مرور (61) عاماً على العدوان الثلاثي على مصر وحكاية دلاس

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
إن ما دعاني لكتابة هذا الموضوع هو استمرار وتواصل التآمر الذي تكرر هنا وهناك في نوفمبر، فهذا وعد بلفور المشؤوم ببيع أرض العرب والذي صدر في 2 نوفمبر 1917 وهذا العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) عبر حبكة هزلية أن تبدأ إسرائيل العدوان على مصر في 29 أكتوبر 1956 وتدخل مزعوم من قبل بريطانيا وفرنسا لإنهاء التجاوز الإسرائيلي في اختراق غزة لاحتلال السويس، وخلفية العدوان المبيت على مصر كان الإعلان التاريخي الذي أعلنه الرئيس جمال عبدالناصر من ميدان الإسكندرية يوم 26 يوليو 1956 بتأميم قناة السويس، وانعقد مجلس الأمن الدولي يومي 2 ، 3 نوفمبر 1956 وكان جون فوستر دلاس، وزير الخارجية الأمريكي (1888 - 1959) مع قرار إدانة العدوان وانسحاب القوات الثلاثية من منطقة السويس رمز “الوجع” الذي آلم بريطانيا وفرنسا وكان الانسحاب في الأسبوع الأول من نوفمبر 1956.
حمل نوفمبر أوجاعه في أواخر أكتوبر 2017 عندما فجر الإسرائيليون نفقا في غزة استشهد على إثره سبعة ناشطين فلسطينيين في غزة وفي نوفمبر من نفس العام وفي جمعة 24 نوفمبر 2017 ارتكبت إسرائيل مجزرة في مسجد الروضة بسيناء وراح على إثرها (305) شهداء بعد انفجار العبوة الناسفة وهم في لحظة السجود التي اهتز لها عرش الرحمن.
تداعت إلى المشهد المأساوي بدءاً من وعد بلفور في نوفمبر 1917 ومروراً بالعدوان الثلاثي الذي شغل الأيام الأخيرة من أكتوبر 1956 والأيام الأولى من نوفمبر 1956 وبعد هذا التاريخ بعامين، أي عام 1958 صدر كتاب (العقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط) للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وكانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بوزير خارجيتها في عهد الرئيس داويت ايزنهاور خلال الفترة من 1953 حتى 1959، وشغل دلاس حقيبة الخارجية.
كانت وجهة نظره أن استعمال القوة مع مصر خطر بسبب الظروف الدولية وسلاح الحصار الاقتصادي هو خبر الأسلحة وأضمنها، وكان يرى أن استعمال الرصاص تهور وأن التجويع حتى الموت طريقة عاقلة رزينة.
ولم تكن تلك خطة دلاس، وإنما كانت الخطة ذات ثلاث شعب هي: 1 - الحصار الاقتصادي 2 - العزل في المنطقة 3 - الغزو من الداخل. أي بتعبير أكثر صراحة المؤامرات في الداخل، وبدأ ينفذ سياسته الرامية إلى خنق مصر فجمد أرصدة الدولارات المصرية في أمريكا، وأوقف كل عقود مصر الخاصة مع الشركات الأمريكية.
دفع دلاس إلى الأسواق بكميات من مخزون القطن الأمريكي طويل التيلة حتى يسد الفرص أمام قطن مصر، ومضى يتعقب عملاء القطن الأمريكي وكانت الهند أحد هؤلاء العملاء، فمنحها دلاس عقدا لشراء قطن أمريكي بثمن أرخص وتقسيط على أجل طويل.
من مفارقات سياسة هذا الرجل أنه كان يلعن العدوان على مصر ومع ذلك رفض أن يبيع لمصر قمحاً لتصنع منه خبزاً لشعبها، ويمضي هيكل بأن دلاس مارس سياسة معادية خفية على مصر قبل تأميم قناة السويس وأصبحت دسائسه مكشوفة بعد التأميم (ص 86 ، 87).
انتصر عبدالناصر وهزم دلاس، انتصرت فيتنام على العدوان الفرنسي الذي أيده دلاس ووجه الجنرال جياب القائد الفيتنامي ضربة موجعة لفرنسا بهزيمة نكراء ألحقها بها في معركة ديان بيان فو عام 1954 التي أرغمت فرنسا على الانسحاب، وانتصر هوشي منه وانكسر دوايت أيزنهاور وانتصر الجنرال جياب وانكسر جون فوستر دلاس.
هذا هو دلاس يكرر نفسه في جون كيري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى