قسم الطوارئ والحوادث بمستشفى الجمهورية بالعاصمة عدن.. مرضى يفترشون الأرض وآخرون يُتركون خارج القسم

> استطلاع/ رعد الريمي

> على الرغم من الدور المهم الذي يلعبه قسم الطوارئ بمستشفى الجمهورية في العاصمة عدن في تقديم الخدمات الطبية الأولية للحالات المختلفة التي ترد (وهي كثيرة) كجرحى الحرب وجرحى التفجيرات الإرهابية والاغتيالات وحوادث السير والحروق وكذا مرضى النوبات القلبية والسكتات الدماغية والكسور والجروح الخطيرة وغيرها من الأمراض التي تشهدها العاصمة عدن والمحافظات المجاورة بشكل يومي، إلا أن ذلك لم يشفع له أن يحظى باهتمام الجهات المسؤولة، حيث طال الإهمال كل أركان هذا القسم، بدءًا بمعاناة المرضى الذين لا يجدون أسِرَّة فيه، الأمر الذي يضطرهم لافتراش الأرض أو الانتظار خارج القسم، وكذا الافتقار إلى الأجهزة المختبرية والمستلزمات الطبية الأخرى، ونقص حاد في الكادر الطبي والتمريضي، والنتيجة مزيد من المعاناة للمرضى.
«الأيام» وضمن تناولها أوضاع أقسام مستشفى الجمهورية بشكل منفصل بتسلسل صحفي مستمر، استطلعت في عددها اليوم الوضع في قسم الطوارئ مع مدير القسم وأطباء وممرضين فيه.
* أعباء مضاعفة وإمكانات ضعيفة
كثيرة هي المشكلات التي تعترض عمل هذا القسم وتعيق من تأدية مهامه بالشكل المطلوب والمؤمل منه، وهو ما نتج عنه ومازال ينتج المزيد من المعاناة للمرضى فيه.
تقول إحدى الممرضات العاملات في القسم لـ«الأيام» (امتنعت عن ذكر اسمها) : “إننا في مستشفى الجمهورية نستقبل المرضى من عدد من محافظات: (عدن، لحج، أبين، الضالع، شبوة)، ومن المفترض أمام هذا الكم غير المتوقع أن تتوفر لدينا الإمكانات الضرورية، غير أنه ما يصدمك هنا في قسم الحوادث أنه لا تتوفر فيه سوى (18) سريرًا، لك أن تُقدر حجم المعاناة، وكيف لنا أن نقوم بدورنا، ونقدم لمرضانا الخدمة في ظل هذا الافتقار الحاد في الإمكانات؟!”..
وتضيف: “إن المرضى الذين يدخلون قسم الطوارئ بعضهم لا يجد سريرًا فمنهم من يفترش الأرض والآخر يضطر للانتظار في الخارج .. وما زاد الطين بلة أن مدينة عدن بحكم ما تعانيه من حميات والكوليرا شكل لنا ضغطا مضاعفا وخاصة أن بعض الحالات التي ترد بسبب الأوبئة لابد أن تخضع لمراقبة، فضلاً عن ازدحامنا في أغلب الأيام وهو ما يشكل لنا إرهاقاً مضاعفاً، كما أن مشكلة من نوع آخر تتمثل في قلة الطاقم التمريضي، فالمستشفى مركزي ووحيد، ومركز الحوادث فيه ليس مركزًا لمدينة عدن فقط، بل لكل المحافظات المجاورة بما في ذلك جبهات الحرب، وأغلب الممرضين فيه متطوعون ولم يتم التعاقد معهم، وهذه مشكلة تضاف إلى المشاكل السالفة الذكر”.

فيما أوضح الدكتور المناوب أحمد صالح لــ«الأيام» أن “القسم بات لا يستقبل الحالات الطارئة فقط بل يستقبل في بعض الأحيان الحالات الباردة والمتمثلة في (قياس الضغط أو السكر) وهو ما يشكل عبئاً مضاعفا على موظفي هذا القسم الذي يعاني من وصول الحالات الحرجة الناتجة عن الحوادث أو جرحى الحرب من الجبهات وغيرها من الحالات والمرضى على شاكلتهم”.
* مشكلة المرافقين
ويضيف د.أحمد: “أيضا نشكو من مشكلة مرافقي المرضى، الذين يصلون في بعض الأحيان إلى عشرة أفراد للمريض الواحد، وفي حال منعهم نلقى منهم تصرفات غير أخلاقية وتهديدات وإحداث فوضى وهو ما يخلق حالة من الإزعاج لدى المرضى في القسم.. وهناك أيضًا مشكلات خاصة متعلقة بنا حيث نعاني من تأخر في العلاوات وضعف الرواتب وغياب التسوية وبدل خطورة نتيجة للضغط الذي نتعرض له بفعل تزايد عدد المرضى”.
* وجه المستشفى
واعتبر مدير قسم الطوارئ الدكتور سالم الشبحي “بأن هذا القسم يُعد وجه مستشفى الجمهورية ووجه الجنوب كاملاً باعتباره المستشفى الحكومي الوحيد في الجنوب الذي يستقبل الحالات في الوقت الحاضر بعد أن أُغلقت المستشفيات الحكومية الأخرى كـ (باصهيب، عدن، النصر)”.. مضيفًا: “الأمر لا يقتصر هنا على موضوع استقبال الحالات الطارئة بل والحالات الصعبة من المستشفيات الخاصة، حيث يستقبل في اليوم نحو (200) حالة وقد تزيد في بعض الأحيان، وهو ما ضاعف الضغط على كادر القسم نظرًا لتوقف المستشفيات الأخرى، بالإضافة إلى استقبال الحالات العسكرية”.

وأردف لــ«الأيام» : “يتوفر لدى القسم طاقم جراحة باطني وممرضون وقسم العمليات والتخدير وبتواجد يومي، كما يضم القسم موظفين ومتعاقدين ومتطوعين ومتقاعدين لم يتم إحالتهم للتقاعد نتيجة عدم عمل الخدمة المدنية حتى يتسنى لنا إدخال بدل عنهم أو توظيف موظفين أكثر، والتوظيف موقف ويتم التعاقد مع من يحتاج المستشفى لهم، وقد تعاقد المستشفى مع أطباء أجانب كطبيب الأنف والأذن والحنجرة، وطبيب عظام وهم تحت الاستدعاء ونحن في طور عملنا إذا احتجنا لخدماتهم سيتم استدعاؤهم”.
وقدم الدكتور الشبحي شرحًا مفصلاً عن طبيعة العمل الذي يقوم به قسم الطوارئ بالقول: “يتم في هذا القسم استقبال الحالات الطارئة ومن ثم يتم تدخل أطباء الجراحة والباطني وتحديد من المحتاج للعملية وما إلى ذلك، ويعتبر المكان هو الفاصل بين العمليات ومعاينة المريض أو تحويله إلى قسم الرقود في المستشفى”.
ويضيف: “من يحتاج عملية يتم تجهيزه للعمليات وهو مكون من ثلاث غرف عمليات (جراحة، عام، مقيحة)، فيما يحتوي قسم الطوارئ على 8 أسرّة للرجال ومثلها للنساء وسريران في العناية المركزة، والمختبر والأشعة”.

* الأخطاء واردة
وأوضح الشبحي أن الأخطاء الطبية واردة في القسم نتيجة لحجم العمل والضغط المتزايد على الأطباء.. معدداً في سياق حديثه لـ«الأيام» المشكلات التي تواجههم في القسم وأبرزها “عدم رفد القسم بموظفين جدد نتيجة لعدم عمل الخدمة المدنية، الأمر الذي اضطر فيه إلى التعاقد مع أطباء، ومنها التعاقد مع 20 طبيبًا لاستقبال الحالات الطارئة وفرزها وفقًا للقسم المناسب للمريض: جراحة، باطني، تمديد وغيرها.
ومن المشكلات أيضًا نقص في الأجهزة المختبرية والمحاليل وكذا قسم الأشعة والذي لم يواكب التطور، مع غياب الأشعة المقطعية حيث يضطر المريض لإجرائها خارج المستشفى والأمر ذاته فيما يتعلق بأجهزة الرنين، أيضًا نعاني من غياب صفائح العظام، فالمتوفر لدينا منها قليل، ولهذا يضطر بعض المرضى إلى شرائها من خارج المستشفى، ولهذا فنحن بحاجة إلى دعم خاص بقسم العمليات وكذا جهاز مناظير فالمتوفر لدينا حاليًا رديء، كما نطالب الحكومة بالاهتمام بالمستشفى نظرًا لأهميته، وكذا بضرورة الاهتمام بفتح المستشفيات الأخرى”.. موضحًا لــ«الأيام» أن “القسم منفصل إداريًا غير أنه مازال مرتبطا ماليا بالهيئة وأن أغلب الموظفين والمتعاقدين والمتطوعين بحاجة إلى التفاتة كريمة”، مشيرًا في ختام حديثه إلى أن عدد الحالات التي استقبلها قسم الطوارئ عام 2016م بلغت (29103) حالة”.

* مناشدة
وناشد رئيس مجلس إدارة هيئة مستشفى الجمهورية العام النموذجي الدكتور أحمد سالم الجرباء عبر «الأيام» مدير عام الخدمة المدنية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويل المحالين للتقاعد إلى المعاش ومعالجة أوضاعهم.
فيما أوضح مدير شؤون الموظفين خالد عبدالرحمن “أن عملية تحويل ملفات المتقاعدين للمعاش جاهزة منذ فترة، ويبلغ عددهم 244 حالة منها 177 حالة بلغوا أحد الأجلين، ومنهم حالات إجازة بدون راتب، والمنقطعون والمقدمون معاش اختياري والمعاش الصحي ليشكلوا 26 % من القوى الفعلية في المستشفى.
وأعاد عبدالرحمن “سبب عدم قبول الخدمة المدنية للحالات المحالة للمعاش ناتج عن التعميم الذي أصدره نائب وزير الخدمة المدنية والقاضي بتأجيل الحالات المحالة لأحد الأجلين بسبب الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد، الأمر الذي أدى إلى تأخير توظيف المتعاقدين الذين نزلت بحقهم فتاوى التوظيف منذ عام 2013م”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى