الرصاص الراجع .. جريمة أظهرت عجز الجميع

> استطلاع / رعد الريمي

> يسعى العديد من الشباب إلى خلق قضية رأي عام إزاء ظاهرة حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء في محاولة جادة لمحاربة هذه الظاهرة، وجعل المجتمع ينبذ هذه العادة السيئة الدخيلة على مدينة عدن من خلال حملات توعية ووقفات احتجاجية وتكوين ضغط مجتمعي على السلطة الأمنية المختصة لفرض عقوبات رادعة والضرب بيد من حديد لإيقاف هذه المهزلة التي تحصد أرواح الأبرياء.
ونظمت صباح يوم أمس الأربعاء وقفة احتجاجية متواضعة لكن لا ترتقي إلى حجم الظاهرة التي باتت تخطف الأرواح، الواحد تلو الآخر، حيث تم تنظيم الوقفة في الساحة المقابلة لقصر معاشيق بكريتر محافظة عدن، وسط دعوات لتأجيل الوقفة والإعداد لها بشكل يتناسب مع حجم الظاهرة، وهذا ما أكده لـ«الأيام» ناشطون بعدن مهتمون بذات الشأن.
*حلول جذرية
الوقفة التي نظمت وسط وعود بتنظيم وقفات أخرى هدف الجميع منها إلى وضع حلول جذرية لظاهرة حمل السلاح وإطلاق الرصاص بكافة أشكاله والتي أودت مؤخرا بعدد من المواطنين وباتت تشكل ظاهرة مقلقة ومخيفة تهدد حياة الكثير من أبناء عدن.

الوقفة - وبحسب متابعين - أرادت التعبير عن حجم القلق الذي باتت تشكله هذه الظاهرة، حيث طالب الحاضرون بضرورة الوقوف أمام هذه الظاهرة، داعين الجميع للمشاركة بوضع حد لهذه الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير خلال فترة ما بعد الحرب دون رقيب ولا حسيب، ولازالت تحصد أرواح الكثير من أبناء عدن.
وأكدوا أن وقفتهم الاحتجاجية جاءت بعد تزايد حوادث القتل الناتجة عن انتشار الأسلحة في أوساط المواطنين، حيث يحل المواطنون مشاكلهم باستخدام ما يمتلكونه من أسلحة، دون أن يكون للأجهزة الأمنية أي دور رادع.
المتابعون عبروا عن هذا القلق بقولهم: إن الحد من هذه الظاهرة يقع على عاتق الجميع ابتداء من الدولة مروراً بالأجهزة المعنية وانتهاء بمنظمات المجتمع المدني. وأضافوا: “من واجبنا إحداث ضغط مجتمعي على السلطات من أجل التحرك في قضية إطلاق الرصاص العشوائي وكذلك فرض عقوبات تصل إلى حد تقييد الحرية والغرامة المالية”، داعين المواطنين إلى القضاء على هذه الظاهرة من خلال إبلاغ الجهات الأمنية عن مطلق النار في الهواء ليتم ردعه ومعاقبته أو على الأقل مساءلته.
*إحصائية بضحايا الرصاص الراجع
إلى ذلك لم نتمكن من الحصول على رقم دقيق لعدد ضحايا الرصاص الراجع من قبل مكتب الصحة.. وبحسب نائب مدير مكتب الصحة بعدن أفاد شكري عباد القائم بأعمال مدير الصحة في عدن إن المكتب لا يمتلك إحصائية للحالات نتيجة لأن المستشفيات التي تسعف إليها الحالات لا تخضع لمكتب الصحة بعدن (مستشفى الجمهورية التعليمي، الصليب الأحمر الدولي، وأطباء بلا حدود).
وأضاف بأن آخر إحصائية تمتلكها الجهات الرسمية هي إحصائية سابقة تعود لعام 2016م، حيث سجل مكتب الصحة بالعاصمة الموقتة عدن أكثر من 62 حالة إصابة بالرصاص الراجع، خلال ثمانية أشهر بالعام 2016م، بينهم 14 طفلا وخمس نساء، مطالبا السلطة المحلية والأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذه الظاهرة.

وقال نائب مدير مكتب الصحة إن المستشفيات والمراكز الصحية سجلت تزايدا في عدد ضحايا إطلاق الرصاص العشوائي، والتي نتج عنها 20 حالة وفاة بينهم أطفال ونساء، وأن هذا الرقم لا يشكل 20-10 % من إجمالي الرقم الحقيقي للإصابات، وهو ما يستدعي إطلاق حملة للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة التي تهدد حياة المواطنين.
*تفشٍ على نحو مقلق
إن حوادث الإصابة بالرصاص الراجع في مدينة عدن تتنامى وبشكل مخيف في الفترة الأخيرة، نتيجة لإطلاق الرصاص في الهواء عشوائياً، وتعد هذه الظاهرة، التي تُشاهد في شوارع المدينة بكثرة، مصدر قلق للسكان الآمنين، بل تشكل تهديداً مباشراً على حياتهم وأمنهم، خصوصاً عند نشوب اشتباكات مسلحة بين خارجين عن القانون، وإطلاق الأعيرة النارية بالأفراح حيث يتم إطلاق النار بشكل عشوائي وكثيف في الهواء في حفلات الأعراس التي غالباً ما تكون وسط الأحياء والمناطق السكنية.
ويعكس حمل السلاح حالة من الطيش واللا استقرار التي تعيشها المدينة، فمن السهل حدوث عملية القتل عندما يكون السلاح في متناول الشخص أيا كان حامله، بغض النظر عن كون حامل السلاح مدركا واعيا لمسببات حمل السلاح والأوقات التي يسمح بها القانون باستخدام السلاح.. حيث أصبح السلاح حاضراً في كل المشادات.
إلى ذلك يعتقد مطلقو الرصاص في الهواء أن قيامهم بهذه الأعمال يُدخل البهجة والسرور إلى نفوسهم ونفوس أهل العرس، حيث اعتادوا على القيام بهذه الأعمال التي اعتبروها تراثاً شعبياً، في ظل اعتبار عدد من المواطنين ظاهرة إطلاق الرصاص في الأفراح إحدى الظواهر الدخيلة والخطيرة التي يعاني المجتمع العدني من انتشارها وبصورةٍ مخيفة خاصة في الأفراح والمناسبات التي تشهدها عدد من المديريات.

وبات من الواضح أن ظاهرة إطلاق الرصاص انتشرت بكثرة في الآونة الاخيرة متسببة بإصابة حالات كثيرة نتيجة الرصاص الراجع مخلفة في ذلك قتيلا أو جريحا في مدينة عدن. وعانت المدينة خلال الفترة السابقة من هذه العادة السيئة التي اجتاحت عدن عقب حرب 2015 حاصدة ارواح كثير من الابرياء.
الجدير بالذكر أن هناك إجراءات متخذة من قبل السلطة المحلية وهي القبض على من يطلق الرصاص في الهواء ودفع غرامة مالية لمحاولة الحد من هذه الظاهرة، وإلزام أصحاب قاعات الأعراس بأن لا يسمحوا بإطلاق الرصاص بجانب القاعة، إلا أن هذه القرارات لم تنفذ بالشكل المطلوب وتم تجاهلها وعدم متابعة السلطة المحلية لها.
*الرصاص الراجع ينهمر على رؤوس المواطنين
يقول الناشط المدني منصور العلهي “لاتزال الرصاصات الراجعة تنهمر على رؤوس الأبرياء في مختلف المدن والقرى ومنها مدينة عدن”.
وأضاف: “إن هذه المدينة المدنية والمسالمة تحولت إلى معسكر كبير لحاملي الأسلحة بمختلف أنواعها ومسمياتها، ومهمة هؤلاء الذين يستعرضون بحمل الاسلحة ويجوبون شوارع العاصمة عدن تقتصر على مرافقة مواكب الزواج لإطلاق الرصاص في الهواء ليعود راجعاً ويسبب الرعب والهلع للمواطنين الآمنين في منازلهم”.
*زواج بلا رصاص بلا ضحايا
الشاب خضر الميسري أحد المصابين بالرصاص الراجع يقول: “كنت أمشي بالشارع وذاهب إلى البقالة المتواجدة بالحي وفجأة شعرت بشيء غريب اخترق جسمي ولم ألاحظ ما حدث ولكن أحد الشباب قال لي هناك دم على قميصك، وشعرت حينها بدوار وتم إسعافي للمستشفى لأتفاجأ بأن هناك رصاصة راجعة دخلت من كتفي واستقرت بمنطقة قريبة من القلب”.

ويضيف: “حينها ترقدت في مستشفى الجمهورية حوالي أسبوعين، ومن ثم جلست في البيت ما يقارب ثلاثة أشهر، وعندما لم يستطع الدكاترة إخراج الرصاصة تم تسفيري إلى جمهورية مصر لتلقي العلاج هناك”.
ويتابع: “طبعا وهذا كله على حسابي الشخصي، أتمنى أن يعرف كل من يطلق الرصاص في الهواء ما هي المعاناة التي يتسبب بها إطلاق الرصاص، كم عانيت وخسرت جراء إطلاق رصاصة استقرت فيّ، وكلفتني الكثير”.
ويقول وضاح عسكر (مواطن): “إن انتشار ظاهرة إطلاق النار في الهواء بطريقة عشوائية والتي تعددت مسبباتها غالبا ما تتم عند الترحيب بعودة المغتربين والافراح والأعراس، حيث لا يقتصر الأمر على المدن بل والريف كذلك لنسمع سقوط الرصاص الراجع على رؤوس بعض الآمنين وعلى بيوتهم وسياراتهم”.
ويتابع: “إن إطلاق الأعيرة النارية في الهواء هي من العادات والتقاليد القديمة في الأرياف فقط كترحيب بالضيوف ومعرفة الناس بالمناسبة، وكان في السابق يتم تحديد مكان للضرب إلى جبل واختبار الرماية ولكل واحد ثلاث طلقات.. أما المدن فقد كانت حضارية ويمنع منعاً باتاً حمل السلاح، والآن مع الأسف الشديد بات الريف يشتكي والمدن تبكي والخطر انتشر في ظل غياب الجهات الحكومية، وانتشرت ظاهرة إطلاق النار بالسماء وتسببت في إصابات خطيرة وبعضها وفيات بدون اتخاذ أي إجراءات أو عقوبات تحد من هذه الظاهرة التي قد تقلب الأفراح إلى أحزان”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى