة،
وإلا لما أجازوا تخطيط وتوزيع المتنفسات والشواطئ العامة على نحو ما جرى. فعن أي تخطيط نتحدث طال مواقع الخدمات العامة والمتنفسات، بل جرى مراراً تعديل المخططات بهدف الحصول على المزيد من قطع الأرض حتى وصلنا إلى هذه الصورة المشوهة التي تطالعنا في مدينة كانت الأجمل بين حواضر البلدان العربية بصورة عامة.
دون شك أمام السيد المحافظ ملفات كبيرة إذا ما أراد الإصلاح فبؤر الفساد مزمنة وعميقة ومركبة، فالاستثمار والمشاريع الاستثمارية لم تكن إلا وهماً الهدف نه المتاجرة بعقارات المدينة، وقد استنفذت مخططات واسعة لهذا الغرض وبصورة غير مدروسة مطلقاً..
ناهيك عن أن المنطقة الحرة أيضا كانت وهماً كبيراً اجتزأت مساحات واسعة من أراضي عدن ولا تختلف في مضمون مشاريعها الاستثمارية التي معظمها وهمية كانت بهدف الحصول على الأرض لا أكثر، كما هو حال الاستثمارات الأخرى.
فمن أين تبدأ المعالجات يا ترى؟.. هل بإعادة النظر في دوائر التخطيط المختصة التي كانت وراء إجازة مثل هذا الدمار الساحق، أم بإعادة النظر فيما تم صرفه من مشاريع أرض لاستثمارات وهمية وهي في معظمها للمتنفذين وأقاربهم؟.
الثابت أن ملف عقارات عدن غاية في الأهمية، ويحتاج الأمر إلى إعادة بناء كاملة سواء للأجهزة الإدارية المختصة أو لما تم صرفه في شواطئ ومتنفسات المدينة كون ذلك سوف يلحق كامل الضرر بالتخطيط العمراني إذا ما تم تنفيذ تلك المشاريع الخاطئة.
وحبذا لو أن السيد المحافظ عهد إلى مختصين من أبناء المدينة ومن لديهم غيرة على وضعها في دراسة ملف عقارات الأرض تحديداً، حتى يتم الخروج بتصورات يمكنها أن تسهم في تلافي الوضع المؤسف الذي هو في الأصل جزء من صورة العبث الذي ساد زمنا طويلاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى