قـصـة شهـيـد "ريدان عبدالواسع سعيد عبدالله" (عاشق البحر والسماء)

> تكتبها / خديجة بن بريك

> عاشق البحر والسماء اكتست بشرته سمرة.. نشر طيبته بين رفاق كلما رأوه هللوا لابتسامته التي لا تفارق محياه، عاشق عدن يطوف بقاربه الصغير بين شواطئها التي عشقها منذ صغره، وبالمقابل أحب شقيقه أوسان حبًا يصعب وصفه، معتبره الطفل المدلل لديه، كان همه أن يرى أوسان سعيدًا في حياته، وكان يردد أمام أصدقائه "إن مت فأعطوا كل ما يخصني لشقيقي أوسان".
ريدان عبدالواسع من أبناء البريقة من مواليد 1985م، ما أن يمر في حارته حتى يسارع الأطفال إليه يمازحونه ويلعب معهم ويغمرهم بالحب والسعادة، وبعد أن شنت المليشيات الحوثية الحرب على المحافظات الجنوبية في نهاية شهر مارس 2015م التحق ريدان مع زملائه الذين حاولوا تنظيم أنفسهم بشكل عفوي لحماية مدينتهم، فمنهم من نصب نقاط التفتيش بين الحارات، ومنهم من توجه إلى الجبهات التي كانت مشتعلة بين الصد والهجوم.
يقول الناشط الإعلامي محمد الحامدي، الذي شهد الحرب واستشهد العديد من زملائه فيها، ومن بينهم الشهيد ريدان: "إنه لن ينسى أصدقاءه أبداً، وإنه سيسطر تاريخهم، كونهم ضحوا بحياتهم من أجل دينهم وعرضهم ووطنهم، فلولا تضحياتهم لما تحررت المحافظات الجنوبية".
ويتذكر أصدقاء ريدان حين كان يقوم بشراء السلاح والذخيرة من ماله الخاص، وكان يساعده بعضهم أيضاً في شرائها وإرسالها لزملائهم في جبهات المقاومة، حيث كان ينقلها بحراً عبر قاربه من البريقة إلى مدينة التواهي وتوزيعها على شباب المقاومة الجنوبية بجبهة التواهي والمعلا، حيث كانت هذه الجبهات هي الأعنف منذ بداية الحرب، وشباب المقاومة فيها يعانون من قلة السلاح والذخيرة، ولم يكتفِ بذلك بل كان أيضاً يعمل على نقل الأسر النازحة والهاربة من بطش المليشيات الحوثية من مدينة التواهي والمعلا والقلوعة عبر البحر إلى مدينة البريقة، وكان يقول “لا تحزنوا سنطرد الحوثيين ولا مكان لهم في عدن".
يقول أحد أصدقائه المقربين: "بعد تدخل قوات التحالف العربي أصبح ريدان حارسا لأحد مقراتهم، وكنا نجتمع بشكل يومي بعد صلاة الفجر في أحد مساجد البريقة لتحديد خططنا خلال اليوم، وفي آخر يوم، وهو يوم معركة تحرير عدن في 27 من رمضان، لم يأتِ إلى المسجد الذي كنا نصلي فيه، وإنما ذهب إلى المسجد الموجود بحارته، وكأنه كان يريد إلقاء النظرة الأخيرة على ذلك المكان، وأثناء دخوله المسجد وجد أحد أصدقائه، ثم سأله عن اسمه الرباعي، استغرب صديقه حينها من هذا السؤال فرد عليه.. لماذا؟!، فأجابه ريدان: من أجل أن أشفع لك بإذن الله".
وعند انطلاق عملية السهم الذهبي وتحرير محافظة عدن من المليشيات الحوثية الانقلابية، والتي كانت تساندها قوات المخلوع صالح، عملت المقاومة الجنوبية على تمشيط المدن وتطهيرها من المليشيات، ورافقت معركة التحرير تمشيط مدينة خورمكسر بتاريخ 14/ 7/ 2015 بعد معارك طاحنة، وعلى ضوء ذلك قامت مجموعة من شباب المقاومة، وكان ريدان عبدالواسع من بينهم، بتمشيط الفلل الواقعة في أحياء العريش بالقرب من الصولبان، وهي الجهة المقابلة لمطار عدن الدولي، وعند عملية التمشيط لإحدى الفلل كان معه صديقه رمزي لكنهما لم يجدا أحداً فيها، وأثناء خروجهما منها شعر ريدان بأمر غريب، ثم عاد إلى (حوش) الفلة مرة أخرى، وما هي إلا لحظات حتى سمع رمزي صوت ريدان وهو ينادي عليه بأعلى صوته مع سماع صوت تبادل إطلاق نار، فهرع رمزي وزملاؤه إلى داخل الفلة وأخذوا يتبادلون إطلاق النار مع أحد عناصر مليشيات الحوثي الذي كان موجودا في برميل القمامة في حوش الفلة، وفي تلك الأثناء فارقت روح ريدان الطاهرة جسده الذي كان ينزف بعد أن أصيب بعدة طلقات اخترقت صدره، فسقط على الأرض لتروي دماؤه الطاهرة تربة معشوقته عدن، رحمة الله على ريدان وعلى جميع الشهداء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى