كيف وصف المواطنون والصرافون والتجار قرار تعويم العملة؟ مواطنون: الدولة تسرعت بإصدار القرار والضحية المواطن

> تحقيق/ فردوس العلمي

> وعقب الوحدة تغيرت عملة الدينار ورغم أنها كانت هي العملة الأقوى، حيث كانت المائة الشلن بمائة وثلاثين ريالا، لكن عقب حرب 1994 تغيرت العملة لتصبح عملة الجمهورية اليمنية (الريال)، ورغم الحروب التي خاضتها اليمن لم تتأثر فيها العملة إلا بقدر بسيط، حيث كان البنك يتدخل في الوقت المناسب ويعمل على إيجاد توازن في سوق العملات للحفاظ على عملة البلد المحلية، والحفاظ عليها من الهبوط والسقوط المدوي، حيت توقف صرف الدولار عند 215 ريالا مقابل الدولار الواحد، وهي العملة العالمية الرئيسية، وبعد الربيع العربي 2011م أصبحت العملة تتهاوى مقابل ارتفاع سعر الصرف وانهيار الريال، ووصل إلى 250 ريالا مقابل الدولار الواحد، وعقب 2015م وصل سعر الدولار الواحد إلى 378 ريالا، لهذا عملت الدولة ممثلة بالبنك المركزي على اتخاذ قرار لتعويم العملة.
في هذا العدد التقت «الأيام» بعدد من المواطنين المهتمين لمعرفة مدى تأثير هذا القرار على الاقتصاد الوطني، خاصة والمواطن بصفة عامة، كما تستعرض عددا من آراء الصرافين والمهتمين والمواطنين والرافضين لقرار التعويم، لما له من أضرار اقتصادية واجتماعية.
كانت وجهتنا الأولى للمتضرر الرئيسي الأول، وهو شريحة المواطنين، لمعرفة آرائهم حول تعويم العملة، وما مدى تأثير هذا القرار على أوضاعهم المعيشية.
*قرار غير صائب
يقول المواطن عبدالملك أحمد (جامعي): “أرى أن الدولة ممثلة بالبنك المركزي تسرعت في إصدار القرار، فهذا يعني تدمير العملة، ويستفيد منه تجار الحروب وغسيل الأموال، حيث نرى انتشارا كبيرا لمحلات الصرافة الخاصة، فالمواطن العادي لا يعي ماذا يعني تخلي الدولة عن حماية العملة، وهو فرحان بزيادة الصرف فحين كان في الماضي يستلم حوالة بمائة دولار يصرفها بـ 22 ألفا أو 25 ألفا، لكن الآن يصرفها 37.250 بزيادة 15.250 ريالا، يعتبر هذا مكسبا، ولا يعي بالمقابل أن ذلك يعكس نفسه بارتفاع الأسعار بشكل مضاعف، فالجونية الرز (شاهين) 20 كيلو كانت 7500 والآن بعشرة آلاف ريال، الكيس السكر 50 كيلو كان 9000 وصل الآن إلى 13500 ريال”.

ويضيف: “المفروض أن تقوم منظمات المجتمع المدني بعمل توعوي يعرِّف الناس بمعنى التعويم، وأثره على احتياجاتهم اليومية، فالضائع الوحيد هو المواطن البسيط المنتظر لراتبه أمام بوابات مراكز البريد”.
المواطنة روى زكي (ثانوية عامة) تقول: “نحن لا نعي ماذا يعني التعويم، لكن نلاحظ أن الأسعار ارتفعت بشكل مجنون حيث لا نستطيع الشراء، فالأسعار تتغير من محل إلى آخر، فمثلا براد الماء كان بـ28 ألف ريال والآن أصبح بـ37 ألف ريال، لماذا هذا الارتفاع؟ لا نعلم سببه، تخيلي أني عروسة ولي عامان معقودة لم نقدر أن نؤثث أنا وزوجي بيتنا بسبب ارتفاع الأسعار، كلما دخلنا أنا وزوجي (هكبة) نجد الأسعار قد تضاعفت”.
*قرار ظالم ومجحف
المواطن مجيد محمد عامر في العقد الخامس من العمر يقول: “معي سبعة أطفال أكبرهم 16 سنة وأصغرهم 5 أعوام، معاشي 28 ألف ريال، وراتب زوجتي 35 ألف ريال وكل أطفالنا بالمدارس، فأنا وحدي من أوفر لهم احتياجاتهم الضرورية نتيجة لارتفاع الأسعار”.
يشاطره الرأي المواطن جعفر حسين قائلا: “نحن اصبحنا غارقين في الديون لا معاشات تصل بوقتها، ولا الأسعار تتوقف عن الارتفاع، اصبحنا بين مطرقة الحاجة وسندان غياب الراتب، ونتمنى أن تتراجع الدولة عن هذا القرار الظالم الذي يضر بشكل مباشرالمواطنين البسطاء ممن لا يمتلكون معاشا يكفي لقوت يومهم”.
*موقف محلات الصرافة
وجهتنا الثانية كانت محلات الصرافة، حيث شهدت توسعا هائلا في هذا المجال، وللأسف فإن كثيرا من ملاك محلات الصرافة رفضوا الحديث بصورة مباشرة حول هذا الموضوع، مبررين رفضهم بأنهم ليس لهم آراء في هذه المسائل.
مواطنون استفادوا من فارق الصرف عند التحويل لكنهم اصطدموا بالأسعار بعد ذلك
مواطنون استفادوا من فارق الصرف عند التحويل لكنهم اصطدموا بالأسعار بعد ذلك

يقول مالك محل صرافة السلمي، أحمد عبدالله صالح السلمي: “قرار الدولة بتعويم العملة قرار خاطئ، ولابد أن تتراجع الدولة ممثلة بالبنك المركزي عن هذا القرار الكارثي، فقرار التعويم حتماً سيؤدي إلى تواصل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، ويضاعف من حدة الأعباء الإضافية على الأسر الفقيرة والعائلات التي تعاني حالة فقر مدقع، كما أن القرار له تأثير سلبي على اقتصاد الدولة”، متمنياً بأن “تعيد الدولة النظر في هذا القرار وإعادة دراسته بعين ثاقبة لتجنب ما سيترتب عليه من تفاقم مشاكل اجتماعية واقتصادية مختلفة”.
وأضاف: “إذا كانت إدارة البنك غير قادرة على إدارة الشؤون المالية، بعيداً عن ربطها بقرار التعويم، فعلى الدولة أن تستبدلها بكوادر ذات خبرة وجدارة بالعمل الاقتصادي”، حد قوله.
ويتحدث صاحب محل صرافة الرعوي، عبدالرب اليافعي: “إن قرار تعويم العملة المحلية قرار خاطئ بالنسبة للمواطن الفقير، فهذا القرار يمكن وصفه (كمثل أب يرمي ولده بالشارع)”.
القدرة الشرائية للمواطن تراجعت مع الارتفاع الكبير للاسعار
القدرة الشرائية للمواطن تراجعت مع الارتفاع الكبير للاسعار

ويضيف: “الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن الحفاظ على العملة، وعليها أن تضع تدابير علمية للحد من انهيارها”، مشيراً إلى “أن قرار التعويم سيترك الحبل على الغارب ليعمل كل واحد ما يشاء، وسيكون المواطن وحده هو ضحية التجار الذين يعمدون على احتكار المواد الغذائية والاستهلاكية ورفع سعرها بطريقة مزاجية، فليس هناك رقابة على تصرفاتهم”.
وتمنى اليافعي أن “تراجع الدولة سياساتها الاقتصادية ممثلة بالبنك المركزي، والتراجع عن قرار تعويم العملة، وفرض سيطرتها على السوق المحلية، وعلى تجار العملة، وضبط سعرها عند بيعها أو شرائها”.
العملة تتهاوى وتفقد قيمتها وينعكس ذلك بقوة على المواطنين
العملة تتهاوى وتفقد قيمتها وينعكس ذلك بقوة على المواطنين

*تأثيرات سلبية على الجميع
يقول يعقوب محمد من قسم المشتريات في مركز ضمران التجاري إن: “ارتفاع سعر العملة له أضرار كبيرة فكل شيء يرتفع سعره مقابل ارتفاع سعر الصرف، فتجار الجملة ينتهزون كل فرصة مواتية لرفع الأسعار بعد احتكارها، وهذا يلقي بأضراره على المواطن صاحب الراتب البسيط”.
وبشأن سؤالنا هل لايزال هناك إقبال على شراء السلع التجارية بعد ارتفاع أسعارها، قال: “أصبح الإقبال بسيطا، فصاحب الدخل المحدود لا يمكن أن يشتري علبة حليب (دانو) يتجاوز سعرها 7500، فهو يترك البضاعة الغالية ذات الجودة، ويبحث عن سلعة رخيصة تناسب محدودية دخله”.
ويضيف قائلاً: “تجار الجملة يرفعون السعر إلى 10 %، ونحن بدورنا نضطر إلى رفع السعر، فمثال السلعة التي تكون قيمتها 200 ريال يصبح سعرها 220 ريالا.
ويواصل: “نحن أصبحنا مسيرين ومضطرين على مجاراة الوضع كما هو عليه، فالأمور تسوء أكثر وأكثر، ونتمنى أن تغير الحكومة قرارها، وتراعي وضع المواطن البسيط الذي أصبح معاشه لا يكفي لقوت يومه”.
عمر سالم حسين (مالك بقالة) كان يتجول في سوق ظمران، قال: “نحن أصحاب البقالات البسيطة أيضا تضررنا من هذا القرار، فالتجار الكبار لا يرحمون أحدا، والحكومة نأت بنفسها عن ضبط أسعار العملات الأجنبية، والآن بعد إقرار قرار التعويم فإن جميع الفقراء سوف يبتلعهم جشع التجار الكبار بلا رقيب أو حسيب، فالدولة منحتهم مطلق الحرية بالتحكم في وضع السوق، وتحرير اقتصاده”.
ويختتم مناشدا رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ومحافظ عدن عبدالعزيز الملفحي، وقيادة الامن والمجلس الانتقالي، العمل على إيجاد سياسات وإجراءات اقتصادية أكثر فعالية وإيجابية لرفع المعاناة عن كاهل الشعب والمواطن المطحون بمختلف المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى