لمــاذا عـــدن؟

> مازن الشحيري

>
مازن الشحيري
مازن الشحيري
أصبح الكلام عن أزمات المشتقات النفطية المتتالية بعدن أشبه بقصص افلام الخيال العلمي التي تعرض على شاشات السينما فقط وليس لها علاقة بأرض الواقع، فمن الغريب والعجيب ان كل المحافظات والمدن والقرى المحيطة بعدن تقريبا لا تعاني من هذه الأزمات، بل حتى المناطق والمدن والمحافظات التى بيد الانقلابيين لا توجد بها أزمات المشتقات النفطية، فقط عدن هي من تعاني، مع العلم ان المواطنين يشترون المشتقات النفطية بمالهم الخاص الذي يشمل قيمة المشتقات النفطية زائد فائدة التاجر زائد فائدة الدولة ومؤسساتها الممثلة بشركة النفط والمصافي وحتى قيمة نقل المشتقات النفطية من المصافي إلى المحطات التجارية والحكومية أيضا على حساب هذا الموطن المغلوب على أمره، فكل النفقات يتحملها المواطن، لا يوجد شيء مدعوم من الدولة أو تقدمه الدولة للمواطن وعلى الرغم من هذا لا يتم توفير المشتقات النفطية للمواطنين بعدن على وجه الخصوص بصورة منتظمة وهذا هو أقل شىء ممكن تقوم به الدولة وهو تنظيم عملية توفير المشتقات النفطية للمواطنين بعدن بشكل مستمر، والمدفوع الثمن من قبل المواطنين، الذين لا يطلبون من الدولة غير توفير المشتقات النفطية لهم، لكن لا يتم ذلك للاسف بحجج وهية واعذار كما يقول المثل أقبح من ذنب، بل يتم تحميل المواطنين اعباء أي مشكلة تحصل لديهم، وكلنا نذكر تصريح المدير السابق لشركة النفط عندما قام بزيادة 700 ريال فوق سعر الدبة البترول بحجة انه مضطر حتى يدفع فارق السعر للتاجر وان السعر سوف يعود لسابق عهده بل أقل من ذلك خلال شهر، لكن الوضع استمر ورحل المدير السابق وجاء مدير جديد وبقي الحال كما هو لا سعر عاد كما كان ولا أزمات انتهت ولا هناك بوادر لحل هذه الازمة التى أرهقت هذا الشعب فوق ما هو مرهق اصلا وأصبحنا نخرج من ازمة لننتظر ازمة آخرى قادمة لا محالة.
ولو ضربنا مثالا واحدا فقط لتأثير أزمات المشتقات بعدن على المواطنين كما يعلم الكل وخاصة وضع البلاد بشكل عام من ركود وعدم وجود أعمال في الظروف الطبيعية فما بالك بالظروف الحالية التى نمر بها من آثار الحرب التي لم تنته بعد، فإن آلاف الأسر بعدن تعتمد في رزقها على عمل التاكسي أو الباص وليس لهم دخل آخر غير هذا المصدر الذي غالبا ما تكون الأسرة قامت ببيع كل ما تملك من مقتنيات من أجل شراء التاكسي أو الباص أو استدانت قيمته من أجل أن يوفروا لقمة العيش لهم ولأولادهم معتمدين على الدخل اليومي للتاكسي، هل تعلم الحكومة كم من الأسر والأطفال والعجزة ناموا من دون طعام بسبب هذه الأزمات التى لا تنتهي، هل تعلم الحكومة كم من طفل ذهب إلى المدرسة دون وجبة طعام أو ربما لم يذهب، هل تعلم الحكومة كم من مريض اجل الذهاب إلى المستشفى وفضل أن يعطي قيمة علاجه لابنه أو أخيه ليشتري بترولا لسيارته من السوق السوداء بأسعار خيالية حتى يستطيع أن يعمل ويوفر لقمة العيش لهم، هل تعلم الحكومة كم ديونا تراكمت على آلاف الأسر التي تعيش على الأجر اليومي من عمل سيارات الأجرة نتيجة الديون في حالة توقف مصدر رزقهم، هل تعلم الحكومة كم من مشاكل دمرت وفككت أسرا نتيجة للضغوط والأعباء المالية التي تعاني منها هذه الشريحة نتيجة استمرار تلك المشاكل والمعاناة التى تتسبب لهم نتيجة هذه الأزمات العبثية إلى حد التعمد كما ينظر لها الشارع الجنوبي.
هذا مثال واحد فقط لشريحة من المجتمع والأمثلة كثيرة ويصعب حصرها في مقال واحد والكل يعلمها فكل المجتمع بعدن يعاني بشكل أو آخر، المريض الذي يحتاج إلى وقود لمولد الكهرباء، الموظف الذي يريد أن يذهب إلى العمل، المواطن الذي يريد أن يسعف زوجته الحامل إلى المستشفى أو ابنه أو اباه أو أمه أو أحد أقاربه أو حتى جاره في منتصف الليل، التاجر الذي يريد نقل بضاعته.. مئات السيارات التي تعطلت نتيجة اضطرارهم لشراء وقود من السوق السوداء وغالبا يكون مغشوشا.
تعطل اصحاب مئات المهن التى تعتمد على المولدات فى حالة انقطاع الكهرباء، ارتفاع كل الأسعار بحجة عدم توفر المشتقات النفطية..إلخ من المشاكل التى لا تحصى ولا تعد، فهذه الأزمات تسبب شللا عاما بالحياة في عدن برغم أن المواطن هو الوحيد الذى يدفع ثمن هذه المشتقات عند توفرها وايضا هو وحده من يدفع الثمن فى حالة عدم توفرها.
وفى ظل كل هذه الفوضى في قضية المشتقات النفطية بعدن والغموض الشديد الذي يحيط بها وتحولها الى أداة ابتزاز كما يعتقد كثير من المواطنين بعدن، نطرح بعض التساؤلات للجهات الحكومية، ولماذا لا تقوم الحكومة بتطبيقها لحل الأزمة.
اولا: لماذا لا تقوم الدولة باستيراد النفط الخام في حالة تعذر استخراج النفط الخام في بلادنا وتكريره بمصافي عدن بدل عملية استيراد المشتقات النفطية الجاهزة وتستفيد الدولة من فارق السعر بدل أن تذهب الفائدة للتجار.
ثانيا: لماذا لا تقوم الدولة بتحديد سعر موحد للتجار الراغبين باستيراد المشتقات النفطية وتفتح المجال للكل بعد فشل طريقة المناقصات التي لم تؤد إلى خفض الأسعار وعند وجود مشكلة مع التاجر يتم إيقاف ضخ النفط لكونه تاجرا واحدا فقط.
ثالثا: في حالة فشل كل المحاولات وفى ظل وجود ازمة بعدن لماذا لا تسمحوا بدخول المشتقات النفطية إلى عدن من حضرموت كسائر مناطق اليمن جنوبا كانت أو شمالا على الأقل حتى تنتهى الازمة ونجد حلا لها.
رابعا: لماذا لا يوجد إلى الآن مسئول أو جهة معينة يتم تحميلها مسئولية هذه الأزمات المتلاحقة في عدن بشكل رسمي وليس بصفحات التواصل الاجتماعي.
سادسا: أين أموال شركة النفط التى يدفعها المواطنون، لماذا لايتم دفع مستحقات الموردين بشكل شفاف، وأين تذهب الأموال المتبقية من فوائد الشركة؟.
واخيرا، وهو أهم تساؤل: لماذا عدن؟.
مازن الشحيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى