يتلقون تعليمهم في العراء وتحت الأشجار.. طلاب كرش أبرز ضحايا الحرب في المديرية

> تقرير/ عبدالله مجيد

>
يغادر التلميذ محمد مصلح (7 أعوام) بيته في الصباح الباكر من كل يوم، لتلقي أوّل أبجديات التعليم في حياته، تحت ظلال خيمة في منطقة حدابة كرش، بمحافظة لحج، ضمن عشرات من الطلاب النازحين، الذين يتوزعون على خيام لا تقيهم الصقيع الذي تشهده المنطقة، والمصحوب بالطل ورذاذ المطر في الصباح.

يقطع محمد، بمعية أقرانه من تلاميذ الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية، نحو كيلومتر ونصف، كل يوم، ليصل إلى مكان التدريس في منطقة الأعشار، فيما يقطع غيره ضعف المسافة ومن قرى مترامية الأطراف.

وضع يعكس مدى المعاناة التي خلفتها المعارك الدائرة رحاها بين أفراد المقاومة الجنوبية المسنود بالجيش الوطني ومليشيات الحوثي وقوات صالح على أبناء المديرية، لقرابة ثلاث سنين.

يشير مدير مدرسة عمار بن ياسر، نضال حمود، بمنطقة كرش، في حديث إلى «الأيام»، إلى أن قرابة مائة تلميذ من الصفوف الثلاثة الإعدادية يتلقون تعليمهم في ثلاث خيام صغيرة وأجواء شديدة البرودة، في ظل نقص كبير في المنهج والكادر التدريسي، الذي لا يتجاوز ثلاثة معلمين فقط، هم: سليم سعيد علي، وعبد المجيد صالح السويدي، ووليد عبده سعيد.

واستغرب حمود من تجاهل قائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء فضل حسن العمري، والذي قال إنه “لم يكلف نفسه حتى السؤال عن أحوال وأوضاع طلاب مدارس المنطقة التي تتمركز قواته في كثير من مدارس المنطقة”.

وتشهد منطقة الربوع في القبيطة أكبر تجمع للنازحين، وهو ما زاد من أعداد الطلاب في المدرسة الوحيدة فيها، الأمر الذي اضطرت جراءه إدارة المدرسة إلى وضع تلاميذ الصفوف الثلاثة الأولى في مسجد السوق، وآخرين تحت الأشجار، وتتكون مدرسة المنطقة من ستة فصول، ويزيد عدد الطلاب والطالبات فيها عن 850 طالبا وطالبة.
إخلاء المدرسة من النازحين
بدأ التعليم في المدرسة مؤخراً، بعدما تم إخلاؤها من الأسر النازحة التي كانت فيها منذ عامين ونصف.
يقول الشاب محمد مراد، وهو أحد الأفراد الذين اتخذوا من فصول المدرسة سكناً لهم بمعية عوائلهم، بينما كان يشد الرحال لإخلائها: «إننا مضطرون إلى مغادرتها والعودة لمنازلنا بمنطقة الجريبة، حيث لا صوت يعلو على أصوات قذائق الهاون والهوزر ولعلعة الرصاص».

وكان طلاب المدرسة قد تلقوا تعليمهم العام الماضي في العراء وتحت الأشجار، في ظل أجواء شتوية باردة.
تشتت وشرود
وفيما يحاول المعلم خالد أحمد محمد، جاهداً تأدية الدرس لتلاميذه في الصف الأول ابتدائي تحت شجرة في المنطقة، ينشغل التلميذان عبدالحبيب محمد، وعلي سالم عبده (7 أعوام)، بتتبع عصفور على الشجرة، والقيام بتقليده غير مباليين بما يقوله المعلم. وإلى جوارهما يتركز اهتمام تلاميذ آخرين على البحث عن أماكن تواجد أشعة الشمس، لعلها تخفف عن أجسادهم النحيلة قليلاً من موجة الطقس القارس.


يشير المعلم محمد، وهو أحد المعلمين المتطوعين، إلى أن «هذا هو العام الثاني الذي أعلّم فيه التلاميذ هنا تحت هذه الشجرة، وكلهم من نازحي بعض قرى كرش: كالجريبة، والسفيلى، والحدب، وكذا المناطق المجاورة لنا ممن تهدمت مدارسهم».

ويضيف في حديثه إلى «الأيام»: “إننا نحاول جاهدين إيصال المعلومة لهم وإفهامهم، فحالة الجو والتعليم في العراء يجعلهم مشتتي الأذهان وغير مستوعبين لما يقوله المعلمون أثناء تأدية الدروس... باختصار إنهم أحد الضحايا البريئة لهذه الحرب”.
جميع المدارس مغلقة
من جهته، أفاد مدير التربية والتعليم في المديرية، محسن جازم، بأن الحرب التي تشهدها المديرية تسببت بإغلاق 11 مدرسة أساسية وثانوية جميعها في كرش وواحدة في منطقة الشريجة، وإجبار نحو 900 طالب على التعلّم في الخيام وتحت الأشجار، لافتاً في سياق حديثه إلى «الأيام» إلى أن «النقص الحاد في المنهج الدراسي، وعدم توفر الخيام أعاق البدء بالعملية التعليمية في مناطق كثيرة كزيق، وحقب، والضاحي، وقداش، وأخرى اضطر طلابها إلى التعلم في العراء كمنطقة محصوص».

وطالب جازم المنظمات الدولية بـ«القيام بواجبها بتوفير الخيام ومستلزمات الطلاب، وكذا مبان خشبية للنازحين ممن يسكون في بعض المدارس، لتمكين المعلمين من إعادة الطلاب والطالبات للتعلم فيها”.
تقرير/ عبدالله مجيد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى