رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ.. 1- د. أحمد محمد حسين الكازمي: قدره أن يعيش نزيها وأن يلقى ربه نزيها.. 2- د. زين محسن اليزيدي: عاش من أجل الإنسان ومات بالغاز السام

> نجيب محمد يابلي

> 1- د. أحمد الكازمي:
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي

*الميلاد والنشأة:
ورد في الكتاب المرجعي (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) للعطر الذكر عبدالرحمن جرجرة (خال الزميلين هشام وتمام باشراحيل) في الصفحة 58 : تنقسم الولاية الفضلية إلى ثلاثة ألوية وهي كما يلي:
أ) لواء المنطقة الغربية، ب) لواء المنطقة الوسطى، ج) لواء المنطقة الشرقية، وأهم مدن لواء المنطقة الغربية هي مدينة زنجبار، عاصمة السلطنة الفضلية ومدينة الكود التي يوجد بها محلج القطن ومقر دوائر الأبحاث الزراعية ومدينتا الدرجاج ويرامس.
ولد الدكتور أحمد محمد حسين الحيدري - الكازمي - في قرية الدرجاج عام 1948، وهنا يقول الرجل الكبير علي صالح عباد مقبل "وقد لمست فيه قرائن النبوغ ودلائل الدهاء منذ نعومة أظفاره، فنمى متفوقا على أترابه ومتقدما على سنه...."(كلمته في كتاب التأبين - ص 14).
تلقى الدكتور أحمد الكازمي مراحل دراسته الأولى في زنجبار والدرجاج وانتقل إلى عدن حيث التحق بكلية بلقيس لتلقي دراسته الثانوية، وشارك في عدن في المظاهرات الطلابية منذ الوجود البريطاني وغادر بعد ذلك إلى أرض الكنانة (مصر) يتلقى دراسته الجامعية والتي وصلها من صنعاء ضمن الطلائع الشبابية للدفاع عن ثورة سبتمبر، وقطع الكازمي دراسته ليعود إلى عدن ليلتحق بمليشيات الثوار ثم غادر مرة أخرى إلى القاهرة ليستأنف دراسته الجامعية قبيل الاستقلال الوطني.
*أحمد الكازمي في خدمة الدولة الوليدة
كان الفقيد العزيز أحمد الكازمي من ضمن الكوادر الشابة التي جندت نفسها في خدمة الدولة الوليدة، فتقلد عدداً من المناصب منها مديرا للعلاقات في سكرتارية اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الجبهة القومية، وكان رحمه الله قد حصل على البكالوريوس في علم النفس من جامعة القاهرة.
من ضمن المناصب التي تقلدها فقيدنا أحمد الكازمي بوزارة التربية والتعليم: نائب مدير إدارة المناهج ثم مسؤول التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية بمديرية الميناء عدن، وشغل منصب سكرتير في هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، وتم انتخابه في أول مجلس للشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (P.D.R.y) سابقاً.
*الكازمي خلف القضبان ورحل بعد ذلك إلى بلاد البلقان:
عند منعطف 26 يونيو 1978 تآمر الرفاق على قائدهم الرئيس الزاهد سالم ربيع علي بتهمة لا أساس له في التشريع الجنائي وهي تهمة "اليسار الانتهازي"، وأطاحوا به مع علي سالم لعور وجاعم صالح، رحمهما الله، أما رفيقهم أحمد الكازمي فخضع لعقوبة الاعتقال لمدة خمس سنوات ورحل بعد ذلك بفترة وجيزة إلى جمهورية بلغاريا الشعبية حيث حضر رسالة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة صوفيا.
عاد إلى أرض الوطن عقب أحداث 13 يناير 1986 المؤلمة لتطييب آثار الأزمة، وكان الدكتور أحمد الكازمي ممن أسسوا لمبادئ التصالح والتسامح منذ ذلك الحين (مرجع سابق : علي صالح عباد مقبل).
*الدكتور الكازمي من مؤسسي منظمة الدفاع عن الحقوق والحريات
في الكتاب المكرس لتأبين الدكتور أحمد الكازمي الذي تصدرته كلمة المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية ورد فيها: لقد دعي الفقيد إلى إقامة منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية وأعد نظامها الأساسي ولوائحها وتواصل مع عدد من الشخصيات السياسية والبرلمانية والإعلامية والشخصيات الاجتماعية عام 1988م وحالفه التوفيق في عقد مؤتمرها التأسيسي عام 1992 في عدن، وانتخب الدكتور أحمد الكازمي أول رئيس للمنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان بعد الوحدة.
تجاوز الدكتور أحمد الكازمي إطاره القطري في منظمة الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية وتوسعت نشاطاته ليصبح رئيسا للمجلس اليمني لضحايا العنف والتعذيب وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومقرها القاهرة، وعضو منظمة حقوق الإنسان الدولية ومقرها العاصمة البلجيكية بروكسل.
*الدكتور الكازمي وجلطة دماغية يلفها الغموض
بحسب الرجل الكبير علي صالح عباد مقبل:"وفي 1997 وفي ظروف يحيطها الغموض تعرض الدكتور أحمد الكازمي لجلطة دماغية كادت تسلبه حياته ولم تبارحه حتى أخذت معها جزءاً من قدرته على المشي فاعتزل على إثرها المسرح السياسي... ".
كرس الدكتور أحمد الكازمي وقته ليتفرغ للجانب الروحي في حياته فحج إلى بيت الله ليكمل الركن الخامس من الإسلام.
*مؤسسات الحكم تدير ظهرها للدكتور الكازمي
أفادت المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية (مرجع سابق) بأن الفقيد العزيز الدكتور أحمد الكازمي قد أصيب بمرض عضال ظل يصارعه لأكثر من خمسة عشر عاما دون أن يجد أي عون أو مساعدة من مؤسسات الحكم وظل يعاني المرض وآلامه حتى وافته المنية يوم 18 مارس 2013 في منزله بحي خور مكسر، عدن.
*هادي يعزي أشقاء الفقيد وعلي ناصر وآخرون يكتبون في الفقيد
بعث الرئيس عبدربه منصور هادي برقية مواساة إلى الأخ ناصر محمد حسين الحيدري وجميع إخوانه وأفراد أسرته بوفاة شقيقهم المناضل أحمد محمد حسين الكازمي وبرقية مواساة أخرى رفعها الأخ الدكتور واعد باذيب، وزير النقل حينئذ.
أما الذين كتبوا في مناقب الفقيد الرئيس: علي ناصر محمد، محمد قاسم لقمان، محمد صداعي علي، د. عبدالرزاق مسعد، نجيب محمد يابلي، محسن مكيش، أحمد بن نعم، د. عبد الوهاب شمسان، مصطفى راجمنار، علي الجوهري، د. ناصر علي ناصر، صالح عيسى، عيدروس عطروش، عثمان كمراني/ نهى محمد عقيل، حسين يعقوب بافضل ونبيل غانم، والقائمة طويلة..
2- د. زين محسن اليزيدي:
*الميلاد والنشأة
الشهيد الدكتور زين محسن اليزيدي من مواليد قرية السعيدي إحدى قرى جبل اليزيدي في يافع في 10 أكتوبر 1958م، نشأ شهيدنا الدكتور زين في أسرة فلاحية تعتمد على زراعة المدرجات الجلبية التي تحيط بالقرية والتي تجود بثمارها من الذرة والحبوب الأخرى في مواسم الخير، وقضى طفولته المبكرة في رعاية والده الحاج محسن صالح عبداللاه السعيدي اليزيدي.
*زين والانطلاق المبكر إلى عدن
ما إن بلغ زين اليزيدي عامه الثامن (1965م) حتى استقر رأي والده الحاج محسن اليزيدي على إرسال فلذة كبده زين إلى عدن حيث استقر في منزل عمه الحاج علي صالح عبداللاه السعيدي اليزيدي في مدينة البريقة، حيث كان عمه علي يعمل في مصافي عدن (B.P.Refinery) حيث درس المرحلة الابتدائية في مدرسة الاتحاد، وتأثر الطفل زين بكل مشاهداته في المدينة من حركة ونشاط تجاري وكهرباء وانعكس ذلك في نمو شخصيته المنفتحة من خلال اختلاطه بزملائه الطلاب ومطالعاته الأولية.
*زين يغادر عدن ليلتقي ابنة عدن في زنجبار
وفي العام 1970م انتقل زين محسن اليزيدي إلى زنجبار ليكمل دراسته الابتدائية في مدرسة الشهيدة عيشة كرامة، التي تسكن أسرتها في شارع مجاور لشارعنا في مدينة الشيخ عثمان (عدن) وانتقل بعد ذلك إلى أعدادية زنجبار وأكملها عام 1974م وبدأ نشاطه الطلابي في المرحلة الأعدادية، حيث ترأس اللجنة الاتحادية للاتحاد الوطني في المدرسة والتحق باتحاد الشباب (أشيد) بعد تأسيسه عام 1973، وفي نفس العام التحق بالتنظيم السياسي الجبهة القومية وأصبح عضوا فيه.
*زين وتطور نوعي في المرحلة الثانوية
برز النشاط الطلابي والشبابي لدى زين محسن بعد انتقاله إلى ثانوية زنجبار والتحق بالقسم الداخلي للسكن الطلابي المجاني المعزز بمجانية الغذاء أيضا، وشغل زين محسن مركز المسؤول الثقافي للاتحاد الوطني في المدرسة والتحق مجندا في لواء الشهيد ملهم في كتيبة الدفاع الجوي وأدى واجبي الخدمة الوطنية والعسكرية باقتدار، وكان يرغب في أن يلتحق بجامعة عدن ليكمل دراسته الجامعية، إلا أن ظروف والده أجلت رغبته كونه النجل الأكبر في إخوته: علي، عبدالله، ناصر وسامي، وست أخوات.
*مرور زين إلى الدراسة الجامعية عبر كوبري صهره بن حسين اليزيدي
مثلما أعان العم علي صالح اليزيدي ابن أخيه زين في عدن على تلقي دراسته الابتدائية فقد قيض الله له صهره العقيد محمد حسين اليزيدي ليتلقى دراسته الجامعية في عدن فأقام عنده فالتحق بكلية الاقتصاد عام 1981 وتخرج فيها عام 1985 بدرجة البكالوريوس ضمن أفضل الخريجين، وكان إلى جانب ذلك رئيسا لمجلس طلاب الكلية وممثلا لطلبة الكلية في مجلس الكلية، وعين الدكتور زين معيداً في الكلية.
*زين والماجستير من أوكرانيا والدكتوراه من الهند
مثل زين محسن اليزيدي المجلس المركزي للطلاب خلال الفترة من 1986 حتى 1989 في كل من المكتب التنفيذي لجامعة عدن وعضوا في مجلس الجامعة وعضوا في لجنة البعثات التابعة لوزارة التربية والتعليم ممثلا للمجلس المركزي.
ابتعثت جامعة عدن طالبها زين محسن اليزيدي إلى أوكرانيا (في الاتحاد السوفيتي سابقاً)، حيث حصل على درجة الماجستير في الاقتصاد عام 1990 بتخصص (الشركات المتعددة الجنسيات).
غادر زين محسن اليزيدي إلى جمهورية الهند الصديقة، حيث حصل على درجة الدكتوراه وكان عنوان أطروحته (الاستثمار الدولي)، وعاد إلى أرض الوطن عام 2000 وعمل بصمت مع مناضلين آخرين في تنظيم النشاط الثوري السلمي.
*الدكتور زين محسن طاقة لا تنفد في خدمة العملين الوطني والأكاديمي:
اتسم نضال الدكتور زين بالتعدد والتنوع المتميز، فقد ترأس نقابة الهيئة التعليمية لكلية الاقتصاد، وكان - رحمه الله - عضوا قياديا في نقابة الهيئة التعليمية لجامعة عدن، وكان الدكتور زين من مؤسسي الهيئة الأكاديمية لجامعة عدن وشغل منصب الأمين العام لجمعية أبناء يافع في عدن حتى استشهاده، وأسهم - رحمه الله - في إنشاء الكثير من الجمعيات وهو عضو الهيئة الإدارية لجمعية الصداقة اليمنية الهندية، وكان عضوا نشطا وفعالاً في مجلس التنسيق لأبناء يافع وأسهم في تأسيس وفي نشاط مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات، وكان المستشار الرئيسي له منذ التأسيس، بحسب شهادة الأستاذة سعاد علوي، رئيس المركز.
*الدكتور زين وبصمات إضافية ونوعية
لم يغب الدكتور زين محسن عن الساحة منذ تأسيس وتصعيد النضال السلمي لثورة شعب الجنوب عام 2007، وشهدت له الساحة مشاركاته في اللجان التحضيرية والندوات والمحاضرات، وقد ترأس اللجنة التنظيمية في مليونية 30 نوفمبر 2012، وكان نائبا لرئيس اللجنة التحضيرية في مليونية التصالح والتسامح عام 2013 وهو من مؤسسي مجموعة الأكاديميين الجنوبيين، وأسهم في تأسيس اتحاد عمال الجنوب في ساحة الاعتصام عام 2014 وكان آخر نشاط للشهيد في ساحة الحرية عضويته في اللجنة الإشرافية ورئيس اللجنة الثقافية بمخيم الاعتصام.
كان الدكتور زين محسن عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني وجمد عضويته فيها مع آخرين مع رفاقه نتيجة عدم وضوح موقف الحزب من القضية الجنوبية.
*استشهاد رجل الابتسامة الدائمة
أعدمت عصابات الأمن المركزي الشاب الناشط في الحراك السلمي الجنوبي المهندس خالد الجنيدي بمدينة كريتر يوم 15 ديسمبر 2014م، وكان رحمه الله متصدراً فعالية جنوبية فتحركت مسيرة الغضب والاحتجاج على تلك الأعمال الفاشية يوم 17 ديسمبر 2014م، وكان الدكتور زين في مقدمة المحتجين فأطلق جند المركزي وابلاً من النيران وقنابل الدخان المسيل للدموع والغاز السام الذي أودى بحياة الدكتور زين بعد رحلة عطاء وعناء وتضحيات. وخلف الدكتور زين محسن اليزيدي وراءه محبين لا حصر لهم، وأرملة صابرة وولدين (عبدالله ومحسن) وخمس بنات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى