رصد لآراء متعددة حول استقالة المحافظ المفلحي.. انعدام المحروقات والسيولة النقدية كانت أبرز نتائج خلافات المحافظ المستقيل مع رئيس الوزراء

> عدن «الأيام» علاء بدر

> تباينت ردود الفعل بين أوساط النخب المثقفة والأكاديمية والاجتماعية، حول استقالة محافظ عدن عبدالعزيز عبدالحميد المفلحي من منصبه، والتي قدمها الخميس الماضي من محل إقامته في العاصمة المصرية القاهرة.
وتنوعت المواقف حول زمن الاستقالة، وما تضمنتها من بنود تم الكشف عنها، حيث تفرَّدت صحيفة «الأيام» بنشرها كاملة في عددها 6080 الصادر يوم أمس.
وفي هذا الصدد قال لـ«الأيام» أحمد عبدالله المريسي (شخصية اجتماعية) إن رأيه باستقالة المحافظ المفلحي “يتفق مع آراء معظم المتابعين لأصداء الاستقالة”، مضيفاً إنه “منذ تعيينه لم يتمكن الرجل من أداء عمله بصفته محافظاً لعدن، كما لم يستطع أن يُباشر عمله من مكتبه”.
وأضاف المريسي إنه وشخصيات اجتماعية كُثُر شعروا بأن الرجل لديه أفكار وطموحات ورغبة في تقديم عصارة جهده، وخبرته للنهوض بالعاصمة عدن، من الوضع المرزي الذي تمر به، مؤكداً أن هناك الكثير من المعوقات اعترضته منذ الوهلة الأولى لتوليه منصبه، أبرزها القضايا (الاقتصادية والأمنية) والتي ظهرت جلياً بوضوح للمواطن العدني البسيط، من خلال الصراع الأخير الذي تناولته وسائل الإعلام المقروءة والمرئية بين المحافظ المستقيل عبدالعزيز المفلحي ورئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد بن دغر، مما عكس نفسه سلباً على حياة المواطنين كلها، بسوء الخدمات والتي من أهمها: (الكهرباء، المياه، الصرف الصحي، انعدام مادتي البترول والديزل)، وكذلك انعدام المشتقات الأخرى كـ (المازوت، والغاز المنزلي) وتردي مستوى النظافة، والتخلف عن صرف الرواتب للعسكريين والأمنيين والمتقاعدين، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض العملة الوطنية، وغياب الرقابة على الأسواق، وتعطيل القضاء متمثلة بـ(المحاكم والنيابات).. مطالباً القيادة السياسية بحل الخلافات السياسية قبل أن تستفحل. مذكراً بأن المواطن العدني لم يعد يتحمل بروز خلافات، ومناكفات، والتي أرهقته نفسياً، ومالياً، ومعنوياً.. ذلك المواطن الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل النهوض بالعاصمة عدن واجتيازها كل المنعطفات التي مرت بها وما زالت.
وطالب أحمد المريسي باسمه وباسم الشخصيات الاجتماعية في العاصمة عدن الأستاذ عبدالعزيز عبدالحميد المفلحي بالعدول عن قرار استقالته من أجل المصلحة العامة، مناشداً الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، عدم قبول استقالة المحافظ المفلحي، وتمكينه من ممارسة كامل صلاحياته الممنوحة له قانوناً.
من جهته وصف الكاتب والمحلل السياسي أحمد سعيد كرامة استقالة المحافظ المفلحي بالقشة التي ستقصم ظهر الحكومة الشرعية، مشيراً إلى أن النخبة السياسية في العاصمة عدن تحدثت عن فساد طال معظم مرافق الدولة وعلى رأسها المرافق الخِدمية والتي من أبرزها مؤسستي (الكهرباء، والماء)، محيياً شجاعة المحافظ المستقيل الذي عبر وبصورة جلية عن مدى الفساد الذي وصلت إليه حكومة الدكتور أحمد بن دغر، مناشداً الرئيس فتح تحقيق فوري من قبل نيابة الأموال العامة، وليست لجان خاصة لتمييع هذه القضية والتي تُعد قضية رأي عام، فهي - كما قال كرامة - أموال عامة سُرِقت وثروات نُهِبت.
وأوضح الدكتور سليم عمر النجار (أكاديمي) أن ما ورد في بيان استقالة المحافظ المفلحي شكا منه مبكراً شهيد الوطن اللواء الركن جعفر محمد سعد، مردفاً أن المحافظ المستقيل هدَّد في إحدى خطاباته بفضح من يعرقل الإعمار والتنمية في العاصمة عدن بالاسم، وهو الأمر الذي شكا منه لاحقاً اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن السابق، قائلاً “إن الحكومة تعرقل جهوده وتقدم له الوعود الكاذبة وتمنعه من العمل”، مشيراً إلى أن اللواء أحمد سعيد بن بريك محافظ محافظة حضرموت السابق قال في أحد خطاباته قبل إقالته “إن الحكومة تعمل على عرقلة المحافظة، حيث طلب بن بريك من الدكتور بن دغر بعبارة صريحة أن يعامل حضرموت كما يُعامل محافظة مأرب على أقل تقدير، وهو ما جعل محافظة حضرموت تعود للخلف من خلال اختفاء المشتقات النفطية، وانعدام السيولة النقدية في بنك المحافظة. مضيفاً أن من بين المحافظين الذين اشتكوا من العراقيل التي واجهتهم من الحكومة، اللواء أبو بكر حسين سالم محافظ محافظة أبين، والذي قال “إن الحكومة وعدته بتشغيل 30 ميجا لكهرباء محافظة أبين، ولكنها لم تفِ بوعودها له”.
عدد من الشخصيات الاجتماعية
عدد من الشخصيات الاجتماعية

الشاب إبراهيم بن صالح مجور رئيس مبادرة (غيِّرها) والطالب في قسم الصحافة والإعلام أبدى تأييده للاستقالة التي تقدَّم بها المحافظ عبدالعزيز المفلحي، متوقعاً من خلال المعطيات التي رآها أن المحافظ وجد نفسه محافظاً شكلياً بدون صلاحيات، فلا يستطيع أن يعمل شيئا، وهو على رأس منصبه.. متطرقاً إلى ما خرج للعلن بشأن توقيف توقيعه في صرف المشروعات الجديدة والتنموية للعاصمة عدن في البنك المركزي. مضيفاً أن من أبرز العراقيل التي وقفت حائلاً أمامه هي عدم السماح له بالدوام بمبنى ديوان العاصمة في مديرية المعلا، حيث ظل يمارس مهامه (المفقودة) لمدة 6 أشهر من داخل منزل ضيق يضم 3 غرف يقع في منطقة المعاشيق، حيث يجد الزائر إلى المنزل فئران وحشرات، مؤكداً أن المحافظ المستقيل كان يستقبل زواره في صالة صغيرة. لافتاً إلى أن هذا الرجل حصل على جائزة (Who’s Who) كأفضل (500) عقل في القرن الحادي والعشرين، متمنياً من الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أن يوجه الجهات المختصة وكل من له صلة بتنفيذ شروط المحافظ المستقيل المفلحي التي نشرتها صحيفة «الأيام» في عددها يوم أمس، ومحاسبة كل من يتلكَّأ في تنفيذ هذا التوجيه الرئاسي.
الباحث القانوني عهد جميل عثمان، رأى أن المحافظ المفلحي تحلَّى بالصبر والتأني خلال السبعة الأشهر التي تلت تعيينه، مؤكداً أنه من خلال قربه من دائرة مكتب محافظ العاصمة المستقيل وجد أن لديه فكر رحب وواسع للعمل الإداري، ورغبة في النهوض بالعاصمة أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
الأستاذ الدكتور قاسم المحبشي، نائب عميد كلية الآداب، جامعة عدن، قال “لقد استبشرنا خيراً عند تعيين المفلحي محافظاً للعاصمة عدن، وعَلِمنا عنه امتلاكه الخبرات الإدارية والقدرات الاستثمارية، والتي لم تتوفر في شخصية اقتصادية مثله، فهو سليل ثقافة ومن الفئة الليبرالية التي تقدس العمل والبناء والتنمية، إذ ينتمي إلى شريحة النخبة التكنوقراطية في بلاد مثقلة بالفاسدين وناهبي الثروات وتجار الحروب”. يضيف الدكتور المحبشي “إن المفلحي مُنِح من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية الفرصة لإدارة مدينة عدن البحرية التي وُلد فيها ونشأ بها، وكان يحلم بأن يُعيدها إلى سابق عهدها عهد ثالث أهم ميناء طبيعي في العالم، إذ تكمن أهمية العاصمة عدن بالميناء، والاستثمار، والتنمية المدنية، وإعادة بناء المؤسسات، وتفعيل المجالات التجارية وتنشيط الصناعة والاهتمام بالسياحية البحرية، فجاء المفلحي من الرياض وكانت الآمال معلقة عليه بأن يعيد دوران عجلة التنمية إلى العمل، وإزالة أنقاض الحرب وإنهاء هشيم الرماد الذي طال كل شيء”.
ورأى النائب الأكاديمي لكلية الآداب أن “المفلحي باستقالته يكون قد أنقذ نفسه وحفظ السمعة الطيبة له لدى الرأي العام، ومن جهة أخرى وضع الكرة في مرمى الرئيس الشرعي”.
من جهته ذكر محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، أن تقديم الاستقالة هي ظاهرة إيجابية (دون الدخول في تفاصيلها وأسبابها)، فالمسؤول الذي لا يستطيع تحمل مسؤولياته لأي سبب من الأسباب ويجد صعوبة في تنفيذ مهماته وواجباته عليه أن يقدم استقالته، مطالباً بأن يتم التحقيق فيما ذهبت إليه من مسببات الاستقالة، مؤكداً أن استمرار المسؤول في موقعه الإداري دون أن يُمنح الصلاحيات المكفولة له قانوناً فإنه يعتبر خيانة بالقسم الذي أداه، وإخلالاً بالتزامه الأخلاقي في القيام بواجبات الوظيفية العامة التي عُيِّن فيها أو كُلِّف بها، فما قام به هو عُرْف ديمقراطي، لكن الأهم - برأي محمد نعمان - هو التحقيق في أسباب هذه الاستقالة، فإذا كانت هذه الأسباب متوفرة بأدلتها استحق التقدير والثناء، وإذا كان غير ذلك فتقع عليه مسؤولية إدارية وأخلاقية.
الباحثة القانونية في كلية الحقوق بجامعة عدن الدكتورة هبة علي زين عيدروس تمحور تصريحها الخاص لـ«الأيام» حول الأسباب التي احتوتها استقالة المحافظ المفلحي والتي لم يسبق أن وضعها مسؤول أمام الشعب في وسائل الإعلام.. هبة عيدروس قالت: “إن الاستقالة اتهمت الحكومة اتهاماً مباشراً بالضلوع في فساد مالي كبير، وأن هذه النقاط التي وردت في الاستقالة قد تطلق لأول مرة شرارة لثورة على الفساد والفسادين داخل المؤسسات الحكومية”، مضيفة أن “تضحيات الشعب منذ العام 2007م عندما انطلقت ثورته ضد الحكم العفاشي البائد لن تذهب هدراً، والتي سقط فيها شهداء وجرحى”، مبينة أن المحافظ “هو أحد موظفي السلطة التنفيذية نفسها، ويُعد قانوناً الممثل الرسمي لرئيس الجمهورية في محافظته، مما يعني أن الاتهامات مدعمة بأدلة كونه مطلعاً على دهاليز الحكومة”، مذكرة بأن الشعب “ينتظر قراراً رئاسياً من رئيس الجمهورية بتعيين رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة أخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى