كرش.. تحررت من المليشيات ولم تتحرر من المعاناة

> تقرير/ عنتر الصبيحي

>
كان أبناء مديرية كرش شمال محافظة لحج قد تنفسوا الصعداء، حينما حررت المقاومة الجنوبية مسنودة بالجيش ما تبقى من أراضِ المديرية منذ شهرين من مليشيات الحوثي، غير أن الدمار الذي تعرضت له الكثير من المنازل، إلى جانب الألغام المزروعة في الأرض، والافتقار لأبسط الخدمات الحياتية شكل عائقاً أمام عودة الكثير من الأسر النازحة لقضاء شهر رمضان في مناطقهم التي غادروها مرغمين قبل ثلاث سنوات جراء الحرب.
كما تسبب الارتفاع الكبير في المواد الغذائية والاستهلاكية في حرمان الأسر من شراء مستلزمات شهر الصيام.
يكفي ما تجرعناه
يقول الحاج حسن جوبح (80 عاما): «صحيح أقبل علينا شهر رمضان هذا العام في ظل حرب ونزوح وتشرد وأزمات عدة تعصف بالبلاد والعباد لأكثر من ثلاث سنين، ولكن أملنا بالله كبير، فلن ينسى عباده، كما أن رمضان هو شهر الرحمة والعبادة والألفة، فلا تقلق يا بُني فقد تجاوزنا أهم الصعاب والعقبات ولم يتبقَ إلا القليل، ففي العام الماضي قضينا هذا الشهر ونحن في أرض النزوح، وها نحن اليوم في منازلنا، وبإذن الله تعالى سيأتي العام المقبل وقد انتهت هذه الحرب التي اكتوى بنيرانها الكل».
ارتفاع في الأسعار
وأوضح أبو خالد رائد الدعم أن «العديد من أرباب الأسر لم يتمكنوا من شراء متطلبات وحاجيات رمضان نتيجة الارتفاع غير المسبوق في أسعار جميع المواد الغذائية والاستهلاكية، وكذا في مادة الغاز المنزلي».
مواطنون: مخلفات الحرب وارتفاع الأسعار قتلت بهجة رمضان
 كما أن عدم حصول الكثير من موظفي الدولة على مرتباتهم حتى اللحظة لاسيما موظفي السلك العسكري والقضائي في المديرية زاد من المأساة، وعلى الرغم من هذا نقول الوضع الحالي أفضل مقارنة بالثلاثة الأعوام السابقة، فكما ترى نحن في منازلنا وقد منّ الله علينا خلال الأيام الماضية بالأمطار بعد أن قضينا ثلاثة رمضانات في مناطق النزوح بمديرية القبيطة في ظل شحة مياه خانقة وحرب مستعرة».
فرحة لم تكتمل
من جهته قال د. عزمي عبده السويدي: «يستقبل أبناء مديرية كرش الشهر الفضيل لعامهم الرابع على التوالي في ظل تشرد وشتات وظروف وأوضاع مأساوية للغاية، وغياب تام للخدمات الأساسية، مع تدهور وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية، بل إن العديد من الأسر ستستقبل شهر  الصيام وكلها حزن وقهر وألم، فما من بيت أو أسرة إلا وفقدت أبا أو ابنا أو أخاً أو حبيبا، وهناك من قدمت أكثر من فرد في العائلة، فضلاً عن المعاقين والجرحى، والمرابطين في الثغور، بعيدين عن أهاليهم، وما زالت الأراضي مزروعة بالألغام التي باتت تهدد حياة الناس وجعلتهم يعيشون في رعب مستمر».
نناشد الحكومة والمنظمات النظر إلى أوضاعنا الإنسانية
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: «تحررت كرش قبل شهرين ولكن المعاناة مازالت مستمرة، فهناك من الأسر من لم تستطع العودة لتهدم منازلها جراء القصف الحوثي على القرى في الثلاث السنين الماضية، فاضطرت للبقاء في أماكن نزوحها بمناطق العند والقبيطة وتُبن وعدن وغيرها».
وناشد السويدي عبر «الأيام» المنظمات المحلية والدولية ذات العلاقة والسلطة المحلية والحكومة «النظر بعين المسؤولية لأبناء المديرية وأوضاعهم الإنسانية التي يعانون فيها الحرمان من أبسط مقومات العيش الكريم، فضلاً عن افتقارهم للخدمات الصحية والجفاف الذي مازال يضرب بعض المناطق في كرش والتي ولّدت عبئاً إضافيا على عاتقهم».
ستعود الحياة
وقال د. فيصل العامري: «ذاق أبناء مديرية كرش حياة التشرد منذ ثلاث سنين بسبب الحرب، وبعد أن تحررت على يدي أبطال المقاومة الجنوبية المسنودة بقوات الجيش بدأت الكثير من العوائل بالعدوة خصوصاً بعد انتهاء فترة الدراسة لأبنائهم واشتداد موجة الحر في مناطق النزوح الرئيسية لهم كالعند وصبر بمديرية تُبن بمحافظة لحج، وبعودة تلك الأسر ستعود الحياة رويدًا رويدًا بإذن الله تعالى إلى مناطق المديرية، غير أن ارتفاع الأسعار وانعدام الخدمات، بالإضافة إلى الألغام الموجودة في باطن الأرض سيظل ذلك كابوسا يؤرق حياة المواطنين، إذا لم تتحرك المنظمات المتخصصة والجهات الحكومية المسؤولة بالاضطلاع بواجبها».
وأوضح المواطن مجدي الذوبي لـ«الأيام» أن «العديد من النازحين مازالوا في مناطق الربوع بالقبيطة بعيدين عن منازلهم ومحرومين من زراعة أراضيهم التي شهدت خلال الأيام الماضية أمطارا غزيرة، خوفًا من الألغام التي زرعتها فيها مليشيات الحوثي، فضلاً عن عدم مقدرتهم على شراء أبسط حاجيات شهر رمضان، نتيجة نيران الأسعار المشتعلة في كل شيء».​
تقرير/ عنتر الصبيحي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى