«الأيام» تسلط الضوء على دور المنظمات الدولية في مديريات ردفان بمحافظة لحج مواطنون: هيئات الإغاثة الدولية لا تتعامل بمعايير شفافة وكثير منها تعتمد آلية عشوائية

> رصد/ رائد الغزالي

> تعددت أنشطة ومسميات المنظمات والهيئات الدولية العاملة في مجال دعم الإنسان وتأهيله في كل جوانب الاحتياج، لاسيما في مناطق النزاع والحروب، لكونها تتلقى دعما من دول لأجل الوفاء بهذا الغرض.
لكن نشاط هذه المنظمات بتعدد مسمياتها على مستوى الواقع العملي يظل ضعيفا، دون تحقيق أهدافها بالكامل وترجمتها على نحو يتوافق مع حجم المبادرات الداعمة ومقياس المشاريع المعلن عنها.
مواطنون يسمعون عن تلك المنظمات ومستوى أنشطتها عبر وسائل شبكات التواصل، والصحف الورقية، ويتساءلون أين هم من هذه المساعدات التي توزع على الأسر المتضررة والمحتاجة.
«الأيام» قامت برصد عمل المنظمات في مديريات ردفان بمحافظة لحج، لمعرفة مستوى حضورها في العامين الأخيرين منذُ تحرير مناطق محافظة لحج من المليشيات الحوثية.
رغم تعدد المنظمات الدولية في مديريات ردفان بمحافظة لحج إلا أن الدعم محدود دون أن يكون عند مستوى الأهداف المطلوبة، وهو ما تحدث به عاقل منطقة شعب الديوان بمديرية ردفان، والذي قال: "إن هناك عدد كبير من المنظمات الدولية نسمع عنها ولا نعرف عملها إلا من خلال ما نلمسه في مناطقنا التي نسكن فيها من دعم غذائي من مشروع الأمن الغذائي عبر المؤسسة الطبية الميدانية بالشراكة مع برنامج الغذاء العالمي، ومن خلال ما نلمسه من دعم تنموي قدم كمساعدة لإتمام مشروع المياه من منظمة "أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين".. مضيفا: "وهذا كان عاملاً مساعداً لنا في المناطق التي تقع بين مديريتي ردفان والملاح وهي: شعب الديوان، الذنيب، الرويد والسوداء، والتي استفدنا منه للحصول على الماء، ورغم ذلك يبقى الدعم الذي تقدمه المنظمات بشكل عام محدوداً مقارنة بعددها الكبير في المناطق الريفية".
يقول المواطن فضل عبدلله الدعري: "لعبت عدد من المنظمات دوراً غير عادي من حيث تقديم الدعم الغذائي والمساهمة الطبية لاسيما في إطار مديرية الملاح، فلقد كان لبرنامج الغذاء العالمي حضور في تقديم المساعدة الغذائية، وكذلك منظمة (أدرا) في دعم الطفل، إلى جانب الهيئة الطبية الدولية وبعض المؤسسات والشبكات الحديثة التي كانت حاضرة في الأشهر الأخيرة، ولعبت دورا إيجابيا في الجانب التوعوي".
*دور غير بارز
يقول المواطن فرسان علي محمد، والذي يعمل في سوق مدينة الحبيلين لإعالة أسرته متحدياً إعاقته: "لم أعرف أي منظمة دولية قدمت إلينا ولمسنا منها دعماً، وشخصياً أعيش في مدينة الحبيلين عاصمة ردفان على أمل أن تقوم تلك المنظمات الدولية بدعم ومساندة الإنسان المحتاج، وإغاثة السكان الذين تأثرت معيشتهم سلباً نتيجة الحرب والأوضاع الاقتصادية المتدهورة".
ويضيف: "الكثير من المنظمات لا تتعامل وفق معايير مهنية شفافة، ومازالت تعتمد آلية الاختيار العشوائي للحالات المستحقة للإعانة دون وجود دراسة ميدانية دقيقة لإعانة الحالات الأشد احتياجاً"، مختتما بقوله: "حقيقة، المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة لم يكن لها دور بارز، وأناشدها بأن تكثف من عملها وتغير من سياساتها في المسح حتى تتمكن من أداء دورها بشكل علمي وجاد يرضي الجميع".
*نحتاج إلى مزيد من الدعم
سألنا المواطن وزيز علي جازم، نازح من كرش إلى مديرية ردفان ما إذا كانت هناك منظمات دولية إغاثية تقدم لهم الدعم كونهم نازحين، فأوضح بالقول: "لا يأتينا أي دعم من أية منظمات دولية باستثناء برنامج الغذاء العالمي وبتنفيذ المؤسسة الطبية الميدانية، وهي الوحيدة التي تغيثنا مشكورة في الجانب الغذائي عبر طاقمها الميداني في مديرية ردفان، ومازلنا نحتاج إلى المزيد من الدعم عبر وسائل ومنظمات أخرى نظراً للأوضاع المعيشية التي يعاني منها النازحون في مناطق نزوحهم". مردفاً: "والمؤسسة الطبية الميدانية لا تغيثنا نحن فقط لكنها تقدم أيضاً مساعداتها الغذائية للنازحين الذين قدموا من كرش ومديريات أخرى في محافظة لحج".

ويقول المواطن مجاهد راجح: "دور منظمات الإغاثة الدولية بعد الحرب الأخيرة في مديرية حبيل جبر شبه مغيب، وكل ما نتحصل عليه ونلمسه من مساعدات غذائية محدود جدا ويقتصر على كيس دقيق وخمسة لترات من زيت الطبخ وعدس، مقدمة من برنامج الغذاء العالمي، وهي كمية ترصد لنا لأشهر طويلة".
ويضيف: "منذُ شهر سبعة وعدنا بأنه سوف يتم تجديد هذا الدعم وحتى الآن لم يتم ذلك، أما بخصوص المنظمات الأخرى فلم نتحصل منها على أي شيء يذكر، ونحن في مديرية حبيل جبر حرمنا من دعم ومساعدات المنظمات في مختلف المجالات الإغاثية، ولا ندري ما هي الأسباب الحقيقية وراء حرماننا منها، والتي نعتقد أنها تعود إلى ضعف متابعة السلطة المحلية، ومزاجية هذه المنظمات في توزيع مساعدتها للمحتاجين".
*حضور محدود لعمل المنظمات
يوضح المواطن عبدالباري مساعد الضحاك الحالمي، أن "دور المنظمات الدولية world organizations لم يكن بالشكل المأمول، وقد شهدنا في العامين الأخيرين بعد تحرير المناطق الواقعة في نطاق ردفان ضعفا في مستوى حضور المنظمات الدولية، مع أنه قد انتهت أسباب العراقيل التي كانت تضعها مليشيات الحوثي وصالح أمام عمل المنظمات الدولية أثناء فترة سيطرتها واحتلالها للمناطق المتضررة".
وبخصوص المعوقات التي تواجه عمل منظمات الإغاثة الدولية في المرحلة الراهنة، ما بعد فترة تحرير المناطق الجنوبية، لاسيما في مناطق مديريات محافظة لحج، يقول عبدالباري: "هناك منظمات طواقمها غير فعالة وغير دقيقة في اختيار المواقع المستهدفة التي تستحق الحصول على مساعدات غذائية، مع العلم بأنه كان هناك حضورا محدودا لبعض المؤسسات الخيرية المحلية خلال فترة الحرب".
ويكمل حديثه: "كان يفترض أن تكون المنظمات الدولية حاضرة بقوة في مختلف المواقع المتضررة، ومناطق توافد النازحين، ونتمنى من السلطات المحلية أن تبذل قصارى جهودها في تقديم وتحقيق مطالب المواطنين المتضررين إلى المنظمات الدولية المعنية بدعم أسر الشهداء خاصة وأن الأوضاع مازالت غير مستقرة والحكومة لم تقم بواجبها".
*الوضع المعيشي للمحتاجين
كان لابد أن نشرك في هذه الآراء المطروحة جهة رسمية ترتبط بنشاط المنظمات الداعمة، حيث تحدث في الشأن منسق المنظمات العربية والاقليمية بمحافظة لحج، ومدير الإدارة الفنية بديوان المحافظة، المحامي عبدالإله سالم حسين، لنتعرف أكثر عن الخدمات التي تقدمها هذه المنظمات في مجالات الدعم والإغاثة، حيث قال عبدالإله: "هناك وضع عام تعيشه معظم مناطق اليمن جراء الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون نتيجة فقدان الكثير منهم لأعمالهم الخاصة جراء الحرب، لاسيما فئة المهمشين التي تعتبر الأشد فقرا واحتياجا".
مدينة الحبيلين مركز مديريات ردفان
مدينة الحبيلين مركز مديريات ردفان

ويضيف: "سأتطرق إلى الحديث بشأن وضع فئات المهمشين، فقبل عدة أشهر زرت محوى المهمشين في منطقة الحبيلين، وهناك قدم لنا الشيخ ناصر وبعض النشطاء الشباب كشوفات عن عناوين الأسر الفقيرة، وأثناء لقائنا ببعض المنظمات الداعمة في هذا الخصوص طرحنا عليهم حالة الأسر المهمشة والوضع المعيشي الصعب الذي يعانون منه، وكان رد المنظمات أن الدعم يقدم للأسر النازحة، والأسر المتضررة في مناطق الصراع، وأن وضع الأسر المهمشة برغم حاجتها للمساعدات إلا أنها لا تندرج حالياً ضمن جهود الاستهداف".
*لا تنسيق بين المنظمات والسلطة
ويكمل عبدالإله حديثه: "تم التواصل مع منظمات مثل المؤسسة الطبية الميدانية، ومنظمة الأغذية العالمية، والذي أكد مسؤولوها أن الأسر المهمشة تم استهدافها ضمن المسوحات ويستفيد حاليا عدد لا بأس به من برنامج المنظمات العاملة في مدينة الحبيلين عبر تلك المؤسسة"، مستطرداً: "كذلك قمنا بطرق باب منظمة اليونسيف، وتواصلنا مع الأخت جيهان باوزير مسؤولة التعليم في المنظمة، وطرحنا عليها موضوع دعم الطلاب المهمشين ضمن برامجهم، وإمكانية دعمهم بالحقيبة المدرسية، فكان ردها بأنها ستتابع الموضوع، وبعد فترة قامت بالرد بأن الطلبات جاءت متأخرة حيث قدمت كشوفاتهم بعد انقضاء الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي الماضي".
ويوضح منسق المنظمات العربية والإقليمية في محافظة لحج، المحامي عبدالإله سالم حسين، بشأن الإطار العام عن ضمان إمكانية تلقي الطلاب المتضررين مساعدات مباشرة من قبل السلطة المحلية بمحافظة لحج، قائلاً: "من المعلوم في هذه الفترة لا نمتلك الإمكانيات المادية لدعم العملية التعليمية، فمحافظة لحج تعرضت لأضرار بالغة في البنية التحتية، والحكومة لم تقدم أي دعم، وكل ما ورد على لسان رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، في دعم المحافظة بـ368 مليون ريال لإعادة بناء وترميم مرافق الدولة، والوعود التي أطلقها في زيارته الأخيرة واجتماعه بالمكتب التنفيذي لمحافظة لحج قبل نحو شهر، كلها لاتزال مجرد حبر على ورق".
*القبول بالأمر الواقع
وبخصوص دور السلطة المحلية في التواصل مع المنظمات، قال: "السلطة المحلية بمحافظة لحج ممثلة بالدكتور ناصر الخبجي، لاتزال تبذل جهودا كبيرة لتخفيف المعاناة عن المواطنين من خلال ما تقدمه عدد من المنظمات العربية والدولية، مع أن بعض هذه المنظمات للأسف مازالت تقدم دعمها للمستفيدين عبر جمعيات حزبية تستلم المعونات والمساعدات وتقوم بتوزيعها بالطريقة التي تتماشى مع أهدافها".
ويضيف: "ويتم هذا الأمر دون علم السلطات المحلية، وقد التقت السلطة المحلية بمحافظة لحج في أكثر من مرة بالمنظمات الدولية والاقليمية، وطالبت بضرورة أن يتقيد نشاط هذه المنظمات عبر التنسيق والإشراف من قبل السلطة المحلية، وهذا ما أكدت عليه اللجنة العليا للإغاثة، لكن لم يتغير شيء، حيث تقول هذه المنظمات بأن لديها كشوفات وإنها أجرت المسوحات بشأنها، وكل شيء تم ترتيبه وإعداده، وإن المطلوب من السلطة المحلية الحضور فقط للتدشين في توزيع المواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية، وهذا يضع السلطة المحلية في موقف محرج، أما أن تطلب توقيف عمل هذه المؤسسات، ورفض توزيع المساعدات، أو القبول بالأمر الواقع".
واختتم بالقول: "لكننا مازلنا نحسن الظن بأن جزءا من هذه المساعدات تذهب للمواطنين المستحقين، ولا يسعنا ختاما إلا أن نوجه عبر صحيفة "الأيام" الشكر والتقدير لكل المنظمات العربية والدولية التي قدمت للمحافظة مساعدات إنسانية، والمساعدات الخدماتية التي قدمتها كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، والهيئة الكويتية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى