معالم عدن.. ماض عريق وواقع يحتضر

> تقرير/ كيان شجون

>  حضارة وثقافة وجمال أي مدينة يتجلوا بوضوح من خلال معالمها الأثرية والتاريخية، فكما يُقال “من لا ماض له لا حاضر له، ومن لا حاضر له لا مستقبل له".
مدينة عدن تمتلك حضارة ومعالم ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، فضلاً عن تميزها بموقعها الاستراتيجي الهام الذي أضفى عليها أهمية أخرى جعلها محط أنظار العالم أجمع منذ القدم.

مؤخراً تعرضت أبرز معالمها التاريخية للهدم أثناء احتلال قوات الحوثي وصالح للمدينة في أواخر مارس 2015م، وللخراب والبسط العشوائي من قِبل مواطنين غير واعين لفداحة ما يقومون به بحق وجه المدينة وحضارتها، مستغلين في ذلك غياب الحماية لها من الجهات المعنية.

منارة عدن
منارة عدن
والنتيجة تشويه وطمس وتدمير ونهب وبناء عشوائي على كثير منها وفي مقدمتها صهاريج عدن التاريخية، الأمر الذي سيترك هوة كبرى بين ماضي هذه المدينة العريق ومستقبلها القادم، في الوقت الذي قد أثر كثيرًا على حاضرها والذي لم يُعد يشاهد فيها أي من السياح الذين اعتادت أن تستقبلهم في كل وقت وحين.

تداعيات الحرب
وأوضح أحمد صالح، وهو خريج قسم الآثار، أن تدهور الوضع الأمني والحرب الدائرة رحاها في البلاد لأكثر من ثلاث سنين تسببت بعزوف السياح عن العاصمة عدن.
قلعة صيرة
قلعة صيرة

واستغرب خلال حديثه لـ«الأيام» عن "عدم قيام الجهات المسؤولة بدورها حتى الآن بترميم المواقع الأثرية التي تضررت أثناء الحرب كقلعة صيرة”، كما تمنى من إدارة الآثار والثقافة “حماية ما تبقى منها والحفاظ على هوية وحضارة وجمال العاصمة عدن”.

أسباب عدة
وأوضحت وديان محمد أن “هناك أسبابا كثيرة أفقدت مدينة عدن جمالها وحضارتها أبرزها الحرب الأخيرة والتي استهدفت بدرجة رئيسة معالمها الأثرية، وقلة وعي المواطن بأهمية تلك الآثار والذي دفعهم للبسط عليها، بالإضافة إلى غياب الدولة وإهمال الجهات المختصة.
وأكدت فاطمة العبادي، وهي مدرسة بكلية الآداب جامعة عدن، أن "المدينة تمتلك كنوزا سياحية في جميع أرجائها"، مطالبة بـ“وضع أشخاص مهتمين بالآثار والحضارة للحفاظ عليها وحمايتها".

وأوضحت لـ«الأيام» بأن “إهمال المعالم الأثرية في عدن والتي يعود تاريخها لآلاف السنيين يرجع لعدة أسباب منها: تدهور الفكر ووضع البلاد بشكل عام، والذي أدى بالتالي إلى إضعاف الجانب السياحي وحتى الزيارات التي كانت تشهدها من أبناء المحافظات المجاورة وأسرهم ممّن اعتادوا القدوم إليها بغرض التنزه في كثير من الأوقات والمناسبات”.

وحمّلت وديان محمد الجهات المعنية في عدن تردي وضع السياحة في المدينة، مؤكدة في ذات الوقت أن “الاهتمام بها من شأنه أن يوفر العديد من فرص العمل وسيعيد للمدينة هيبتها وجمالها أمام السياح الوافدين كسابق عهدها”.
فيما قال المواطن ياسر طه محمد: “لقد أحال الإهمال الكبير لصهاريج عدن التاريخية إلى مستوطنة للكلاب، كما تسبب إلى جانب تراكم القمامة وتدهور الحديقة وألعابها بعزوف الكثير من العوائل عنها”.
 
غياب دور الحكومة
المدير العام لمكتب الآثار في عدن محمد السقاف أوضح لـ«الأيام» أن “إهمال المعالم والمواقع الحضارية يعود إلى غياب الوعي الأثري لدى المواطن بأهمية الآثار وعدم استشعاره بالمسؤولية من جهة، والجهات الحكومية المسؤولة من رئاسة الحكومة وسلطة محلية والوزارة من جهة أخرى، الأمر الذي أدى بالتالي إلى تدميرها وطمس حضارة المدينة.. والحفاظ عليها يتطلب توفير إمكانيات مادية وهو ما يفتقرها مكتب الآثار في عدن فضلاً عن عدم توفر ميزانية تشغيلية، وقد طالبنا بهذا الخصوص الحكومة والمحافظ باعتماد ميزانية تشغيلية لكن لم يعتمد لنا شيء حتى الآن”.

وأضاف: “لدينا خطة لتنفيذ مشاريع ترميم لجميع الآثار الموجودة في عدن، وهي خطة تتطلب وجود جهات مختصة بالترميم، كون ترميهما بالمواد الحديثة ينهي عمر الآثار، وهناك مشروع أيضًا لقلعة صيرة والصهاريج وتحويلهما لموقعين سياحيين وثقافيين.
 أما فيما يخص الحماية الأمنية لهذا المواقع الأثرية فيها غائبة وقد طالبنا بتوفير حراسة لحمايتها والحفاظ عليها من النهب والبسط والتخريب ولمؤسف أنه لم يتم توفيرها حتى اليوم، ومع هذا نقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة في حال وصلنا بلاغ عن عمل تخريب أو بسط وغيره من خلال النزول للموقع لتحديد الضرر ومن ثم رفع مذكرة للجهات المختصة من سلطة محلية وأمنية والتي بدورها تقوم بضبط المخالفين”.

معالم مهملة
من جهته أوضح مدير مكتب السياحة في مديرية صيرة أحمد السلامي أن "سبب تراجع وتدهور السياحة في عدن هو الإهمال الموجود للمعالم الأثرية من قِبل الجهات المختصة بالآثار والمتسبب بطمس معالمها الحضارية".
وأشار في تصريحه لـ«الأيام» إلى  “وجود آثار قديمة أخرى مهملة وليس لأحد علم بها مثل السدود السبعة الواقعة في منطقة الخُساف بكريتر”.

وأكد السلامي بأن "غياب الحماية عرض كثيرا من الآثار في العاصمة للنهب كمعبد الهنود في الخساف (كريتر)، وأخرى للبسط والبناء العشوائي كما هو حاصل في الصهاريج".
وقال: “لدينا خطة لتحسين وضع السياحة في عدن منها مشاريع لإعادة تأهيل المنشآت السياحية التي تضررت في الحرب، ولكن لا نعلم متى سيتم تنفيذها، ونؤكد هنا بأنه متى ما تم الاهتمام بالمعالم الأثرية من الجهات المختصة ستنعكس نتائجه الإيجابية سريعاً وسيكون هناك ترويج للسياح ودول الخارج عن وجود معالم أثرية غنية في العاصمة عدن”.
وطالب مدير مكتب السياحة بصيرة بـ“ضرورة التنسيق بين الجهات المختصة لتوفير حراسة لحماية هذه المعالم من التخريب والنهب والطمس، باعتبارها تشكل رمزا لعدن وهويتها الحضارية”.


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى