أبرز ضحاياها الأطفال.. الألعاب النارية تعبير سلبي بفرحة العيد في عدن

> تقرير/ نوارة قمندان

> ما إن يحل علينا عيد الفطر أو عيد الأضحى حتى تبدأ الطقوس والعادات المصاحبة لهما تتجلى بوضوح من قبل أفراد المجتمع لاسيما الأطفال.
وتُعد الألعاب النارية التي تحولت إلى ظاهرة في المرحلة الأخيرة على الرغم من الخطورة التي تُشكلها على سلامة صغار السن.

ويتزايد في العاصمة عدن الإقبال على هذه الألعاب في مواسم عيدي الفطر والأضحى وكذا الأعراس والمناسبات الأخرى، وهو ما أدى بالتالي إلى أضرار جسمانية ونفسية متعددة على الأطفال، في ظل غياب دور الجهات ذات العلاقة لضبط ومنع بيع هذه الألعاب، لما تُشكّله من خطورة على أفراد المجتمع.

يقول الطفل معاذ عبدالرزاق (15 عاما) «اعتاد والدي في أيام عيد الفطر المبارك شراء الألعاب النارية لي ولأولاد حارتي خاصة تلك التي تصدر أصواتا كبيرة كالانفجارات، وهو ما يجعلنا نقضي الليل في اللعب بها».
وتعرض معاذ كغيره من الأطفال لأضرارها، حيث أصيب، كما يقول، في وجهه بواحد من الصواريخ وسبب له نزيفا بجفن عينه وإصابات طفيفة في رقبته ويده، وهو ما جعله لا يرى لبرهة من الزمن سوى سواد ومجموعة من الألوان.

ويضيف: «عدت بعد الإصابة فوراً إلى المنزل وكنتُ أتوقع أن يصرخ والدي في وجهي أو يحرمني من الألعاب النارية، ولكن هذا لم يحصل وهو ما شجعني على مواصلة اللعب، فأنا لا أشعر بفرحة العيد إلا بها».
   
توتر وخوف
فيما تقول الحاجة سعاد أمجد (60 عاما): «ما عشناه من مآسٍ خلال الاحتلال الحوثي لعدن عام 2015م، والذي لم نشهده أيام الاستعمار البريطاني خلق في نفوسنا حالة من الخوف والهلع بمجرد سماعنا لأي أصوات سواء من الألعاب النارية أو المفرقعات».

وتضيف في حديثها لـ«الأيام»: «والدتي في عقدها الثامن ولكنها ما تزال تدرك كل شيء وهي مستوعبة لكل ما جرى من أحداث في الحرب الأخيرة، ومتى ما سمعت دوي أصوات الألعاب سرعان ما تسألني: هل عاد الحرب من جديد؟ إنها إحدى تداعيات وآثار الحرب السلبية على أبناء عدن بكافة فئاتهم»، متسائلة في ختام حديثها بالقول: «لماذا لا تمنع الحكومة بيع الألعاب النارية، خاصة التي تصدر أصواتا كبيرة كالانفجارات؟».

حريق بسبب الألعاب
وبينما كانت أسرة أحمد سعيد تغط في نوم عميق في أول أيام العيد كان طفل صغير يلهو بالألعاب النارية في إحدى حارات عدن، لتتسبب واحدة منهن بحرق جزئي في منزله.
يقول سعيد: «انتشر دخان الحريق حتى وصل إلى غرفة المعيشة، والذي لم نشعر به حتى أيقظتنا أصوات وصراخ الجيران يبلغونا عبرها عن وجود حريق بمنزلنا، وقد وصلت ألسنة اللهب إلى القرب من كيبل الكهرباء المسئول عن التوزيع لثلاثة منازل، وما كان منا إلا أن أخمدنا الحريق أولاً ثم الذهاب لتقديم شكوى بالأب المسؤول عن الطفل، ولكن حينما علمنا بأن الطفل لم يتجاوز عمره خمسة أعوام سحبنا الشكوى من الشرطة».

وتعرض المواطن نادر أحمد (29 عاما) لإصابات بالغة تركت آثارها على عينيه ورأسه ويديه حينما كان يحتفل بخطبة ابن اخته.
ويضيف لـ«الأيام»: «قمت بشراء ألعاب نارية للاحتفال، وبينما أنا ألعب بها هوت إحدى المتفرقعات على وجهي، ولم أتمكن وقتها من فتح عيني من شدة الألم فيما كان إخواني يصرخون من حولي، وبعد ذلك تم إسعافي إلى  مستشفى ابن خلدون بمحافظة لحج».
 
غياب المسؤولية
وأوضحت المواطنة لنا فضل أحمد (50 عاما) بأن انتشار ألعاب الأطفال في الأعياد والأعراس أمر أصبح يشكل كابوسًا مزعجًا على المواطنين.
وتتابع بالقول: «لديَّ ابنة تبلغ من العمر (30 عاما) وتُعاني من مرض الربو المُزمن، وبسبب استخدام هذه الألعاب وما يصدر عنها من أدخنة تُحرم ابنتي من الخروج من المنزل خلال أيام العيد، وما يؤزِّم من هذه المشكلة أنها تستخدم بكثرة من قِبل أفراد هذا الجيل الذي يفتقر لحس المسؤولية».

 أما المواطن أحمد صالح، وهو أب لطفلين فقال: «أصبحت هذه الألعاب جزءا لا يتجزأ من العيد، فلا يشعر طفليّ بفرحة العيد إلا بوجود المفرقعات والألوان، وهو ما يجبرني على شرائها، ولكن في العادة يكون استخدامهما لها تحت إشرافي، ثم كيف لا يكون اللعب بهذه الألعاب ممتعا وهي رمز من رموز السعادة».

وتقول المواطنة حنان عبد الواحد (25 عاما): «عادة ما تكون الأعياد فرحا وسعادة ولكن ما نشاهده في وقتنا الحاضر صار مغايرا تمامًا لما كان عليه في الماضي».
وأعادت حنان ممارسة هذه الألعاب من قبل أطفال صغار لا يعون مدى خطورتها إلى «غياب التوعية من قبل الأمهات والآباء بدرجة رئيسة».

غياب الوعي
وأوضح استشاري العين وجراحتها د.حسين النفيلي أن «عيادته استقبلت عشرات الحالات المصابة من الأطفال جراء اللعب بالألعاب النارية»، مؤكداً أن «هذه الأعداد في تزايد مستمر، نتيجة تحول هذه المشكلة إلى ظاهرة مع توفر الألعاب في الأسواق طوال السنة، وكذا لغياب الوعي لدى المواطنين لمدى خطورتها».

وأشار النفيلي في سياق حديثه لـ«الأيام» إلى أن «حالات الإصابة بالألعاب عادة ما تكون خطرة، وتمن خطورتها: بعتمة في القرنية بشكل مؤقت أو دائم، ونزيف في الغرفة الأمامية للعين نتيجة لقطع في قزحية العين أو أي جزء من مكونات زاوية العين، وانفصال في الشبكية أو نزيف في الجسم الزجاجي يتسبب بتكون مياه بيضاء نتيجة للإصابة مصحوب بارتفاع ضغط العين، وفقدان النظر بشكل جزئي، ونادرًا ما يعود إلى وضعه ما قبل الإصابة».
وأضاف: «في العادة كثيرًا ما نستقبل حالات تحتاج إلى تدخل جراحي طارئ، فيما تحتاج أخرى إلى جراحة نتيجة للمضاعفات التي تظهر بعد مرور فترة على الإصابة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى