من المسؤول عن اختفاء العملة المحلية وتدهورها؟ التجار يشترون الدولار من البنك المركزي بأسعار متدنية مقابل عمولات يدفعونها

> تحليل/ مازن الشحيري

> أين اختفت العملة اليمنية.. مع العلم أنها لا تتداول في أي بلد غير اليمن؟
قامت الحكومة بطبع أوراق نقدية بشكل كبير جدا من أجل توفير السيولة النقدية لرواتب الموظفين، مما أدى إلى تدهور سعر العملة المحلية بشكل كبير.
ولكي يدرك الناس مقدار الفشل الكبير للحكومة في استقرار العملة المحلية وقيمتها سنشرح بشكل مختصر جدا مثالا واحدا فقط لطريقة توفير السيولة النقدية للدولة لضمان الدورة المالية في البلاد.
كما يعلم الجميع أن الجزء الأكبر من السيولة النقدية في البلاد يتم تداولها بين الناس لتوفير احتياجاتهم من السلع التجارية المختلفة التي يقوم التجار بتوفيرها للسوق، وأكثر تلك السلع يتم استيرادها من خارج البلاد من قبل التجار بالعملة الصعبة وليس بالعملة المحلية.
تلك السلع تدخل عبر الموانئ والمطارات والمنافذ البرية التي تقع كلها تحت سيطرة حكومة الشرعية.. فإذا ألزمت الحكومة التجار المستوردين بإيداع المبالغ النقدية بالعملة اليمنية في البنك المركزي مقابل توفير العملة الصعبة (الدولار) لهم، عن طريق فتح اعتماد مالي في البلد الذي يراد منه استيراد تلك السلع، ومنع أي تاجر لا يلتزم بهذه العملية من الاستيراد، كما تعمل كل حكومات دول العالم لضمان الدورة المالية للعملة في السوق المحلية.
لكن الحاصل عندنا الآن أن التجار يقومون بضخ كل تلك الأموال بالمليارات لتجار محلات الصرافة لتوفير العملة الصعبة لهم لاستيراد السلع المختلفة من الخارج، حتى أصبح جزء كبير من السيولة النقدية محتجزا ومحتكرا لدى تجار السلع التجارية وتجار محلات الصرافة، وهذا يفسر - إلى حد ما - الانتشار الكبير لمحلات الصرافة في هذه الأيام.
مع العلم أن السلع المستوردة من قبل التجار ليست تجارية فقط بل حتى استراتيجية خاصة بالدولة مثل المشتقات النفطية التي تسحب من السوق المحلية المليارات يوميا تذهب لخزائن تجار العملة الذين بدورهم أصبحوا هم المتحكم الفعلي لتحديد قيمة العملة المحلية التي هي بالأصل وظيفة الحكومة والبنك المركزي على وجه الخصوص.
والمصيبة أن تجار محلات الصرافة يحصلون على العملة الصعبة من البنك المركزي بأسعار متدنية مقابل عمولات يدفعونها للحصول على تلك الأموال في أغلب الأحيان.
هذا مثال بسيط فقط عن حجم الفشل والتقصير المتعمد من قبل حكومة الشرعية في استقرار العملة المحلية وقيمتها، والأمثلة كثيرة إذا ما أرادت الحكومة توفير السيولة والحفاظ على الدورة المالية وعلى قيمة العملة، مثل جمع إيرادات الدولة المختلفة إلى خزينة البنك المركزي التي حالياً تجمع بشكل عشوائي على طول وعرض البلاد وتكدس خارج الدورة المالية للدولة ممثلة بالبنك المركزي، وغيرها من الحلول الاقتصادية التي تلجأ إليها الدول في مثل هذه الظروف إذا أرادت فعلا الحكومة العمل على استقرار العملة المحلية وقيمتها.
من خلال ما سبق حاولنا أن نوضح ونبين للناس الذين التبس عليهم الأمر من هو المسؤول الأول عن تدهور العملة.. أما بالنسبة للحكومة فنحن مقتنعون أنها فاسدة ولا يعنيها معاناة الناس وتحملهم الأعباء الاقتصادية المدمرة من جراء انهيار العملة المحلية من خلال الارتفاع الجنوني والمتزايد للأسعار بشكل يومي وفوق طاقة المواطن والذي ينذر بكارثة بكل ما تعنيه الكلمة إذا استمرت هذه الحكومة في هذا العبث، مستغلة الأوضاع السياسية وحالة الحرب التي يعيشها البلد حاليا والتي أصبحت شماعة تعلق عليها الحكومة فشلها لتمرير فسادها وعبثها المستمر بمقدرات هذا الشعب لكسب الأموال والاسترزاق ولو على حساب معاناة الشعب، والذي أصبح أمرا واضحا وضوح الشمس، ولا مخرج أو حل لذلك غير استبدال هذه الحكومة بحكومة كفاءات وطنية من أصحاب الاختصاص، حكومة تكنوقراط لتسيير حياة الشعب بعيدا عن الصراعات السياسية.
تحليل/ مازن الشحيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى