في عدن.. لا فرق بين الصيدلية والبقالة!!

> تقرير/ وئام نجيب

>  بات انتشار الصيدليات المخالفة في عموم مديريات العاصمة عدن واحدة من أبرز المشكلات التي تُنذر بكارثة في المدينة، كما تسبب غياب دور الرقابة والتفتيش من قبل الجهات ذات العلاقة على انتشار الأدوية المهربة والتقليدية.
وأكد مسؤول لـ«الأيام» أن «المجاملة والمحاباة وغظ الطرف أسباب رئيسة وراء انتشار هذه الصيدليات».

وشجع غياب القانون بتحويل الكثير من البقالات إلى صيدليات لبيع الأدوية بطرق عشوائية دون رقيب أو حسيب.
وأوضح مدير إدارة الصيدلة والتموين الطبي في مكتب الصحة عدن د. عبدالله ناصر بن ناصر  أن «توقف دور الرقابة والتفتيش ناتج عن الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، والتغييرات الإدارية التي شهدها إدارة الصيدلة، والتي تسببت بحدوث نوع من التوتر في العمل».

وأضاف في تصرحه لـ«الأيام»: «خلق الانقطاع عن العمل أيضاً فجوة، ولسدها عملنا خطة لاستدعاء جميع ملاك الصيدليات وسيتم في كل مديرية بشكل منفصل، ومن ثم سنعمل على توضيح النظم والشروط القانونية، والأشياء المسموحة والممنوعة، وكذا بيان الغرامات والعقوبات، كما أننا بهذا الصدد نسعى لإعادة تشكيل اللجنة مرة أخرى وصياغة المهام ومباشرة عملها خلال الفترة القادمة».

قال: «كانت لنا في السابق لجان مهمتها النزول إلى الموقع المخصص لبناء الصيدلية للمعاينة الأولية، ولابد قبل افتتاحها ومنح التصريح الخاص بها أن تكون وفق القانون رقم 60 لعام 99 لقانون المنشآت الطبية والصيدلانية الصحية الخاصة، ومستوفية للشروط منها توفر الكادر الصيدلاني المتخصص والظروف المخزنية الملائمة لحفظ الأدوية من تكييف وتبريد، إضافة إلى سعة مساحتها التي يجب ألا تقل عن 24 مترا مربعا وذات بناء خرساني، ومن ثم يأتي دور لجان الرقابة والتفتيش، والتي نحن الآن في طور إعادة الترتيب لها لمزولة هذه المهنة على الصيدليات، وفي مجال الأدوية نسعى لتنظيم السجلات لدى الأطباء، حتى تكون هناك ضوابط عند صرف الأدوية، ومسجلة ووفق وصفة معتمدة، كما كان معمولا به في فترة ما قبل الحرب الأخيرة على عدن.. وفيما يخص الأدوية التالفة والمقلدة والممنوعة، نعمل في الوقت الحالي على وضع ترتيب الصفة القانونية لها، وكذا التنسيق مع رجال الأمن، والترتيبات الإدارية الأخرى ولكننا إلى الآن لم نقم بأي نزول».

وقال بن ناصر: «يتوجب على جميع الصيدليات أخذ الدواء من مصادر الشركات الرسمية المعتمدة، ولكن المؤسف هنا أن بعض الشركات لا تقوم بوضع ختم الوكيل على الأدوية التي تبيعها للصيدليات، الأمر الذي يُصعب على المواطن مراقبة الدواء، فمثلاً الوكيل الخاص ببيع الأدية ملزم على تسجيل التسعيرة الرسمية التي حددتها وزارة الصحة على العلبة مرفق بختم الوكيل الوحيد للجمهورية اليمنية، ويتبع ذلك وضع اسم الشركة، كون أن تسعيرة الأدوية غير ثابتة نتيجة لعدم استقرار العملة»، مؤكداً في السياق أن «جميع الصيدليات المفتوحة بصورة رسمية مستوفية الشروط».

وأضاف: «خطتنا القادمة هي استئناف العمل بالنزول للصيدليات، وسيتم خلاله إغلاق أي صيدلية لا يتواجد فيها كادر صيدلاني متخصص، حتى يتم توفيره، وهذا يسمى منع احترازي وقتي، كما سيتم إغلاق كافة الصيدليات المخالفة».
وفيما يتعلق بالرقابة على بعض الأدوية، في السابق كانت توجد هناك أدوية تخضع للرقابة الدولية كأدوية المؤثرات العقلية كالمهدئة والمنومة والنفسية، ولا تصرف إلا وفقاً للنظام وسجل ووصفة طبية في الصيدلية، وفي حال اكتشافنا مخالفة لهذه الاجراءات أثناء البدء بالنزول بهدف الرقابة والتفتيش سنعمل على حصر أعداد الكميات المباعة من هذه الأدوية لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وقد قمنا حالياً بهذا الصدد بتوزيع تعميم للصيدليات يتضمن ضرورة وجود وصفة طبية منفردة عند صرف هذه الأنواع من الأدوية مكونة من نسختين، الأصل منها يبقى بحوزة الصيدلاني والأخرى مع المريض على أن يكتب عليها (قد تم صرف الدواء)».

ونفى مدير إدارة الصيدلة والتموين الطبي في مكتب الصحة عدن الأخبار المتداولة عن إغلاق صيدلية في المنصورة، قائلاً: «هذا الموضوع لا أساس له من الصحة، ولا يحق لأي جهة إغلاق أي صيدلية إلا من خلالنا، وهنا نؤكد بأن اللجان الخاصة بنا تمكنت قبل الحرب من خلال النزولات الميدانية إلى الصيدليات، بمصادرة وضبط كميات كبيرة من الأدوية المزورة والمقلدة وإغلاق المخالفة منها، وإحالة بعضها إلى النيابة».

إتلاف أدوية
من جهته أوضح المدير العام للهيئة الدوائية في عدن د. عبدالقادر الباكري أن «مهمة الهيئة تتمثل بتوفير الأصناف الدوائية للمرضى، وفحص الأدوية الرسمية والمرخصة في المختبر الخاص بالهيئة»، مشيراً إلى أن «ما تم فحصه هذا العام يقارب 645 صنفا».
وأكد الباكري لـ«الأيام» بأن «معظم الأدوية متوفرة في الصيدليات من ناحية الاستيراد، وفقاً لمفهومها الواسع والذي ينقسم إلى قسمين: أدوية أساسية وهي متوفرة في الغالب، وأخرى خاصة».

وأضاف: « أيضاً توجد لدينا أدوية أخرى بنفس تركيبة الأدوية الخاصة، كأدوية أمراض الضغط والسكر، وفي حال وجدنا بأن أحد الوكلاء لم يستورد أصناف الأدوية الأساسية نعمل على نقل ترخيص استيرادها لتاجر آخر».
وفي رده عن مشكلة الأدوية المهربة وبيعها في الصيدليات، لفت المدير العام للهيئة الدوائية بعدن إلى أن «الأدوية المهربة مشكلة عالمية، وتشكل نسبة 10 بالمائة، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، من الأدوية الموجودة في العالم».

وقال: «نحن في البلاد نُعاني منها ولكن ليس بالقدر الذي يُشاع، وقد تمكنا عدة مرات من ضبط أدوية مزورة ومهربة، ففي العام الماضي فقط تم ضبط الكثير من الكميات المهربة بحوزة عدد من المسافرين في المطار قادمين من دولتي مصر والهند قبل أن يتم إتلافها، وبالإضافة إلى كميات كبيرة جداً في مديرية الشيخ عثمان قدرت قيمتها 130 مليون ريال وهي الأخرى تم إتلافها، وهناك محاضر موثقة بذلك وشاركت فيها جميع الجهات، وحاليًا هناك جهود كبيرة تُبذل بهذا الخصوص من قِبل مكافحة التهريب، والجمارك؛ لمنع دخول الأدوية المهربة والمزورة والمقلدة إلى البلد.. وخلال هذا العام لم يتم ضبط أي أدوية حتى الآن».

وأوضح د. عبدالقادر الباكري بأن «عملية تهريب الأدوية تتم وفق أساليب متعددة منها عبر حقائب المسافرين أو عن طريق البر أو البحر، نتيجة لمساحة الشواطئ الكبيرة التي تتمتع بها عدن، غير أن هذه الأخيرة أصبحت صعبة في الفترة الحالية بسبب مراقبتها من قبل قوات التحالف العربي».

عمليات تقليد وتهريب
وأكد مدير عام مكتب الصحة والسكان بالعاصمة عدن د. جمال خدابخش أن «آلية الرقابة على الصيدليات يصعب تنفيذها في مكتب الصحة لعدة أسباب منها الدور الضعيف للمكتب في الفترة الاخيرة، وضعف الدور الرقابي على مستوى المديريات في المحافظة».

وأوضح في تصريحه لـ«الأيام» أن «هذه الأمور شجعت على إعطاء تراخيص لافتتاح صيدليات لأي فئة كانت وبدون أدنى رقابة، والناتجة لعدم التنسيق بين المديرية ومكتب الصحة بالمدينة».
كما أكد خدابخش بأن «هناك عمليات تقليد وتهريب للأدوية من خلال المنافذ، وهو ما يجعل المواطن في متاهة لعدم معرفته بجودة الدواء الذي يتحصل عليه أهو معتمد أم مقلد»، وأضاف متسائلاً «هل الهيئة الدوائية تسيطر على جميع شحنات الأدوية التي تأتي عبر موانئ: عدن، والحديدة، والمكلا، والموانئ الأخرى لاسيما أن التراخيص تأتي عبرها؟».

غياب التنسيق
وقال: «نُعاني من عدم التنسيق بين الجهات الأمنية والجهات الرقابية في مكتب الصحة والمديريات، فمنذ مجيئنا للإدارة وهذا الوضع قائم، وقد تم إيقاف كافة الإجراءات السابقة، ولكننا نحاول بأن نأتي بآلية جديدة لانتظام الأمور والتنسيق مع الهيئة الدوائية، لنتمكن من توثيق كافة الصيدليات المخالفة عبر مديري المديريات، وبهذا الخصوص قمنا برفع كشوفات بالصيدليات المخالفة، وكذا التنسيق مع الوكالات بعدم تموينها، كما تم البدء بعمل الضوابط، منها توزيع تعميم على الصيدليات في جميع المديريات يقضي بمنع صرف أي أدوية مهدئة أو منومة أو منشطة، إلا بوجود وصفة طبية من اختصاصي وليس من طبيب عام، غير أن هناك من لم يلتزم به، وهو ما يتطلب تنشيط الدوريات التابعة للمديريات بالنزول إلى الصيدليات، وهذه المشكلة في الأساس تكمن بالضمير والوازع الديني، فأصبحنا في وقت يتم فيه صرف الأدوية بطرق عشوائية وكأن الصيدلاني مالك بقالة، وهو ما يُعد كارثة بحد ذاتها».

وطالب خدابخش في تصريحه لـ«الأيام» مديري المديريات بـ«ضرورة القيام بدورهم في تفعيل النزولات إلى الصيدليات، والتنسيق مع الجهة الرقابية والأمن ليتمكن كتب الصحة من إغلاق المخالفة منها».
وقال: «المؤسف هنا بأن كل شخص يعمل بمفرده، ومع هذا لم نيأس بل قمنا بإبلاغ كل مديرية بعدد الصيدليات المخالفة وغير المرخصة منذ شهرين، وحتى الآن لم يتم الرد علينا بشكل واضح، ونحن ليس بمقدورنا عمل شيء تجاه هذه المخالفات دون أن تتضافر جهود المحافظة والمديرية ومكتب الصحة والهيئة وأقسام الشرط لضبط هذه الأمور، ولابد هنا أيضاً على القائم بأعمال المحافظ من إنزال تعميم يوجه فيه مديري المديريات القيام بإغلاق الصيدليات المخالفة والتعاون مع مكتب الصحة»، مؤكداً بأنه «إذا تم ذلك ستُغلق جميع الصيدليات المخالفة في عدن خلال 24 ساعة».

مخالفات وتجاوزات
 وأوضح مدير عام مكتب الصحة والسكان في العاصمة عدن أن المشكلة الكارثية في عدن هي المجاملة والمحاباة وغظ الطرف، إضافة إلى عدم الانصياع إلى النظام والقانون.
وقال: «هناك تجاوزات كثيرة، وأصبحت المحسوبية فوق القانون، فمثلاً قبل إغلاق أي صيدلية يتم السؤال من وراء مالكها، وحينما نريد إيقاف صيدلة تبيع أدوية مهربة يقولون لنا (انتبهوا فلان يقف خلفها)، ومن التجاوزات أيضاً أن الأدوية المهربة عبر المنافذ تأتي بأموال وجاهات، وهو ما يجعلها بالتالي عرضة لأشعة الشمس، نتيجة لسوء تخزينها وطريقة نقلها».

كما أشار خدابخش إلى «ضعف التخزين من قبل الوكالات لعدم توفر معدات كهربائية لديها، التي من شأنها أن تساعدها على عملية تخزين الأدوية بشكل سليم، بالإضافة إلى إطفاء غالبية الصيدليات للمكيفات بعد انتهاء فترة عملها وهو ما يتسبب أيضاً بسوء تخزين».
وأشار إلى أن «جميع الصيدليات الموجودة في سور كلية الطب مخالفة ولا يوجد لديها تراخيص»، مطالباً من المأمور «النزول إليها لإغلاقها».

وقال: «ملاك بعض الصيدليات المخالفة اتخذوا من هذه المهنة استثمارا وتجارة للكسب بأي طريقة، في الوقت الذي لا يفقهون فيه معايير افتتاحها، فمثلاً ووفقاً للقانون يجب أن تكون المسافة بين الصيدلية والأخرى 100 متر، غير أن الواقع عكس ذلك تماماً فأصبح من لديه بقالة أو محل اتصالات يعمل على استبدلها بصيدلية، وهذه كوارث وتجاوزات موجودة على الأرض وتحتاج إلى سنوات، وإذا ما استمر الوضع بهذه الطريقة فسنتعرض لمشكلة كبيرة مع من يقف خلفهم، بل أصبح لكل وكالة أدوية عدد من الصيدليات في عدد من الأحياء، فضلاً عن انتشار بيع البندول والبروفنيد في البقالات والسبب في ذلك أن القانون واللوائح أضحت حبيسة الأدراج».

وأكد خدابخش في ختام تصريحاته لـ«الأيام» أن «خطته القادمة ستعمل على إعادة تفعيل الدور الرقابي في مكتب الصحة والمديريات، من خلال الضغط على المديريات بالتنسيق مع الهيئة الدوائية».                                                     ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى