أهالي عدن: لمن نشكو الغلاء؟

> تقرير/ نوارة قمندان

> دفع الارتفاع الجنوني في الأسعار في العاصمة عدن بالأهالي إلى تكوين حملة خاصة لمقاطعة بعض المبيعات في المدينة كوسيلة للضغط على التجار لخفض قيمتها وإجبارهم على عدم احتكارها وتخزينها بهدف رفع قيمتها في الوقت المناسب.
وشملت حملة المقاطعة- التي بدأت منتصف الشهر الجاري، وستسمر حتى الأسبوع الأول من الشهر المقبل- البيض والأسماك، لكونهما الوجبة الرئيسة للأسر العدنية وأطفالها.

وفي الوقت الذي يشكو فيه المواطنون من غلاء الأسعار الفاحش في المواد الغذائية والاستهلاكية، أعاد بعض التجار في المدينة السبب في رفع قيمتها إلى تجار الجملة وانهيار العملة المحلية أمام الأجنبية.
وأوضح أحمد سعيد (53 عاما) وهو مالك بقالة في المعلا: «إن الارتفاع الجنوني في الأسعار قلّل من عدد المشترين بنسبة كبيرة جداً».

وقال لـ«الأيام»: «في الشهر الماضي اشتريت البضاعة وعند نفدت ذهبت مرة أخرى لسوق الجملة لشراء بضاعة جديدة، غير أني فوجئت بارتفاع الأسعار، وهو ما أجبرني للعودة فارغ اليدين، نتيجة للارتفاع الحاصل في ثمن هذه المواد التي باتت تشهد صعوداً مستمراً، وهو ما ينعكس بالتالي على المواطن بدرجة رئيسة، ودائمًا ما يُحمل بهذا الصدد التاجر السبب ويخلق مشكلات له بشكل دائم أمام زبائنه الذين لا يترددون في بعض الأحيان بنعته باللص».
وأشار سعيد إلى أنه «بات يفكر في الوقت الحاضر إلى إغلاق محله فور انتهاء البضاعة المتواجدة فيه، والبحث عن عمل جديد مناسب له ولأفراد أسرته».

ارتفاع بنسبة 70 %
فيما أوضح فؤاد الصبيحي مالك بقالة في كريتر أن «نسبة الارتفاع في المواد الثانوية (الكماليات) وصلت إلى 70 بالمائة، في حين بلغت الزيادة في المواد الأساسية كالأرز والسكر والدقيق إلى 15 بالمائة، الأمر الذي أدى إلى عزوف المواطنين عن شراء الكماليات وضعف الإقبال على الضرورية منها، فعلى سبيل المثال من كان يشتري قطمة الأرز في الماضي يأخذ اليوم نصفها أو بالكيلو، ولا ندري كيف ستكون القدرة الشرائية لديهم مستقبلاً في ظل الصعود المستمر لقيمتها وتوقف المرتبات عن حد معين دون أي رفع أو تحسن من شأنه أن يقلل من معاناتهم المتفاقمة».

وقالت المواطنة نجيبة محمد، وهي أم لسته أولاد: «كانت وجبة البيض والجبن الوجبة المفضلة والسهلة لدى أطفالي، ولكن بسبب غلاء سعرها أصبحت لا أقوى على شرائها، كما أنني استغنيت عن مواد غذائية أخرى للسبب ذاته».
وأضافت: «توفير لقمة العيش أضحت همي الذي يؤرقني ليل نهار، خصوصاً أن زوجي يعمل بالأجر اليومي، ومرتبي الحكومي لا يلبي جميع مستلزمات الحياة».

وتساءلت أم محمد في سياق حديثها لـ«الأيام» بالقول: «إلى متى سيستمر التدهور لحالنا، وإلى متى سيظل أبناء جيل المستقبل ينامون من دون طعام، بل كيف سيتكوّن لديه حب الوطن ولقيادة دولته وهي التي حرمته منذ صغره من أبسط حقوقه؟».

يجب المقاطعة
وقال المواطن أحمد محمد: «عند سماعي عن وجود حملة خاصة بمقاطعة الأسعار كنتُ أول من عمل على تنفيذها من خلال الامتناع عن شراء البيض والسمك، على الرغم من أنها تُعد هي الوجبة الأساسية التي تقوم عليها السفرة العدنية، غير أن ما بعث في نفسي الإحباط هو عدم تجاوب المواطنين مع الحملة، وهو ما شجع في المقابل استمرار الارتفاع في الأسعار في كل  شيء».
وتمنى محمد من الجميع «الوقوف يدا واحدة، لتنفيذ المقاطعة والتي من شأنها أن تضغط على تجار المواد الغذائية بالبيع وستجبرهم على عدم تخزينها واحتكارها بغرض رفع قيمتها في الوقت المناسب».

أول حملة لمقاطعة الأسعار
ونتيجة للقفزات الجنونية في قيمة المواد المعيشية والاستهلاكية، أطلقت مجموعة من أبناء عدن للإغاثة والتنمية حملة «مقاطعة للأسعار»، احتجاجًا على ارتفاعها بشكل جنوني.
وبدأت الحملة انطلاقتها - وهي الأولى من نوعها-  في تاريخ 14 من الشهر الجاري.

وأوضح رئيس الحملة شوقي السقاف أن «حملة المقاطعة ستستمر حتى الأسبوع الأولى من الشهر المقبل، سيتخللها لقاءات ونزولات إلى الجهات المسؤولة التي لها علاقة بالأنظمة والقوانين».
ولفت السقاف في حديثه لـ«الأيام إلى أن «الحملة تضم في عضويتها مجموعة من المنظمات تزيد عن 20 منظمة بين مؤسسة وعضو».

أطراف عدة مساهمة في الغلاء
وأكد نائب رئيس الحملة محمد خالد بأن «هناك أطرافا كثيرة تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بقصد أو غير قصد في ارتفاع الأسعار، حتى الجندي الذي يقف للقاطرة أو الحاوية في الطريق ليأخذ منها أتاوات يساهم في هذا الأمر، والمشكلة أن كل طرف من هؤلاء يُبرر صحة تصرفه».

وأوضح جانبا مما نفذته الحملة بالقول: «المهام التي قام بها بعض أعضاء ائتلاف عدن للإغاثة وبعض الشخصيات المستقلة كثيرة ومتعددة منها اللقاء بنائب وزير الصناعة والتجارة سالم سلمان الوالي، تمخض عنه الاتفاق مبدئيا على أن يكون هناك لقاء موسع لأكبر قدر من المهتمين في هذا الشأن بحضور بعض المرافق ذات العلاقة والاختصاص».
وقال في ختام تصريحه لـ«الأيام»: «هناك حلول ولكن ما يتوجب علينا هو أن لا نفقد الأمل، وكذا العمل على رفع الوعي والثقافة المجتمعية، والتي من شأنها إيصال صوت المجتمع والحد أيضاً من العبث والتجاوزات الحالية».

غياب الدولة
وقال رئيس منتدى مديرية التواهي للتنمية والأعمال الإنسانية نادر نوشاد: «إن ارتفاع الأسعار باتت يُشكل خطرًا حقيقيًا على المواطن، خصوصاً في ظل الظروف المعيشية الحالية والصعبة».
ولفت في تصريحه لـ«الأيام» إلى أن نقاشهم مع نائب وزير الصناعة والتجارة كان «حول ارتفاع الأسعار، والاتفاق على تشكيل فرق ميدانية لمراقبة الأسعار».
وقال: «عرضنا عليه أيضاً مجموعة من الأفكار لمواجهة هذه المشكلة، ومنها مقاطعة البيض والسمك، لكونها تمثل أبسط قوت للأسرة العدنية التي باتت معظمها تعيش حالة مزرية جراء هذا الارتفاع الناتج عن غياب الدولة واحتكار التجار وتدهور العملة المحلية مقابل العملات الاجنية».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى