«الأيام» في جولة ميدانية لملامسة معاناة بسطاء الناس في عدن.. مواطنون: غلاء المعيشة يهددنا بالمجاعة والنوم في العراء

> رصد/ نوارة قمندان

> في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن في العاصمة عدن، وتراكم مشكلات الخدمات الأساسية التي أضحت تشكل أعباء مضاعفة تثقل كاهل المواطن البسيط، وبات يعاني سلسلة أزمات متتالية، بدءاً من تأخر المرتبات، مرورا بزيادة انقطاعات الكهرباء والمياه، وانتهاءً بارتفاع مختلف المواد والسلع الغذائية والمستلزمات الدوائية..
نجد أن أوضاع ومعيشة الكثير من الأسر والعائلات أخذت منحدرا كبيرا وخطيرا في التدهور ، إلى درجة باتت تجرّ معها حالة من الغليان الشعبي الخامد، والذي قد ينفجر في أي وقت، إذا استمرت هكذا الأوضاع في تدهورها المتسارع.
نظراً لهذه المشكلات التي باتت اليوم تهدد - وبشكل مباشر - حياة المواطن، قامت «الأيام» بتسليط الضوء على جانب من الحياة الصعبة والأوضاع المعيشية المتعسرة التي تعيشها الكثير من الأسر والعائلات الفقيرة في العاصمة المحررة عدن.. وخرجت بالآتي:
وجدنا أسرا أضحوا يسكنون أكواخا من خشب سقفها السماء، يعاني أفرادها االفاقة والجوع.
كانت البداية مع رب أسرة فقيرة، من سكان منطقة الدكة بالمعلا، سرد حكايته بصوت متهدج بالحزن، فقال: “أسكن في هذا البيت المصنوع من الأخشاب، بمعية أسرتي المؤلفة من خمسة أفراد، حياتنا جميعاً أصبحت مهددة بالفقر المدقع نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وصعوبة الحصول على قوتنا اليومي”.
ويضيف: “أمارس العمل الحر، وكل ما أتقاضاه أصبح لا يفي بتغطية نفقة الأسرة، فالوضع المعيشي صار صعبا للغاية، تمر علينا أيام أحيانا ونحن لا نجد الطعام، وقد زاد وضعنا بؤسا نتيجة ارتفاع الأسعار إلى هذا الشكل الجنوني".

ويستطرد حديثه: “كنت أعمل على توفير وجبة واحدة لأطفالي، لكن وبعد أن ارتفعت مجمل الأسعار، أصبحنا ننام دون أن نجد ما يسد رمقنا”، وتساءل: “ماذا أقول، فالحكومة لم تظلمني وحدي، بل ظلمت الكثيرين غيري، بل إنني كثيرا ما أتعرض لمضايقات من بعض المتنفذين التجار بحكم أن موقع منزلي الذي احترق منذ فترة طويلة يقع على ميناء الدكة مباشرة، والأطماع عليه متزايدة, إلى درجة أن أحد التجار قام بعرض مبلغ من المال مقابل أن أترك منزلي، لكنني رفضت عرضه”.
وأوضح في حديثه: “في إحدى الأيام ذهبت كالعادة لأبحث عن رزقي صباحاً، وعند عودتي تفاجأت بوجود امرأتي وأطفالي في العراء، حيث كانت النار تشب في منزلي، ولم أتمكن من إخماد الحريق، لتلتهم كل شيء فيه، بما في ذلك احتراق كل الأوراق الرسمية التي تثبت هويتنا وشخصيتنا”.
*أوضاع متدهورة للغاية
المواطن وجدان وجدي، من سكان المعلا، ويعمل (سائق باص)، والذي أشار في حديثه إلى زيادة أجرة النقل جاء نتيجة اخفاق الحكومة بمعالجة أسعار النفط وتوفيره في السوق الرسمية، مع تثبيت سعره الذي أصبح يباع بأسعار مضاعفة ومفجعة، لكننا مع كل ذلك نضطر إلى شراء النفط من السوق السوداء حتى نتمكن من توفير قوت واحتياجات أطفالنا”.
ويضيف: “وهذا ما يجعلنا نرفع أجر النقل على المواطنين، ونحن غير مسئولين عن هذا الارتفاع أو نقصانه، والحكومة وحدها هي من تتحمل هذه المسؤولية، لأننا نحن من شرائح المواطنين المغلوب على أمرهم ممن يشتكون ولا يجدون من يسمع شكواهم”.
وقال: “أصبح اليوم حال المواطن في عدن متدهورا للغاية، فالأسعار في تنامٍ مستمر ولا يوجد هناك من يؤمن لنا قوت يومنا، فالحكومة لا تعي بما يدور في حياة المواطنين الفقراء”.
*حياة معيشية لا تطاق
يقول المواطن نادر أحمد من محافظة لحج، وهو عسكري: “معاناتي الأساسية تكمن في تأخر صرف مرتباتنا التي تصرف لنا كل ثلاثة أو أربعة أشهر مقابل الارتفاع المتزايد في أسعار السلع الغذائية، وقال: “نحن كجنود في الجيش نذهب للجبهات للدفاع عن الوطن، ونظل نرابط هناك ومرتباتنا الأساسية لا نستلمها بانتظام”.
أحمد مهيوب و خالد معتوق و رنا نبيل و وجدان وجدي و نادر أحمد
أحمد مهيوب و خالد معتوق و رنا نبيل و وجدان وجدي و نادر أحمد

ومن جهتها تقول المعلمة رنا نبيل، من سكان عدن: “الأوضاع التي تمر بها المدينة من انعدام الأمن والأمان، وعدم وجود حكومة توفر المستلزمات الأساسية في البلاد زاد من قتامة الوضع وتعقيداته”.
وتضيف: “إن الارتفاع المفرط في أسعار المواد الغذائية يسبب لنا مشاكل عديدة خاصة نحن ذوو الدخل المحدود”، وتابعت: “غالبية المواطنين هم من شرائح الفقراء والمعدمين، وفئة قليلة ممن لم تتأثر بارتفاع الدولار وزيادة اسعار السلع الغذائية”.
وقالت: “الكثير من الأسر بدأت تتنازل عن أشياء كثيرة من احتياجاتها، ولم تعد تستطيع أن توفر لأنفسها أبسط الأساسيات الضرورية، في ظل زيادة الأسعار وبقاء الدخل ثابت دون زيادة، حيث تلجأ بعض الأسر إلى حرمان أطفالها من المدارس، كونها لا تمتلك الإمكانيات اللازمة لتعليمهم، وإجبارهم على الانخراط في ميدان العمل، لتتكوّن لدينا مشكلة أخرى وهي عمالة الأطفال”.
وقالت: “الحكومة لم تأت لنا بشيء يضمن قوتنا واحتياجاتنا الضرورية، فأبسط الأساسيات لم تستطع توفيرها، لأنها لا تشعر بما يشعر به الناس من أوضاع معيشية أضحت لا تطاق”.
*لا يوجد راعٍ مسؤول
“ما نشهده اليوم من غياب دور الحكومة، وعدم اتخاذها التدابير اللازمة لضمان حياة كريمة وآمنة للمواطن في عدن، هو ناتج عن غياب الراعي الذي ينبغي عليه أن يقوم بالواجب الذي عليه تجاه رعيته”.

هذا ما قاله المواطن أحمد مهيوب (مالك بقالة)، والذي أضاف بقوله: “أصبحت السرقة هو خيار الكثير ممن أصبحوا يشعرون بأنهم مهددون بالانهيار الأسري الوشيك،”، وقال: “البضاعة والسلع الغذائية عند التجار مكدسة منذ فترة في المخازن، ولكنهم يستغلون ارتفاع الدولار ليرفعوا ثمن بضاعتهم، غير عابهين بحياة المواطن وأوجاعه اليومية”.
من جانبه قال المواطن خالد معتوق، من مدينة عدن، ويعمل في الكهروحرارية: “قبل ارتفاع الأسعار كُنت آخذ مستلزمات بيتي كاملة، فأنا أب لخمسة أطفال، وتكاليف هذا الجيل كثيرة”.ويضيف: “لم أعد أدري ما الذي ينبغي توفيره لأفراد أسرتي هل أوفر المأكل أم الدواء أم غيرهما من احتياجات الأسرة والأطفال، لقد تضاعف حجم المسؤوليات والأعباء والأزمات على رأس المواطن، لدرجة أصبحنا مهددين بالمجاعة”.
وتلفت الدكتورة شذى محمد إلى أن أدوية مهربة تباع في الصيدليات بأسعار مرتفعة، وقالت: “لا يجب السكوت عن ذلك الأمر، فقد أصبح المواطن اليوم لا يستطيع الذهاب إلى الطبيب خوفا من إعطائه أدوية كثيرة يصعب عليه شراؤها”.. منوهة إلى أنه يجب صرف أدوية مجانية لأصحاب الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكر والضغط، كونهم معرضين للموت المفاجئ”.
وأضافت: “الأدوية التي تأتي ضمن الإغاثة يتم بيعها للمواطن”، متسائلة: إلى متى تستمر هذه السمسرة؟!.
ودعت الدكتورة شذى في ختام حديثها الحكومة الشرعية إلى التحلي بقليل من الضمير والمسؤولية لتحمل واجباتها حيال المواطن المغلوب على أمره والذي أصبح يفتك به الجوع والهم والمعاناة المستمرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى