رصاصة في سطح المنزل

> سالم بن سليم

> انطفأت المدينة، وغاص المنزل في عتمة مضاعفة.. الليل، ومؤخرات المنازل العملاقة  -مقارنة به- والتي تختفه من كل النواحي.
المنزل طيني صغير، وفيه خمسة أطفال، وأم.

الأم تعرف أين وضعت علبة أعواد الكبريت، وتعرف أين تجد رأس الشمعة النحيلة. الشموع رديئة، حصلوا عليها كصدقة من الدكان المجاور. إنها فقط تمنحهم فرصة جمع فرشهم والصعود إلى السطح..
الأم تقود أطفالها كبطة خبيرة. وتفرش لهم ناحية السطح الذي تجد نحوه النسمات فرصة من بين أرداف العمائر . الأب غائب.. غائب إلى الأبد.

الحكايات مستهلكة، وقد كبر الأطفال على سماعها. لقد أصبحت لهم حكاياتهم وعلى الأم أن تستمع الآن..
“سأسافر” قال الطفل “وسأبني منزلا فخما كهذا” منزل جارهم بالطبع.
– “ماذا لو أصبحت مسؤولا كبيرا؟.. سأبني منزلا نوافذه زجاجية”

- سيكسرها المتظاهرون.
– سأقتلهم.
الأمنيات تطول، والليل كذلك. المنازل مضاءة والسماء مضاءة .. فقط هذه البقعة، فاصلة صغيرة مظلمة في شارع راق ونظيف.. نظيف من القمامة.
– “تلك نجمتي”
– “بل هي نجمتي”
ويعود العراك، فتزجرهم الأم، وتعود لتهش البعوض عن الأجساد الأخرى النائمة.

– “لماذا لا يمكننا ان نحضر السهرة؟”
– “عندما تكبرون” قالت الأم.
– “لكنها قريب”
– “إذن استمعوا لها وأنتم في فرشكم”
البيوت مضاءة وبيت العرس أكثر، ومنصة السهرة أكثر وتلتهب أفواه بنادق الكلاشينكوف، يحتاجون إلى الرصاص في الحب كما في الحرب
ويعود العراك، ثم الصراخ.. الصراخ يكثر، والأم تزجر، لكنه لا يتوقف، يتدحرج الطفل نحوها. يترك خلفه خيطا داكنا.
“رأسي” يقول..  “رأسي ” . وحين أمسكت° رأسه كان دبقا ودافئا، ومثقوبا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى