الحاجة الصماء والبكماء فاطم.. تشكو وأهلها لـ«الأيام» استبداد شيخ قبلي بالحديدة

> تقرير/ نجيب المحبوبي

>
عندما يتحدث المرء عن الظلم والمعناة فمن الضروري أن يبدأ حديثه من تهامة الحديدة، تلك الأرض الطيبة المنسية نتيجة لطغيان الفاسدين وظلمهم لأهلها الطيبين بعد أن جردوهم من أبسط وسائل العيش ومتطلبات الحياة، على الرغم من امتلاكهم موقعًا جغرافيا واستراتيجيا في قلب البحر الأحمر من شأنه أن يُمكنهم من رغد العيش وترف الحياة.

قرية أبو زهر التابعة لمديرية الخوخة جنوب المحافظة واحدة من مناطق الحديدة التي تتمتع بطبيعة خلابة على امتداد ساحلها الذي يحتضن الآلاف من أشجار النخيل، هذه الطبيعة الساحرة جعلتها قبلة لجميع السياح القادمين من مختلف دول العالم خلال الفترة الماضية، وفي المقابل جعلها محل اهتمام الفاسدين والمتنفذين القادمين من المناطق العليا والذين جسدوا فيها الظلم في أبشع صوره.

تسلط
خلال زيارتي لساحل أبو زهر التقيت بالحاجة فاطم (70 عاماً) وبمجرد أن شاهدتني قامت بمصافحتي، كانت تتحدث معي بلغة الإشارة كونها (صماء بكماء)، لم أفهم حينها كل ما تقوله، لكن عرفت أن في قلبها شيئاً يجب أن يعرفه الجميع، فمن خلال إشارة يدها عرفت بأن هناك من قُتل عليها، وهناك من سجن وهناك من هو مقعد.. حينها استعنت بأحد الأطفال المتواجدين في المنطقة علّه يُفيدني بشيء مما أسعى للوصول إليه وقد أخبرني بدوره بأن لها ابنا قعيد الفراش، وآخر قتل، لكنه لم يحدثني بكافة التفاصيل، والتفاصيل من الحاجة فاطم لن تكون كافية، ولهذا كان عليّ أن أتوجه بمعيتها إلى منزلها المتواضع المكون من غرفة واحدة وحوش فقط، وفيه وجدت ابنها الشاب فؤاد طاهر الذي أطلق عليه أحد شيوخ مدينة الخوخة 21 طلقة رصاص في قدميه، لعدم مشاركته في إحدى عمليات الفوضى بالمدينة عام 2013 م.

إعاقة
يقول فؤاد في سرده لتفاصيل الحادثة لـ«الأيام»: «بينما كنتُ أسير في الطريق وحيداً في شارع (العاك) بالخوخة صادف تواجدي مرور مظاهرة يقودها الشيخ حسن ثابت العميسي، ذو المكانة والنفوذ، وقد دعاني وقتها للمشاركة وبسبب رفضي أطلق على قدمي 21 طلقة تهشمت على إثرها عظام قدمي الاثنتين، متسبباً لي بإعاقة منعتني من السير حتى الآن».

وبمرارة يضيف: «منذ إصابتي وأنا أتابع الجهات الأمنية لمحاسبة العميسي على جرمه ومنها بلاغات للنيابة في الخوخة وزبيد وأخرى لوزير الداخلية، وهناك أوامر بالقبض عليه ولكن دائماً ما كان الرد يأتي من هذه الجهات بأن الشخص المطلوب فار من وجه العدالة على الرغم من تواجده في الخوخة، ولكن لا أحد يستطيع القبض عليه نتيجة لنفوذه، مطلبي هذا طالبت به الحوثيين أثناء تواجدهم في أرضنا لكنهم تعاملوا معي مثل تعامل القبلية، حيث حضر إلى منزلي أحد المشرفيين وقال سيتم تعويضك بمبلغ مليون و500 ألف ريال يمني، وإذا لم تقبل فستنتهي قضيتك، وللعلم كان حينها العميسي أحد المؤيدين للحوثيين، ويحشد لهم الشباب للقتال في صفوفهم، ولأن قدميَّ كانتا حينها بوضع خطير نتيجة الصفائح الحديدية التي مازالت فيهما وافقت، ومع هذا لم يتم تسليمي
سوى مليون ريال فقط وخصموا منه مائة ألف لمصالحة المجهود الحربي، ولم أستطع وقتها أن أعمل شيئا، ووكلت أمري لله، وأجريت العملية الجراحية لاستبعاد الصفائح الحديدة من قدميَّ، وبعد تحرير قوات الشرعية لأرضنا تم القبض على العميسي لكن أُفرج عنه فيما بعد ومازال
يمارس حياته الطبيعية بالخوخة، غير أنه أصبح مكسورًا لانتهاء نفوذه السابقة.. وأجدها فرصة هنا لأوجه عبر منبر «الأيام» الحر مناشد لقيادة التحالف العربي بمحاسبة العميسي وإنصافي، كوني كنتُ أعمل صياداً في السابق وبسببه صرت مقعدا لا أستطيع الحركة، وأجبرت على بيع قاربي مصدر دخلي وأسرتي الوحيد، وما زاد من مأساوية وضعنا هو مقتل شقيقي الأوسط في البحر بعد إصابتي بعام من قبل القوات الإريترية حينما كان يقوم بالاصطياد، ثم وفاة والدي قهراً عليّ وعلى مقتل أخي، ولم يتبق إلا شقيقي الأصغر وهو الآخر قرر قبل عامين الرحيل إلى السعودية لكن تم القبض عليه ومازال حتى الآن يقبع في السجن هناك بتهمة باطلة».
أسرة الحاجة فاطم بحاجة ماسة للنظر إليها من رجال الخير والإحسان بتوفير أبسط متطلبات الأسرة، وتوفير كرسي متحرك لابنها طاهر، ليتمكن من التحرك، فالكرسي الذي يتوفر لديه قد عفى عليه الزمن.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى