الصيادون في عـدن.. تحديات في البحر والبـر.. صيادون: زيادة منسوب المياة على سطح اليابسة ظاهرة تكررت في الأعوام الأخيرة في سواحل المدينة

> تقرير/ جهاد محسن

> يواجه الصيادون في عدة مناطق ساحلية في عـدن العديد من الصعوبات والتحديات التي باتت تشكل تهديدا مباشرا يتعلق بأهم مصادر أرزاقهم، ومتطلبات حياتهم المعيشية.
ومعاناة هؤلاء الصيادين مازالت مستمرة منذ عقدين من الزمن، والتي نتجت بفعل السياسات السلبية التي مارسها النظام السابق، وجعلتها تتفاقم دون أن تصغي لها بروح المسؤولية التي ظلت تنادي بها شريحة الصيادين مراعاة لأبسط حقوق ومتطلبات العيش الكريم، والتي تتمثل أبرزها: استمرار أعمال البسط على مواقع اصطيادهم، وظروف التلوث البيئي، والاصطياد العشوائي الذي أحدثته السفن العملاقة.
تشير احصائيات رسمية في عـدن إلى أن عدد الجمعيات والتعاونيات السمكية المسجلة لديها 19 جمعية، مقيداً فيها نحو 3865 صياداً، منهم 2493 من ملاك المراكب الخشبية التقليدية التي تصطاد في حدود مسافة لا تزيد عن 200 كيلو من المياه اليمنية، وتحديداً ما بين سواحل عـدن المرتبطة بسواحل مدينة شقرى بمحافظة أبين.
*البسط على السواحل
تعرضت خلال الفترة السابقة من حكم نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح مناطق الاصطياد، ومواقع تجمع قوارب الصيادين في عـدن للبسط والاعتداء من قبل متنفذين قاموا بالاستيلاء على مساحات شاسعة من سواحل المدينة وبتواطؤ ودعم من وحدات أمنية موالية للنظام السابق.
يقول صيادو عـدن: «إن ما تعرضت له سواحل المدينة أثناء فترة حكم الرئيس السابق يعد كارثة كبيرة، أرادت أن تمنح المتنفذين والمسؤولين السابقين صلاحية الهيمنة والاستئثار تحت ذريعة الاستثمار بكل ما هو جميل ومميز في عـدن، ومارسوا تجاوزات لم تراعي خلالها الخصوصية الجذابة التي تتمتع بها سواحل المدينة، وشرعوا بتنفيذ مشاريع في نطاق المناطق الساحلية، دون إدخال اعتبارات حماية البيئة، واحترام القوانين المحلية والدولية التي تحضر إنشاء المشاريع على حدود الشواطئ إلا على بُعد مسافة 300 متر».
ساحل صيرة
ساحل صيرة

ومن أبرز تلك القوانين المتعلقة بهذا الصدد ما ورد في القانون رقم 21 لسنة 1995م، الذي شدد بأنه «لا يجوز التأجير أو الترخيص لأي مشروعات سياحية أو استثمارية على الجزر أو الشواطئ، إلا بعد التأكد من أنها لا تؤثر على النواحي البيئية الجمالية للشواطئ المفتوحة، والتي لا توجد فيها أي تجمعات سكانية، والواقعة خارج حدود النمو العمراني، وتحدد محارمها بمسافة لا تقل عن 300 متر».
*تدمير البيئة والثروة
مشكلات الصيد في عرض البحر لا تقل عن تحديات ما هو موجود على البر، إذ تعد سفن الاصطياد العملاقة، وبواخر التجارة، وناقلات النفط واحدة من المشكلات والتحديات التي يواجهها صيادي عـدن.
يقول مجموعة من الصيادين: "إن سفن الصيد التابعة للشركات الأجنبية تقوم بالاصطياد الغاشم، والجرف العشوائي للأسماك، وتعمل على تخريب الأعشاب المرجانية، والإضرار بأماكن تكاثر الأحياء والكائنات البحرية".
ويوضح بعضهم: «منذ سنوات وسفن الصيد الكبيرة تضر دون حسيب بالثروة السمكية، وبالخصوصية البيئية المتنوعة التي تتمتع بها شواطئ المدينة، فهي كانت تقوم وبتعمد على جرف الأسماك عشوائياً بشباكها السميكة، ومن ثم تنتقي أصنافا محددة ونادرة من الأسماك والكائنات البحرية، وترمي بعشرات الأطنان غير المرغوب بها في عرض البحر بعد نفوقها، وهذا يعد تدميرا متعمدا، واهدارا فادحا تكبدته الثروة السمكية، التي تعد واحدة من مصادر الثروة في المدينة، ما زلنا نعاني الكثير من تبعاته حتى اللحظة».
حرج سوق السمك  بصيرة
حرج سوق السمك بصيرة

ويشير بعض الصيادين إلى ما تحدثه السفن التجارية وناقلات النفط ومشتقاته من تجاوزات خطيرة تهدد الأمن البيئي في المدينة، قائلين: «هذه السفن تقوم بإلقاء مخلفات العوادم والمازوت إلى عرض البحر، دون رقابة من مؤسسات الدولة المعنية، وتمارس مخالفات جسيمة مسببة تلوثا بيئيا مباشرا يقضي على حياة الكائنات البحرية، ويقلص من كمية الأسماك الموسمية، وهذا التلوث ينعكس بدوره على ظروف الصياد الذي يجد نفسه مضطراً إلى تحمل خسارة مادية».
وأضحوا: «بقع الزيت التي تصبها سفن النفط تعلق بشباكنا، وتتلفها بالكامل، حتى لم يعد بمقدورنا الاستفادة منها مرة أخرى، وقيمة شبكة الصيد تكلفنا الكثير من الأموال، حيث نقوم بشرائها بأسعار باهظة تفوق قدرتنا على جمعها بسهولة»، مضيفين: «مازلنا نعاني الكثير من أثر ما تقوم به سفن النفط التي تبحر بشكل يومي في حدود المياه الإقليمية، وتقوم بالتخلص من زيوتها الملوثة في سواحل عـدن، دون وضع أدنى اعتبار لسلامة البيئة، ولحياة الكائنات التي تعيش فيها».
*ظاهرة لوحظ حدوثها
يتحدث صيادو عـدن عن ظاهرة لوحظ حدوثها في سواحل عـدن، لاسيما خلال العشرة الأعوام الماضية، وهي نمو مستوى المد البحري، وزيادة منسوب مياه البحر إلى مستوى يغطي سطح اليابسة بما يقارب ثلاثة أمتار سنوياً، حسب زعمهم.
وهي ظاهرة تؤكد ما أشارت إليه مؤسسات بيئية دولية في تقارير سابقة لها، أبرزها ما جاء في تقرير منظمة RAMSAR)) لسنة 2008م، الذي بين فيه: «إن سواحل مدينة عـدن تشهد سنوياً ظاهرة طغيان منسوب المياه واستمرار رسوخها على سطح اليابسة، وهو ما يجعل المدينة تقف على المرتبة السادسة من أصل عشرين مدينة في العالم مهددة لخطر (التسونامي)، (خطر الغرق)»، بحسب التقرير.
*مطالب صيادي عـدن
يناشد الصيادون في عـدن الدولة، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، الوقوف إلى جانبهم لوضع حد للتجاوزات التي تعرضوا لها، وأصبحت تهدد مصدر دخلهم، مطالبين وزارة الثروة السمكية بضرورة تبني سياسات تشجع مهنة الصياد العادي، وتؤمن له الأمن الغذائي، بدلاً من أن يكون عرضة لسطوة وهيمنة شركات الاصطياد الأجنبية، وأن عليها مراقبة نشاط هذه السفن التي تبحر في شواطئ عـدن وتطبيق عليها قوانين الاصطياد، وشروط مراعاة أنظمة السلامة البيئة.
ساحل فقم
ساحل فقم

ويختزل أحد الصيادين معاناة زملائه قائلا: «صرنا اليوم نشتري الهوري (القارب) الواحد بأكثر من مليون ونصف المليون ريال، وشبكة الصيد تعادل نصف قيمته، وندفع للدولة ضريبة 8%، في حال إذا رغبنا بيع أسماكنا في أسواق الحراج، حيث نقوم بدفع عشرة آلاف ريال، قيمة تأجير ثلاجة يحتكرها أحد المتنفذين مع دفع ضريبة 5%»، مختتماً: «ناهيك عن الصرفيات والاحتياطات الأخرى التي يوفرها الصياد البسيط لنفسه في رحلة صيد تمتد ليوميين متتالين يغيب فيها عن أطفاله وذويه ليتسنى له العودة وهو ضافر بما تيسر له من الرزق الحلال».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى